أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

حصل في القرآن المكرم


 

حصل في القرآن المكرم

حصل في المعاجم:

أصل واحد وهو جمع الشيء، ولهذا سميت حوصلة الطائر بهذا الاسم، لأنه يجمع فيها طعامه. وزعم بعضهم أن التحصيل هو استخراج الذهب والفضة من الحجر ويقال للفاعل المحصل. والحاصل: ما خَلَص من الفضة من حجارة المعدن. والحاصل من كل شيء: ما بقي وثبت وذهب ما سواه. والحصل هو البلح قبل أن يشتد ويظهر ثفاريقه. وحصل الفرس إذا اشتكى بطنه من أكل التراب ([1])

حصل في القرآن:

{وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات : 10]

لم يُذكر هذا الجذر إلا مرة واحدة في القرآن؛ فلهذا يجب أن نراجع الجذور القريبة منها، فنجد الجذر حصن، والحصن تتجمع الأشياء للحماية ([2]) كذلك نجد حصد، وهو جمع القمح والشعير ([3]) ولهذا سنجد أن حصل قريب من هذه المعاني، فهو أيضاً جمع وقد درسنا لفظة جمع ولفظة أحصى، وتبين لنا أن الجمع للأشياء المادية المحسوسة مثل جمع الجنود.

كذلك وجدنا أن الإحصاء هو جمع الأرقام والصور وكل ما هو غير حسي، مثل إحصاء أعمالنا التي قمنا بها، وهنا سنجد أن حصّل مثل أحصى، ولكن للأعمال المخفية التي في الصدور والتي نسميها النوايا، فكتاب أعمالنا لا يحصي إلا أعمالنا الظاهرة التي سجلها الملك المسؤول عن ذلك، ولكن هناك أعمال قلبية مخفية لا يستطيع الملك أن يراها، لكن المولى ذو الجلال هو من يعلمها فيخرجها بالتحصيل.

واستخدم الجذر حصل لأنه يشير إلى العثور على كل ما هو مخفي ومجهول، فنقول مثلاً: حصلنا الذهب بعد بحث طويل. وذلك لأن مكانه كان مجهولاً لنا، وكذلك لأن التحصيل يعني الجمع لعناصر كثيرة وليس لعنصر واحد، فنحن حصلنا الذهب في الجبل، ولم يكن في مكان واحد، بل متعدد، فلو كان التحصيل لشيء واحد فقط، فلربما استخدم الجذر "وجد"

وهكذا هي نوايانا المخفية لا تظهر لأنها في الصدور، فلهذا هي تُحصل أي يتم جمعها وإخراجها من مكانها وهو الصدر، كما الحال في الحصاد الذي يجمع القمح من المزرعة ويستخرج منها.

وهذا يؤكده القرآن، فعندما يتم الحساب، ويُحضر الكتاب، وتظهر أعمالنا، فإنه يجب إخراج ما في الصدر لعمل المطابقة، وهو الذي يسميه التحصيل ، أي لكي يتبين لنا النية من وراء هذا العمل، فإن كانت النية المحصلة من الصدر هي النفاق وبحثاً عن الجاه، وليس لرضى الله وطاعته، فإنها تصبح هباء منثوراً كما يقول القرآن

{ وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَٰهُ هَبَاءً مَّنثُورًا }  [الفرقان: 23].

فلا يكفي النظر في كتاب أعمالنا، بل يجب المطابقة مع النيات التي في الصدور، وهي التي سيتم تحصيلها أي جمعها ولمها لأنها مخفية ومدسوسة. وهذا يفسر لنا لماذا قال المولى في الآية التالية: { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ }  [العاديات: 11]، لأن الله وحده يعلم ما تخفي الصدور  { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ }  [غافر: 19].

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «مقاييس اللغة» (2/ 68): المعجم الاشتقاقي المؤصل (1/ 446)

([2]) «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (1/ 447):

([3]) «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (1/ 443):

ali
ali
تعليقات