أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

سن وسنن في القرآن المكرم

 



سن وسنن في القرآن المكرم

سنن لغة:

السنن هي الطريقة. وامض على سننك أي على وجهك. وتنح عن سنن الخيل أي عن وجهه. وجاءت الطريق سنائن أي جاءت على طريقة واحدة لا تختلف. والسُنة أي السيرة. والسُنة ضرب من تمر المدينة. وسن رجل إبله أي أحسن رعيتها والقيام عليها. والسنُّ هو الثور الوحشي. والسنُّ جبل بالمدينة. والسنُّ الأكل الشديد. والسنُّ القِرنُ، يقال فلان سِنُ فلان أي كان قِرنه في السن. والسِنّ مقدار العمر. والسِنُّ هو الضرس. وأسن البعير أي نبت ضرسه. وسن السكين أي أحدّها. وسنن المنطق أي حسنه. وسنّ الأمر أي بينه. وسنّ الطين أي عمله فخاراً ([1])

سنن في القرآن

من خلال معاجم اللغة سنجد أن السنة هي الطريقة المصقولة والتي ليس فيها نتوءات، أو هي الطريق المصقول بلا انحرافات، ولا تجد في القرآن إلا سنة الله، فلا توجد سنة لنبي أو رسول وإنما هو يتبع ما أمره الله به، فهو يسلك سنة الله التي حددها وصقلها للبشر.

ولهذا قال القرآن أنه لا بديل عن سنة الله ولا تحويل

{سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا}  [الإسراء: 77].

{سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}  [الأحزاب: 62].

{فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}  [فاطر: 43].

{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}  [الفتح: 23].

فطريقة المولى في التعامل مع المجرمين ثابتة ومصقولة ومحددة وهي القضاء على أئمة الكفر، فلا سنة أخرى معهم

{ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }  [آل عمران: 137].

{ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }  [النساء: 26].

ورغم أن بعض النصوص نسبت هذه السنة للأولين، فهي لا تقصد أن الأولين لديهم سنة، بل هي تقصد سنة الله في الأولين وكيف عاقبهم

{ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا }  [الكهف: 55].

{ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَٰنُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَٰفِرُونَ }  [غافر: 85].

الحمأ المسنون:

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَٰنَ مِن صَلْصَٰلٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ }  [الحجر: 26].

{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي خَٰلِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَٰلٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ }  [الحجر: 28].

{ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَٰلٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ }  [الحجر: 33].

وردت هذه التركيبة في ثلاثة نصوص كما في الأعلى، وهي تبين أصل الكائن البشري في بدايته، فقد تم تحضيره من صلصال، هذا الصلصال تم تحضيره من حمأ وبغض النظر عن معنى الحمأ فإنه حمأ مسنون، أي حمأ مصقول ومنظم ومرتب.

ومقصد هذه الآيات الثلاث المكرمات، أن تبين أصل الإنسان وأنه مجرد طين وهذا الطين ليس أي طين، بل حمأ وهو مسنون، فلا يصح أن يتكبر الإنسان ويعلو، وهذا أصله، أو بداية خلقه. والإنسان يعني أعلى البشر أو من له سلطة وقوة ومال وعلم، ويتحكم في كثير من الإنس، لهذا يذكر المولى هذا الإنسان ببداية خلقه وتكوين أصله.  

وقد يكون لآيات أصل البشر جانب إعجازي علمي، لم ندركه اليوم، فإن كان كذلك فسوف ندركه غداً، ولو أن المسلمين بذلوا الجهود، فلربما استطاعوا سبر مجاهيل هذه العلوم وأصل البشر.

أما الآية التي تخاطب الملائكة التي تخبرهم أن المولى سيخلق بشراً من صلصال من حمأ مسنون، فهذا ليؤكد لهم أنه خلق كائناً من أصل ضعيف، لا قوة له مقارنة بهم الذين يتكونون من الجسد وليس من الجسم.

ومع هذا يأمرهم أن يسجدوا له، أي يسلموا له ويطيعوه، رغم فارق القوة والقدرة، ولا ندري حكمة المولى من ذلك، فلعله كان اختباراً لهم، لكنهم كانوا طائعين، إلا إبليس الذي كان من ضمن الملائكة، وهو من صنف الملائكة الجن، فأظهر ما كان يكتمه ويخفيه، فتم طرده.

الخلاصة:

نجد أن السنن هو الشيء المصقول، وأن السنة هي الطريق المصقول المحدد، وأنه لا توجد إلا سنة الله، ولا توجد للبشر سنن إلا ما سنه الله لهم، وأن الحمأ المسنون هو المادة الطينية التي تم صقلها وتشذيبها والتي صُنع منها الإنسان.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية» (5/ 2138): »«تاج العروس من جواهر القاموس» (35/ 223): «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (2/ 1077):


ali
ali
تعليقات