أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

طفق في القرآن المكرم

 


طفق في القرآن المكرم

طفق في المعاجم:

يقول علماء اللغة أن طفق من أفعال الشروع، وأن جملة (طفق يفعل كذا وكذا) تعني: ما زال يفعل كذا وكذا.  ([1])  

فما أفعال الشروع؟

يطلق أهل اللغة على بعض الأفعال عبارة (أفعال الشروع) مثل: أخذ، قام، بدأ، طفق، جعل، هب، وغيرها. وهي تمهد للحديث عن قيام الشخص بفعل من الأفعال مع استمراره في العمل. وأضيف إلى كلامهم، أمرين: أن هذا الفعل يتكرر باستمرار، ففعل الشروع يؤكد على أن هناك تكرار للفعل وليس حدوثه مرة واحدة، فلو قلنا: أخذ المزارع يحصد زرعه، فهو هنا يكرر عملية الحصاد حتى ينتهي. والأمر الثاني هو أن لكل عمل، فعل شروع خاص به، خاصة فيما وجدناه في القرآن الكريم.

الرأي الصحيح:

نجزم أن استخدام طفق هو الصحيح، وأنه أحسن فعل مناسب تم استخدامه عند ذكر قصة آدم وقصة سليمان مع خيله، بل نجزم أنه لا يمكن استبداله بفعل آخر من أفعال الشروع كما ينعتونها.

{وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [طه : 121]

{رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص : 33]

فمرة يقول طفق مسحاً ومرة يقول طفق خصفاً، وقبل أن نغوص في معنى طفق يستحسن أن ندرس فعل آخر مشابه له وهو "تفتأ"

{قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف : 85]

فلماذا لم يقولوا له " تطفأ تذكر يوسف" أو تأخذ تذكر يوسف. أو تستمر؟

لأن الفعل تفتأ هو المناسب، فهو تكرار لفعل يقوم به، ونرى أنه مأخوذ من التأتأة والتفتفة، وهي تكرار الكلام مع الاضطراب، أي أنهم يقولون له تتأتئ بيوسف وتفأفئ بذكره. وهذا في رأينا ليس فعل شروع، بل هو فعل حقيقي يوضح ما كان يقوم به يعقوب من تكرار الكلام. ويعقوب لم يكن يتأتأء ويتفتف، لكنهم شبهوا تكراره لاسم يوسف بأنه كمن هو مصاب بهذين الاضطرابين.  

كذلك الحال في طفق، هو ليس فعل شروع، بل هو فعل حقيقي، لكنه يشبه أفعال الشروع في التكرارية، فسليمان وآدم كانا يكرران الفعل نفسه عدة مرات.

فما هو هذا الفعل؟ إنه تحريك اليد!

نعم تحريك اليد من الأسفل للأعلى والعكس، والاستمرار، هكذا فعل سليمان مع أعناق خيله، فكان يمسحها بأن يضع يده ثم ينزلها للأسفل لكي يمسح عنق خيله.

وهذا ما فعله آدم وحواء، كانا ينزعان الورق من الأشجار، ليسترا السبيلين بتلك الأوراق، مع تكرار الفعل حتى غطيا كامل السبيلين.

لاحظ عزيزي القارئ، أن الفعل طفق له ابن عام مشابه له في الحركة، وهو "قطف" فحركة اليد واضحة فهي من الأعلى للأسفل، ولهذا نرى أن طفق مأخوذ من قطف، ولكن يختلف عنه في النتيجة، فنحن نقطف الثمار، ولكن نطفق الأوراق وغيرها، أي ننزعها من أصلها، وننزلها للأسفل، ولهذا نقول أن طفق ليس من أفعال الشروع، بل هو فعل حقيقي صحيح، لكنه يتكرر على عكس قطف، فقد يكون لمرة واحدة ولا تكرار فيه. فالعرب اشتقوا من قطف فعل طفق، ليبينوا أنه مكرر وأنه أخذ منه نفس اتجاه الحركة وهي من الأعلى للأسفل. وقد يكون العكس أي أن قطف مأخوذ من طفق وأن طفق هو الأصل.  

أما قولهم: "طفق المزارع يحصد" فلا نرى صحتها لأن الحركة هنا أفقية، إلا إن كان مقصدهم حصد الثمار من الأشجار، فحينها سيكون الفعل هو المناسب، لأن الحصاد تكرار ولأن الطفق هو المناسب، فهو مثل قطف، وهو ما يقوم به المزارع بالفعل.   

الخلاصة:

نفهم من هذا ما كان يفعله آدم وسليمان، كان آدم ينزع الأوراق ويلقيها على جسمه، وجسم حواء، فكانت حركته رأسية متكررة، كذلك كان سليمان يحرك يده طفقاً أي حركة رأسية حتى يمسح بأعناق الجياد. وهذا سوف يساعدنا في فهم قصة آدم بإذن الله.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) جمهرة اللغة (2/ 919)

ali
ali
تعليقات