المضي في القرآن المكرم
مضى لغة:
مضى
أصل صحيح يدل على نفاذ ومرور. والمضاء النفاذ في الأمر. والمضواء التقدم. ومضي
السيف مَضَاءً. والفرس يُكنى أبا المضاء. والمضاء هو نفاذ شيء مروره بغلظ أو قوة. ومضى
أي تقدم وجاز ونفذ ([1])
مضى في القرآن
وردت هذه المفردة في خمس آيات مبجلات، ونلاحظ
أنه يأتي بمعنى حسي مكاني، وبمعنى معنوي أي عبور الزمن
فمن
ذلك المعنى الحسي المكاني:
{وَلَا
يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ
تُؤْمَرُونَ } [الحجر: 65].
{لَا
أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ
حُقُبًا } [الكهف: 60].
{
وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَٰهُمْ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَٰعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ } [يس: 67].
ونلاحظ
بكل وضوح، أن المضي عكس الرجوع، وأنه تقدم إلى الأمام إلى مناطق جديدة، لم تطأها أقدام
موسى وفتاه، كذلك أقدام لوط وأسرته. كذلك لو أن المولى مسخ الكفار، لصاروا عاجزين
عن الرجوع أو المضي قدماً.
أما
المقصد المعنوي فقد جاء في نصين:
{
وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ
الْأَوَّلِينَ } [الأنفال: 38].
{ فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا وَمَضَىٰ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ } [الزخرف: 8].
ففي
الآية الأولى، يحذر المولى الكفار من عودتهم لأعمال الكفر، وإنه لو عادوا لسوف تمضي
سنة الأولين لتقضي عليهم، ويقصد به العذاب والعقاب سوف يمضي نحوهم قدماً.
أما
الآية الثانية فتعني أن العقاب والعذاب الذي صار على الأولين وصاروا مثلاً، أنه قد
مضى وتقدم في الزمن وأصبح الكفار المعاصرين للرسول لا يتذكرونه، فقد ظهرت أجيال
وأجيال ومضى ذلك العقاب ونُسي من الذاكرة. لهذا كانوا يستهزئون بالرسول والمؤمنين،
لأن الأمثال التي حولهم قد اندثرت ونُسيت ومضت قدماً في الزمن.
الخلاصة:
أن
المضي عكس الرجوع، فالرجوع هو العودة إلى نفس النقطة التي كنّا فيها، أما المضي
فهو التقدم إلى نقاط جديدة لم تطأها أقدام الشيء، مثل مضي موسى ومضي لوط، وهناك
مضي معنوي يقصد به المضي في الزمن، فتلك الاثار وقصصهم قد مضت أي تقدمت في الزمن
وصارت منسية. أو أن سنة الأولين قد مضت أي تقدمت في الزمن نحو الكفار لتقضي عليهم.
هذا
والله أعلم
علي
موسى الزهراني
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك