الضراء والأذي في القرآن المكرم
الضرر لغة:
الضر عكس النفع، قال أبو الدقيش: كل ما
كان من سوء حال وفقر وشدة في بدن فهو ضر. والمضارة في الوصية هو أن تنقص بعضها أو
توصي لغير أهلها. والضاروراء هي القحط والشدة، والضرر هو النقصان يدخل في الشيء.
والضراء نقيض السراء. والضرير هو الذاهب بصره ([1])
الضراء في القرآن الكريم:
يبدو أن الضر والضراء أقل ألماً من
البأساء، فكل إنسان يفترض أن يعيش حياته الطبيعية المستقرة، فإن نقصت تلك الحياة
صار في ضراء، فإن زاد النقص بشكل كبير صار في بأساء، فإن كان الضرر بسيطاً ومؤقتاً،
كان في أذى، فعدم القدرة على الرؤية ضراء، لهذا يطلق على الأعمى ضرير، ولو قل مال
الإنسان صار في ضراء، ولو داخله المرض صار في ضراء، وهكذا. والاضطرار أصله الضرر،
فنقص الشيء الطبيعي الذي هو ضرر، يضطر الإنسان إلى ما لا يريده، كمن يضطر إلى أكل
لحم محرم، لأنه في جوع شديد، {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا
إِثْمَ عَلَيْهِ}([2]) والمرض الذي لا يميت، ضر؛
فأيوب وصف مرضه بالضر {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ}([3]) فهو في ضراء. أما قوله
{وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا}([4]) فهو عن الزوجات اللاتي يتعرضن للأذى الشديد من الأزواج غير الراغبين
بهن، وذلك بحرمانهن من كميات الطعام المعقولة، أو الخروج أو أي حرمان من الأمور
الطبيعية.
الخلاصة:
أن الضرر والضراء هو العلة الدائمة على
عكس الأذى المؤقت، وهو أشد ألماً من الأذى وأقل من البأساء، فالحياة مع الضراء
ممكنة ومعقولة.
الأذى لغة:
يرى أصحاب المعاجم، أن أي شيء لا تقر
عليه هو أذى، والبعير الذي لا يقر في مكان هو بعير أذٍ وناقة أذية. وهو الشر
الخفيف، والمكروه اليسير، ولعل الأذى هو كل ما يشغل عقلك ويشتت فكرك، بلا فائدة ([5])
الأذى في القرآن الكريم
الأذى هو أخف أنواع الضرر{لَنْ
يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى}([6]) ومعظم الأذى المذكور في القرآن الكريم كان بواسطة اللسان؛ فقد يكون بالنميمة {لَا تَكُونُوا
كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا}([7]) أو بالغيبة أو الافتراء{وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ
وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ}([8]) أو بالمن {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ
يَتْبَعُهَا أَذًى}([9]) أو بالتحرش بالمؤمنات {يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ
يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا
يُؤْذَيْنَ}([10]) أو يكون بالسب والتحقير والإهانة {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ
أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا}([11])
وهناك أذى جسمي ولا يصل إلى درجة الضرر
الشديد، كالجماع وقت الحيض {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ}([12]) أو أذى المطر ([13]) وقت السفر {كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ}([14]) أو كان هناك حشرات أو جروح في الرأس عند الحج والعمرة {أَوْ بِهِ
أَذًى مِنْ رَأْسِهِ}([15])
الخلاصة:
سنجد أن الأذى هو نوع بسيط من الضرر، وأنه
مؤقت وليس دائم فالمطر مؤقت، وأذى الحيض مؤقت وأذى الرأس في الحج مؤقت. وكلام
الناس أيضاً مؤقت، وكل هذه الأضرار بسيطة ولهذا وصفت بأنها أذى وليس ضراء.
هذا والله أعلم
علي موسى الزهراني
([1]) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (2/ 719) تاج العروس (12/ 384)
المعجم الاشتقاقي المؤصل (3/ 1276)
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك