هل تحول اليهود إلى قردة على الحقيقة؟
من الموضوعات المحيرة والتي تدعو للبحث
والتساؤل، موضوع تحول اليهود إلى قردة وخنازير، هل هو على الحقيقة أم المجاز؟ وهل
القردة الحاليين من نسلهم؟ ولماذا تحولوا إلى قردة وخنازير دون بقية الحيوانات؟ في
هذا البحث سنرد على كل الأسئلة ونبين الحقيقة التي نجزم بصحتها بإذن الله.
رأي
أهل الرواية:
يرى أهل الرواية أن المولى مسخ ([1]) اليهود على الحقيقة وليس
المجاز، وأنهم عاشوا ثلاثة أيام فقط لا يأكلون ولا يشربون، ثم ماتوا. لكن واحد
فيهم وهو مجاهد بن جبر يرى أن المسخ كان لقلوبهم وليس لأجسامهم، فلم تعد قلوبهم
تقبل وعظاً. ويرون أن المسخ إلى خنازير حدث أيضاً لليهود بسبب امرأة كانت تدعوهم
للجهاد فرفضوا فمسخوا إلى خنازير.
ويرجح صاحب التفسير الوسيط أن المسخ في
السلوك والتصرفات فقد تشبهوا بالقرود في التقليد الأعمى وتشبهوا بالخنازير في
الانغماس في كل قذارة، أما عبد الطاغوت فيرى أنهم عبدوا الكهنة ورؤساء الضلال. أما
ابن قتيبة فيرى أن القرود والخنزير الحاليين هم من ذرية تلك القرود والخنازير، لكن
ردوا عليه بحديث منسوب إلى الرسول أنه لا يعيش من يمسخ إلا أياماً ولا يجعل لهم
نسلاً ([2])
تصرفات
القردة والخنازير:
لكي نفهم النصوص الكريمة، فيجب أن نعرف
ما القرود والخنازير وما سلوكياتها؟ حتى تتضح لنا الصورة، وهذه المعرفة ستجيبنا
على سؤال مهم سوف نطرحه آخر المقال وهو لماذا جعلهم الله قردة وخنازير؟
تصرفات
القرود:
لدى القرود الكثير من التصرفات السلبية،
وأهمها شغفهم بالطعام وذلك يعود لعدة أسباب:
- غريزة
البقاء: فلأن الطعام لا يتوفر بانتظام فإن القرود تأكل بشراهة قبل أن يخطف الطعام منها
أو ينفذ.
- نشاط
القرود: فالقرود كثيرة الحركة مما يجعلها تستهلك كثير من الطاقة، مما
يدفعها إلى الشراهة.
- كما
أن القرود تحاول تخزين الطاقة في جسمها حتى تستهلكها عند الجوع، مما يدفعها إلى مزيد
من الشره.
- وبسبب
التفاوت الطبقي عند القرود، وحصول أهل الرياسة فيهم على معظم الغذاء، فإن الأقل شأنا
منهم يسارعون في الأكل قبل وصول الأقوى.
- كما
أنها حيوانات فضولية، فهي تريد تجربة أي طعام جديد، فإذا وجدته التهمت منه الكثير لفضولها
وشغفها.
كما أن للقرود نعوت أخرى قبيحة، كالسرقة فهم
ماهرون فيها، ويفعلونها بإقدام وسرور. كذلك فيهم فوضوية، فتدمر المحاصيل والمزارع،
وتعبث بالحاويات وتبعثر النفايات. ويميلون إلى الصراخ على كل أمر.
أما الظلم لديهم فله فنون، فهم طبقات والقوي
يأكل الضعيف، فالقوي يعض ويصرخ ويدفع، لكي يفرض هيمنته. وحياة الضعيف لديهم قصيرة،
بسبب المرض وقلة الطعام وتعرضهم للتنمر. كما أن الأقوياء هم من يحصل على الطعام ويطردون
الضعفاء عنه، كما أنهم يحصلون على حق التزاوج دون الضعفاء، وكذلك أماكن الراحة.
ماذا
عن الخنازير؟
الخنازير أشد وأنكى، فهي أكثر تخريباً من
القرود، فهي تأكل محاصيل المزارعين وتدمر انتاجهم، بل تعتبر آفة زراعية كبرى. وهي لا
تشكل خطراً على المزارع فقط، بل على النظام البيئي نفسه وذلك أنها تقوم بتغيير تركيب
التربة التي تعتمد عليه النباتات والحيوانات الأخرى. بل وصل بهم الضرر أنهم يساهمون
في تآكل التربة والذي هو خطر كبير على خصوبة التربة ومدى قدرتها على الحفاظ على المياه.
كما أنها قذرة تحب التمرغ في الوحل، وهي تسبب
في تلوث المياه الصالحة للشرب. ناهيك عن رائحتها القذرة. وكذلك نقلها للأمراض مثل داء
التهاب الدماغ الياباني، أو داء الكلب، أو إنفلونزا الخنازير، وهو أشهرها. ولن نتحدث
عن لحمها الفاسد فهو خارج موضوعنا، ولكن للتنويه فهي تنقل الطفيليات إلى الإنسان عبر
لحمها مثل دودة الخنازير الشريطية وداء الشعرينات. كما أنها عدوانية وعنيفة إذا شعرت
بالخطر.
النصوص
القرآنية:
ثلاثة نصوص كريمة، جاءت على ذكر تحول اليهود
إلى القرود والخنازير، وإن أردنا الدقة أكثر، نصان كريمان يبين تحول اليهود إلى قردة،
بينما النص الثالث فقد أضاف له تحولهم إلى خنازير وعبد الطاغوت، ولم يحدد اليهود
لوحدهم بل أهل الكتاب كلهم.
إليك الآيات الثلاث:
{ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ
مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ
الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّٰغُوتَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا
وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ } [المائدة:
60].
{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا
مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَٰسِءِينَ } [البقرة:
65].
{ فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُوا عَنْهُ
قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَٰسِءِينَ } [الأعراف: 166].
ولا يمكننا استخراج الحقيقة والبت في
الخلاف، بين أهل الحقيقة والمجاز، إلا بتحليل هذه النصوص والفصل بين الحق والباطل
في هذا الأمر.
حجة
أهل المجاز:
يرى أهل المجاز أن المسخ كان في سلوكهم
وتصرفاتهم، فبعض أهل الكتاب، جعلهم الله يتصرفون كالقردة والخنازير، كما يقول
أصحاب هذا الرأي وقد أتوا ببعض الأدلة القرآنية المكرمة:
{ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ
عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث}
[الأعراف: 176].
{أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَٰمِ بَلْ هُمْ
أَضَلُّ } [الأعراف: 179].
{كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ} [الجمعة: 5].
حجة
أهل الحقيقة:
يرون أن النصوص واضحة وصريحة، وتؤيدها
الأحاديث النبوية، فقد تم مسخ القوم إلى قرود على الحقيقة، وأنهم عاشوا أياماً
معدودة وماتوا بدون أكل أو شراب.
الرأي
الصحيح:
السؤال الكبير هل تحول اليهود إلى قردة
على المجاز أم الحقيقة؟
والجواب الصحيح هو نعم ولا!
ولكي نفسر هذا الكلام نحتاج إلى تحليل
النصوص الثلاثة بالأعلى:
الأدلة
على تحولهم إلى قرود على الحقيقة والمجاز:
-
عندما ذكر تحولهم إلى قردة فقط، ذكر أن المولى قال لهم كونوا، وقد
شرحنا "كن فيكون" وبينا أنها للمعجزات والغرائب، وهذا ذكر في الآيتين
البقرة والأعراف، وفي جماعة مخصوصة هم أصحاب السبت. {قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً
خَٰسِءِينَ }([3])
-
ثم ذكر النص بعدها بأن هذا التحول جعله الله نكالاً وموعظة للآخرين،
أي تحذيراً، فلو كان التحول إلى قردة هو للتصرفات، فكيف سيعرف الآخرين ذلك ما لم
يكن تحولاً ظاهرا وحقيقاً.
-
أما آية المائدة، فلم تستخدم "كن فيكون" بل قال النص أن
الله جعلهم قردة وخنازير، والجعل كما درسنا هو تغيير، ولكنه ليس أبدي، وليس معجز،
بل هو يستخدم الأدوات الموجودة، فيصنع منها مادة جديدة أو يحول شيء لآخر، أما
"كن فيكون" فهي الإعجازية والتي حصلت لأصحاب السبت.
-
في قصة أصحاب السبت، أخبر أنهم "خائسون" والخسأ هو طأطاة
الرأس مع انكسار ومذلة وهوان شديد، فلو أنه قصد تحول أصحاب السبت إلى قردة مجازاً،
لما شعر هؤلاء بالانكسار والهوان، لأن الذي يتطبع بالخنزرة والقردنة، لا يشعر أنه
كذلك ويحسب أنه الإنسان الكامل.
-
ما حدث لبقية أهل الكتاب أن سلوكهم وتصرفاتهم وطباعهم كانت قردية
وخنزيرية وعبدة للطواغيت، فلم يحدث لهم تحول حقيقي كما أصحاب السبت. وهنا نؤكد أن
أهل الكتاب هم اليهود والنصارى وليس اليهود وحدهم كما تقول التفاسير.
-
عندما تحدث عن القردية والخنزيرية ذكر أنهم "شر مكاناً، وأضل
سبيلاً" وهذا يؤكد أنهم لم يتحولوا إلى قرود على الحقيقة، بل في الطباع.
هل
القردة الحاليين من نسل أهل السبت؟
بالطبع لا، فإن القرود تواجدت على الأرض
منذ ملايين السنين، وقبل الإنسان، وأنه لا ذنب لذرية أهل السبت الذين تحولوا إلى
قرود، أن يتحولوا مثلهم إلى قرود، والصحيح أنهم تحولوا "وليس مسخوا" دون
أن يتكاثروا ولعل الرواية التي تزعم أنهم لا يأكلون ولا يشربون، تبدو معقولة، لأن
النص يقول "خاسئين" أي طأطأوا رؤوسهم من الذل والمهانة والانكسار، وهذا
يدلل على وعيهم بما حصل لهم من تحول، ولهذا دخلوا في اكتئاب حاد، أماتهم بعد حين،
ذلك أنهم كانوا سادة الناس، فكيف لو تحولوا إلى عبيد لهم، ناهيك عن أن يتحولوا إلى
قرود غير بشرية.
ماذا
يعني القردية والخنزيرية وعبدة للطاغوت؟
﴿ قُلۡ یَٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ هَلۡ تَنقِمُونَ
مِنَّاۤ إِلَّاۤ أَنۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡنَا وَمَاۤ أُنزِلَ
مِن قَبۡلُ وَأَنَّ أَكۡثَرَكُمۡ فَٰسِقُونَ 59 قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ
مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَیۡهِ وَجَعَلَ
مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِیرَ وَعَبَدَ ٱلطَّٰغُوتَۚ أُو۟لَٰۤئِكَ شَرࣱّ
مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ عَن سَوَاۤءِ ٱلسَّبِیلِ 60 وَإِذَا جَاۤءُوكُمۡ قَالُوۤا۟
ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُوا۟ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُوا۟ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ
بِمَا كَانُوا۟ یَكۡتُمُونَ 61 وَتَرَىٰ كَثِیرࣰا مِّنۡهُمۡ یُسَٰرِعُونَ فِی ٱلۡإِثۡمِ
وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ﴾ [المائدة:
59-62]
أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى، كان
فيهم فئات، على نعوت هذه الحيوانات، والآية تبين -كما نحسب، بل نجزم- أن تلك
الفئات من أهل الكتاب كانت تصاب بداء القردية وداء الخنزيرية وداء عبادة الطواغيت
في نفس الوقت، فمن كان قردياً في سلوكه وتصرفه ونعوته، كان في نفس الوقت خنزيراً
وعبداً للطاغوت.
وقد بينا سلوكيات القردة والخنازير
بالأعلى، ونجد كثير من الجماعات البشرية على هذه الشاكلة، ففيها الشره نحو الطعام،
وفيها القذارة، وفيها الظلم والعدوان وهو مستساغ عندهم، وفيهم أن السرقة شرف
وكرامة.
وهم عبيد للطاغوت أي الطاغية، الذي
يسومهم العذاب، فهو القائد والرب العظيم. إن هؤلاء القردة والخنازير يعشقون
بالضرورة الديكتاتور ويمجدونه، فهم ينظرون إلى أنفسهم كبهائم على الحقيقة، لأنهم
اقتربوا من البهائم ومن أردأ البهائم وهي القردة والخنازير.
لماذا
هم في حاجة إلى الطاغية؟
هم في حاجة إلى قائد يسوقهم كما تساق
النعاج، فيطيعونه في كل قرار، دون تفكير أو منطق، ذلك أنهم لا يريدون تغيير في
حياتهم، فهم ملطخون بالوحل ولا يريدون الخروج منه، لأن الخروج منه مكلف ويتطلب
تضحية ونضال ضد شهوات النفس، خاصة وأن الظلم مستفحل فيهم، والسرقة فن من فنونهم،
والكسل والإهمال غاية، لهذا دعاءهم الدائم " الله لا يغير علينا" وكل ما
نحتاجه قائد طاغية يبيح لنا الظلم والتهتك والكسل، ونبيح له الظلم والطغيان. إنه
عقد اجتماعي بين طرفين قذرين، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
لهذا نقول أن القردوية والخنزيرية وعبادة
الطاغية، هي سلوكيات ونعوت تقع في الشخص الواحد، تتقبل نفسه تلك النعوت فيتطبع بها،
فالآية تبين حقيقة الإنسان الواطي الذي تمرغ في وحل القذارة والدونية والرضى بتعاليم
وقرارات الطاغية الظالمة.
حقيقة
أهل السبت:
﴿وَسۡءَلۡهُمۡ عَنِ ٱلۡقَرۡیَةِ ٱلَّتِی كَانَتۡ
حَاضِرَةَ ٱلۡبَحۡرِ إِذۡ یَعۡدُونَ فِی ٱلسَّبۡتِ إِذۡ تَأۡتِیهِمۡ حِیتَانُهُمۡ یَوۡمَ
سَبۡتِهِمۡ شُرَّعࣰا وَیَوۡمَ لَا یَسۡبِتُونَ لَا تَأۡتِیهِمۡۚ كَذَٰلِكَ نَبۡلُوهُم
بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ﴾ [الأعراف: 163]
﴿وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةࣱ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ
قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابࣰا شَدِیدࣰاۖ قَالُوا۟ مَعۡذِرَةً
إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ 164 فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦۤ
أَنجَیۡنَا ٱلَّذِینَ یَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلسُّوۤءِ وَأَخَذۡنَا ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟
بِعَذَابِۭ بَءِیسِۭ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ 165 فَلَمَّا عَتَوۡا۟ عَن
مَّا نُهُوا۟ عَنۡهُ قُلۡنَا لَهُمۡ كُونُوا۟ قِرَدَةً خَٰسِءِینَ 166﴾ [الأعراف:
164-166]
انتشرت في أهل السبت النعوت القردية
والخنزيرية، وقد أشار القرآن إلى بعضها:
﴿ٱلَّذِینَ ٱعۡتَدَوۡا۟ مِنكُمۡ فِی ٱلسَّبۡتِ
﴾ [البقرة: 65]
فهم من أجل الطعام خالفوا أمر الله، واعتدوا
في السبت.
{ فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُوا عَنْهُ} [الأعراف: 166].
فعاقبهم الله بالعذاب وأنجى المؤمنين، لكن
أصروا على الصيد في السبت، فحولهم المولى إلى قرود على الحقيقة. لقد اتضح عنادهم
واصرارهم على فعل المعصية حتى يأس الآخرون منهم
{ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ
تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا
مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [الأعراف: 164].
بل انتشر فيهم الظلم
{وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ
بَءِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }
[الأعراف: 165]
هل
تنطبق على المسلمين صفة القردية؟
في الحقيقة لو نظرنا إلى حالنا اليوم،
فنحن أقرب الشعوب إلى القردية والخنزيرية، فأهل الكتاب اليوم في تقدم وتطور، وأهل
نظافة في عمومهم، وليس فيهم شره على الطعام وتظهر فيهم النحولة في الأجسام، ولا
يوجد بينهم طاغية إلا قضوا عليه. أما المسلمون ويا للأسف، شوارعهم قذرة وبيوتهم
ومياههم ومطاعمهم، وفينا الصراخ بلا عمل، وفينا الشره الشديد للطعام، ونحن نعيش
لكي نأكل، بينما الغرب والشرق فيأكلون لكي يعيشوا. ونحن عبيد للطاغية كلما ظهر
دكتاتور مجدناه وجعلنا منه إلهاً، فصوره تعلق في كل الشوارع والبيوت والمكاتب، وهو
لا يأت إلا بأقبح الأفعال، فنراها الأجمل.
الخلاصة:
نعم تحول أهل السبت إلى قردة على الحقيقة
بسبب عتوهم وإصرارهم، فرغم أن المولى أرسل عليهم عذاباً في بادئ الأمر لعلهم
يرجعون، فقد أصروا وعاندوا، فحولهم المولى إلى قردة على الحقيقة بــــ "كن
فيكون" أما بقية أهل الكتاب وحتى المسلمين اليوم، فإن تحولهم جاء بــــ
"جعل" وليس "كن فيكون" أي تحول طبيعي يتفق مع الناموس، فلم
يكن هناك إعجاز، بل هو تحول في الطباع والتصرفات، وهو قابل للزوال، والعودة
للإنسانية، لأن "جعل" ليست أبدية، فقد يغير الله الحال مع تغيير ما
بأنفسنا، وتضحيتنا ونضالنا ضد شهواتنا، ورغبتنا في الارتفاع إلى الإنسانية، ودون
الخضوع للطاغية الديكتاتور كما العبيد.
هذا والله أعلم
علي موسى الزهراني
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك