الشغل في القرآن المكرم
الشغل لغة:
أصل واحد يدل على خلاف الفراغ. تقول:
شغلت فلان فأنا شاغله. والمشغلة الشيء الذي يشغلك. وجمع الشغل أشغال. والساكن يشغل
الدار، والكدس يشغل اتساع الجرين. ([1])
الشغل في القرآن
لم يرد جذر شغل إلا مرتين، وهو لا يعني
نوعٌ من أنواع العمل، ولا يعني عكس اللعب، ولا يعني نقيض الفراغ، بل يعني انشغال
الذهن والنفس من أجل إنجاز أي عمل أو فعل، فحتى عند اللعب أنت مشغول نفسياً
وجسمياً وذهنياً في ممارسة اللعب.
وقد يكون الانشغال هماً وتعباً وعبءً على
النفس مثل انشغال الإنسان بجلب الطعام، والعناية بأسرته كما في الآية المكرمة.
{
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا
أَمْوَٰلُنَا وَأَهْلُونَا}
[الفتح: 11].
فقد انشغل الأعراب عن تذكر الحروب مع
الرسول بهم وعبء أسرهم وأموالهم.
أما الآية
{ إِنَّ أَصْحَٰبَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ
فِي شُغُلٍ فَٰكِهُونَ } [يس: 55].
فهم مشغولون ذهنياً ونفسياً في أمر يجلب
الفكاهة والسرور والسعادة، فلا يوجد فراغ عند أصحاب الجنة، قد يؤدي إلى الضجر والملل،
بل هم في شغل يملأ وقتهم وفراغهم لكنه شغل اللعب والسرور والفكاهة.
أما تفسير التراث بأنهم مشغولون بفض
الأبكار، فأعوذ بالله من هذا التفكير، الذي لا يفهم معاني الكلمات، فالشغل ليس عملاً،
ولو كان عملاً أو فعلاً لاستخدم هذه المفردات، ولكنه عوضاً عن ذلك استخدم مفردة
شغل التي تعني انشغال الذهن في التأمل والتفكر.
الخلاصة:
أن الشغل ليس العمل، بل هو انشغال الذهن
والنفس من أجل إتمام عملٍ أو ممارسة لعبة بإتقان، ولهذا قد يكون الشغل متعباً إذا
كان هماً سببه القلق على الأموال والأسر، أو قد يكون مسلياً مفرحاً، إذا كان سببه
محاولة حل الألعاب أو انجاز المهارات والمغامرات.
هذا والله أعلم
علي موسى الزهراني
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك