أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

الوصف والصفو والاصطفاء في القرآن المكرم

 




الوصف والصفو والاصطفاء في القرآن المكرم

الوصف لغة:

أصل واحد هو تحلية الشيء. والصفة الأمارة اللازمة للشيء. واتصف الشيء في عين الناظر: احتمل أن يوصف. ووصفت الناقة أي أجادت في السير. والخادم والخادمة وصيفان. ويقال أوصفت الجارية لأنها توصف عند البيع. وغلام وصيف أي شاب. وقد أوصف أي تم قدّه. ووصف المهر جاد مشيه ([1])

الصفو لغة:

أصل واحد يدل على خلوص من كل شوب. والصفاء ضد الكدر. وصفا يصفو أي خلص. ومحمد صفوة الله وخيرته من خلقه. والصفي ما اصطفاه الإمام من المغنم لنفسه. والصفي هي الناقة الكثيرة اللبن. والصفي هي النخلة الكثيرة الحمل. وسميت بالصفي لأن صاحبها يصطفيها.

وأصفت الدجاجة أي انقطع بيضها، فكأنها صفت أي خلصت من البيض. والصفا هو الحجر الأملس وهو الصفوان. وسميت بذلك لأنها تصفو من الطين والرمل. ويوم صفوان أي يومٌ صافي الشمس شديد البرد ([2])

رأي المفسرين في الوصف أو الصفو:

يزعم قتادة بن دعامة أن (يصفون) تعني يكذبون، واتفق معه مقاتل بن سليمان ويحيى بن سلام ([3]) وبحثت في التفاسير فلم أجد أحداً قد خالفهم، ذلك لاعتقادهم أن الجذر وصف يعني نعت واعتبروا وصف الكفار لله وصف فاسد ([4])

وصف وصفو في القرآن

ورد جذر الوصف في القرآن 14 مرة، وورد جذر الصفو في القرآن 18 مرة. وعند البحث عن الجذرين سنجد أنهما يعنيان نفس الشيء وهو التقسيم النوعي للأشياء مع زيادة في قيمة أو قدرة أحدهما عن الآخر. أو هو تصنيف الأشياء والتفريق بينها بناء على اختلاف نوعي فيها.

فلا علاقة للوصف بالنعت، فالوصف تقسيم نوعي، بينما الفرض والنصيب والحظ كلها مفردات تنظر للتقسيم من زاوية معينة، فالفرض هو تقسيم كمي بناء على قانون مضبوط، والنصيب هو استحقاق الشخص عند تقسيم الأشياء، والحظ هو حيازة الشخص لذلك النصيب. وهنا سنجد الوصف أو يصفون هو القسمة النوعية وليست الكمية، فهي مجرد قسمة نوعية أي بالنوع لا بالكم، كما هو الحال في قسمة الفرض التي هي تقسم الأشياء كمياً.

ولا علاقة لتلك الكلمة بالكذب، فهي ليست كذب، ولكن قد تكون قسمة كاذبة أي وهمية من صنع خيالهم، فهي تظل قسمة، ولكن قسمة في خيالهم وليست من عند الله الكريم، فالوصف أو الصفو هو القسمة النوعية، فإذا أضيف لها الكذب فهي قسمة نوعية كاذبة.

ولندرس الآيات المبجلات:

 

الوصف أو الصفو بين الله والبشر:

معظم الآيات تتحدث عن هذا الأمر، وهو التقسيم النوعي فلله البنات ولهم الذكور

{ أَفَأَصْفَىٰكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَٰئِكَةِ إِنَٰثًا }  [الإسراء: 40].

والذي يؤكد أن الصفو أو الوصف هو التقسيم قوله تعالى:

{ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَىٰ }  [النجم: 21].

{ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ }  [النجم: 22].

فهذا دليل دامغ على أن الصفو والوصف هو التقسيم النوعي للأشياء. ونلاحظ أيضاً أن هناك مزايدة، فهذا التقسيم النوعي يتضمن الأخيرية، فالمقسم يريد أن يحصل على النوع الأحسن والأخير، ويترك للآخر الصنف الأقل درجة.

وقد توعدهم المولى بالنار بسبب هذه القسمة النوعية التي تجعل لهم الأحسن وتعطي المولى الأسوء الذي يكرهونه، فكيف يقبلون على الله هذا الظن.

{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَىٰ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ }  [النحل: 62].

لاحظ عزيزي القارئ أن الآية اعتبرت الأمر مجرد (وصف) لساني أي تقسيم بلسانهم فقط وليس له واقع، فهو مجرد كذب كذبوه على أتباعهم.

أنظر هاتين الآيتين مثلاً:

{ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَٰبِدِينَ }  [الزخرف: 81].

{ سُبْحَٰنَ رَبِّ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ }  [الزخرف: 82].

فهي تشير إلى أن القوم يزعمون أن الله اتخذ الولد والولد هنا لا تعني الذكر، بل تعني الذكر أو الأنثى، وقد بينت الآيات الأخرى أنهم أعطوا المولى الإناث ولهم الذكور، لهذا نزهت الآية الأخرى المولى من هذا التقسيم النوعي الوهمي.

تقسيم الأطعمة والأنعام:

{ وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَٰذِهِ الْأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }  [الأنعام: 139].

وقد فسرها المفسرون كالعادة على أن الوصف هنا هو الكذب ([5]) فأين الكذب هنا؟ ببساطة ويسر يتضح من مجمل الآيات أن الوصف يعني تقسيم الشيء لصفين، أو نصفين، أو صنفين، أو أكثر من ذلك، أي تقسيم نوعي وليس كمي، وهي قسمة ظالمة، فهناك أنعام تكون للرجال فقط دون النساء، والمولى يتوعدهم لأنهم نسبوا هذه القسمة (الوصف أو الصفو) إلى الله ويجعلوها ديناً وشرعاً.

وفي الآية المكرمة

{ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ }  [النحل: 116].

فالقوم قسموا الطعام إلى نوعين، قسم حلال أكله وقسم حرام، فهذا هو الوصف أو الصفو الذي فعلوه، وهو تقسيم بألسنتهم لا حقيقة له، لهذا اعتبره الشارع كذباً، والكذب هو الزيف الذي يخرج من اللسان. فهنا يبين أن الصفو الذي فعلوه بالطعام فجعلوا منه قسماً حلالاً وآخر حراماً هو تقسيم نوعي لا حقيقة له من عند الله.

وصف أبناء يعقوب:

{ وَجَاءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }  [يوسف: 18].

بين يعقوب أن سبب فعلتهم مع يوسف هو الوصف الذي كان في عقولهم، فهم يرون أن يعقوب يجعلهم صنفين صنف يحبه كثيرا وهو يوسف وأخيه ﵟإِذۡ قَالُواْ ‌لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا ﵞ ([6]) أي أن يعقوب قام بعمل وصف أي قسمة نوعية بين أولاده فصنف يعطيه الحب كله وصنف يعطيه القليل من الحب، وهذا هو الدافع لفعلتهم كما بين يعقوب، فقد بين لهم أن الغيرة هي السبب في فعلتهم تلك، وأن يعقوب لا يصف بينهم أي لا يقسمهم قسمين قسم يحبه وآخر لا يكترث له، بل كلهم سواء عنده.

أما الآية المكرمة

{ قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ }  [يوسف: 77].

وهنا بين يوسف أنهم يصفون وهنا يصفون الأخلاق أي يقسمونها بين تلك العصبة وبين يوسف وأخيه، فلهم الأخلاق الحميدة وله ولأخيه الأخلاق الرديئة. لاحظ هنا أن يوسف قال الله أعلم بما تصفون، فلو قال الله المستعان كما قال أبوه، لكشفوا أمره، فكيف له أن يعلم أنهم يصفون الكذب، أي يقسمون الأخلاق بينهم وبينه وأخيه بالكذب، فهو يقول لهم لا أدري عن صحة كلامكم هذا وتوصيفكم لأولاد يعقوب فصنف أو قسم بأخلاق حميدة وصنف آخر بأخلاق رديئة.

وقد يسأل سائل إن كان الوصف أو الصفو هو القسمة، فلماذا لم يستخدم مصطلح الفرض حيث هو قسمة أيضاً؟ فنقول إن الصفو أو الوصف هو قسمة نوعية وليست كمية، فلو كان الكفار يعطون المولى عشرة أولاد ذكور وإناث، مثلاً، ولهم أولاد أكثر من ذلك أو أقل، فهم هنا يقسمون بالفرض أي الكمية، أما لو كانت القسمة نوعية فلهم الذكور وله الإناث فهو قسموا تقسيما نوعياً لهذا استخدم الجذر الوصف أو الصفو.

الاصطفاء لا يعني الاختيار:

الاصطفاء، هو فعل الوصف أو الصفو، فهو صناعة التقسيم النوعي وعمله، فعندما يتكلم القرآن عن الاصطفاء، لا يعني أنه المختار، فالاختيار مرحلة سابقة، ثم يليها الاصطفاء، فالاصطفاء هو ضم المختار إلى صف الفريق، فالمولى يختار الأشخاص الذين هم أهل لكل خير وصلاح، ليجعلهم في صفه ومن ضمن جنده، فهو تقسيم نوعي للبشر، بين الأصلح والأخير وبين بقية البشر.

فالمولى اصطفى إبراهيم

{وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَٰهُ فِي الدُّنْيَا}  [البقرة: 130].

أي بعد أن اختبره عدة مرات، اختاره، ثم بعد اختياره اصطفاه على بقية البشر، أي جعله في صفه ومن ضمن جنوده ومشروعه لإصلاح البشر.

وهذا الاصطفاء أي الضم إلى صف جند الله، لم يكن لإبراهيم وحده، بل سبقه آخرون ولحقه آخرون. لاحظ أن القرآن لم يذكر شخصاً قبل آدم، لأن الشيطان لم يكن قد عصى وعاند وخرج عن طاعة ربه، فصار يلملم جنوده ويصفهم في صفه ليحارب الفطرة ويحارب البشر، فكان آدم أول من صف في جند الله ووقف ضد الشيطان.

{ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمْرَٰنَ عَلَى الْعَٰلَمِينَ }  [آل عمران: 33].

وبعد أن يصطفي المولى أحدهم، يهبه من الهبات الكثيرة لكي ينفذ مشروعه، مثلما فعل مع طالوت، الذي تعرض حتماً، للاختبار، ثم الاختيار، ثم الاصطفاء، ثم التمكين.

{قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ}  [البقرة: 247].

وقد يكون الاصطفاء من الملائكة

{ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَٰئِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }  [الحج: 75].

أي أن المولى يختار من الملائكة من هو أحسن وأخير، فيصطفيه أي يجعله في صف الرسل، فهنا حدث التقسيم بين الملائكة فصنف من الرسل وصنف ليسوا كذلك، فتلك الرسل الملائكة تدخل في معركة مع الشيطان وأتباعه، لأنها في صف جند الله أي مصطفاة.

وعندما تختار شيئاً وتتخذه لنفسك فأنت تصطفي ذلك لنفسك أما عندما تختار شيئاً لغيرك فأنت تصفي لغيرك أي تصطفي ذلك الشيء، ولكن لغيرك

{ أَفَأَصْفَىٰكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَٰئِكَةِ إِنَٰثًا }  [الإسراء: 40].

{ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَىٰكُم بِالْبَنِينَ }  [الزخرف: 16].

{ أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ }  [الصافات: 153].

وقد يكون الاصطفاء للدين أي أن المولى اختار الدين الحق واصطفاه أي قسمه عن بقية الأديان الأخرى، وأهداه لمن يستحقه ويريده، أو أنه جعله لإبراهيم وذريته من بعده، فكانت الرسول تُبعث من ذريتهم، وذلك بناء على دعوة إبراهيم لذريته.

{ وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَٰهِـۧمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَٰبَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ}  [البقرة: 132].

 

وفي الآية المدهشة

{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَٰئِكَةُ يَٰمَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَىٰكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَٰلَمِينَ }  [آل عمران: 42].

فإن المولى اصطفى مريم مرتين، مرة بعد أن اختبرها، ثم اختارها، ثم اصطفاها فجعلها نقية طاهرة، فهذا اصطفاء لبشريتها فهي من ضمن البشر المصطفين، ثم بعد ذلك اصطفاها على النساء خاصة، لكي تنجب عيسى عليه السلام.

وجند الله الذين يصطفون مع جنده، ليس كلهم يحمل سلاحاً للقتال، فالمعركة فكرية وجدانية روحية، والأسلحة ليست مادية فقط، بل روحانية فكرية، بل هي المعركة الحقيقية، لهذا فكل من يصطفيه الله ليس بالضرورة يحمل السلاح المادي، بل يحمل الفكر والعمل ويكون النموذج للبشر.

{ قَالَ يَٰمُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَٰلَٰتِي وَبِكَلَٰمِي فَخُذْ مَا ءَاتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّٰكِرِينَ }  [الأعراف: 144].

وقد لا يكون الاصطفاء في جند الله، بل قد يكون الاصطفاء في أولاد الله، أي أن الله يجعل صفاً من البشر والكائنات أولاداً له، فهذا الاصطفاء سيكون في صف أولاده، والمولى ليس في حاجة إلى الولد الكبير المتعال، أي النص يرد عليهم بأن الله هو الذي يقرر من يصطفى لكي يكون ولداً له وليس هم.

{ لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَٰنَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَٰحِدُ الْقَهَّارُ }  [الزمر: 4].

والعسل المصفى في الجنة، يتم نزعه من بقية المواد وجعله في صف لوحده، لهذا سماه عسل مصفى، وهو ما نفهمه بأنه عسل خالص من الشوائب، وعسل نقي، أي عسل تم نزعه عن بقية المواد فكان في صفو أو وصف لوحده.

{وَأَنْهَٰرٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى}  [محمد: 15].

الخلاصة:

إن الصفو والوصف في نظرنا وتصورنا هما جذران لمعنى واحد وهو التقسيم النوعي بين الأشياء، فأنت عندما تزيل الشوائب عن الحبوب المفيدة فأنت تقوم بالصفو أو الوصف، أي تقوم بقسمة ما أمامك إلى حبوب نافعة وأخرى غير مفيدة.

والمرأة التي تنظف بشرتها ويقولون بشرتها صافية، فهي قامت بالصفو أو الوصف، أي قسمت ما كان بوجهها إلى نوعين، نوع أزالته وأبعدته وهو الأتربة وما شابهها، وأبقت البشرة نقية صافية.

وهكذا عندما قام المشركون بجعل الأولاد نوعين ذكر وأنثى، فهما قاموا بالوصف أو الصفو فجعلوا نصيبهم النوعي هو الذكور ولله الإناث.

كذلك عندما قام إخوة يوسف بتقسيم حب يعقوب، فجعلوا حب يعقوب ليوسف وأخيه، ولهم قلة الحب أو عدمها لهذا استخدم يعقوب الجذر وصف أو صفو. كذلك عندما قسموا الأخلاق بين يوسف وأخيه فجعلوا لأنفسهم الأخلاق الحميدة وجعلوا ليوسف الأخلاق الرديئة، لهذا قال لهم يوسف إنهم يصفون.

وليس للوصف علاقة بالكذب، إلا لو كان هذا الوصف أي التقسيم النوعي باطل مزيف فيضاف له نعت الكذب. كذلك ليس له علاقة بالنعت فهو ليس بنعت، فهو مجرد تقسيم نوعي للأشياء، وإن كان هذا التقسيم سيؤدي لاحقاً إلى التمييز مما يؤدي إلى سهولة نعت الأشياء، فلو صففنا الأخلاق المقبولة عند البشر، فنحن قمنا بتمييزها، مما يسهل علينا القول إنها أخلاق حميدة، يشكر الناس فاعلها، وبهذا ساهمت في نعت الأشياء وتمييزها.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «مقاييس اللغة» (6/ 115) «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (3/ 1234)

([2])  «مقاييس اللغة» (3/ 292) «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (3/ 1231)

([3])«موسوعة التفسير المأثور» (8/ 528): «موسوعة التفسير المأثور» (15/ 363): «تفسير الطبري» (11/ 10 ط التربية والتراث) «تفسير ابن أبي حاتم» (4/ 1362)

([4])«تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن» (2/ 502)

([5]) «موسوعة التفسير المأثور» (8/ 633)

([6]) [يوسف: 8] 

ali
ali
تعليقات