الطرد في القرآن الكريم
الطرد لغة:
أصل واحد يدل على الإبعاد
والتنحية، وطردته أي نفيته عني، وطرده السلطان أي أخرجه من البلدة كما يقول ابن
فارس وهذا غير صحيح. وطردت الإبل أي ضممتها مع بعضها، والطريدة هي الصيد، ومطاردة
الأقران حمل بعضهم على بعض، لأنهم يطردون بعضهم، والمطرد هو الرمح الصغير، ومطردة
هي محجة الطريق، وأطرد الشيء أي تابع بعضه بعضاً، كأن الأول يطرد الثاني،
والطريدان هما الليل والنهار. ([1])
الطرد في القرآن الكريم:
الطرد في القرآن يتعلق بمحيط
مكاني ضيق، فغالبا هو الطرد من البيت أو الطرد من اللقاء، وكل النصوص تتحدث عن طرد
إنسان لإنسان، فمن ذلك تحذير الرسول أن يطرد المؤمنين الضعفاء {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ
يَدْعُونَ رَبَّهُم} [الأنعام: 52]، ومن المؤكد أن الرسول لن يفعلها مطلقاً، ولكن
الكلام موجه إلى الكفار، لكي يعلموا أن الرسول من المستحيل أن يفعل ذلك بناء على
أخلاقه وبناء على توجيهات ربه.
ولو أن الرسول عليه السلام
سيطرد الضعفاء، فحتماً لن يخرجهم من مكة، ولن ينفيهم خارج الدولة، ولكن سوف يمنعهم
من التجمع عنده، تلبية لرغبة كفار قريش، الذين يتأففون من الاجتماع بهؤلاء الفقراء
المساكين، فمعظم هؤلاء الفقراء تحت سلطة الكفار وليسوا تحت سلطة الرسول لكي يخرجهم
من المدينة أو الدولة، وإنما هم طلبوا أن يمنع الضعفاء من الاجتماع به في الندوات.
وبقية النصوص الأخرى تحكي
نفس المطالب التي طُلبت من نوحٍ، الذي يؤكد لقومه أنه لن يطرد هؤلاء الضعفاء {وَمَا
أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ ءَامَنُوا} [هود: 29] ونوح طبعاً لن يهجر هؤلاء من
مدينته التي يسكنها، ولكن قومه الجبارين كانوا يحتقرون هؤلاء ويرفضون الجلوس معهم
أو الانضمام معهم إلى نفس الدين، ولم يكن في صالح هؤلاء الجبارين نفي أو إخراج
هؤلاء الضعفاء من مدينتهم لأنهم عمال ورعاة وخدم لا يمكن الاستغناء عنهم فاكتفوا
بتعذيبهم لعلهم يعودون، ومحاولة إجبار نوحٍ بطردهم من مجلسه وندوته. ولو أن نوح أو
محمد فعلا ذلك وطردا الضعفاء، لانفض الناس من حولهما وانتهت دعوتهما، كما كان
يخطط هؤلاء الأغنياء مكراً.
هذا والله جل جلاله وتعالت
صفاته أعلم
علي موسى الزهراني
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك