أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

هبط في القرآن المكرم

 


هبط في القرآن المكرم

هبط في المعاجم:

هبط كلمة تدل على انحدار. والهبوط هو الحدور. والهبيط هو الضامر من الإبل. والهبطة ما تطامن من الأرض. ورجل مهبوط أي نقصت حاله. وهبط المرضُ لحمه أي نقصه وأحدره وهزله.  وهبط الشحم أي تنقص واتضع وقل. وهبط الزمان أي ذهب ماله ومعروفه ([1])

هبط في القرآن:

بداية جميعنا يسلم أن الهبوط هو الاتجاه نحو الأسفل.

لكن كيف تكون طريقته؟

زعموا أن الهبوط هو النزول وهذا باطل، فالنزول هو السقوط العامودي ودون وجود وسيط يساعد تلك الحركة الهبوطية، فالحجر يسقط من السماء سقوطاً حراً، وعامودي، ولا يستعين بوسيط لكي يسقط، إذا كان ناتج عن انفجار بركان.

أما الهبوط كما نزعم، فهو نزول تدريجي بزاوية غير عامودية أي بزاوية تقريباً (45) درجة، وهناك وسيط وهو كما نزعم الجبل المائل بهذه الزاوية، فإذا نزل الشخص من الجبل فلا نقول نزل بل نقول هبط، لأنه ينحدر بوجود وسيط وهو الجبل ولأنه ينحدر بزاوية نصف عامودية كما ذكرنا.

فهل الآيات تؤيد هذا؟

 

اهبطوا مصر:

{اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ}  [البقرة: 61].

هرب موسى وقومه إلى قمة جبلٍ، بعيداً عن الأعداء، فطالب قومه ببعض الأطعمة، فهم في مكان جبلي وليس يتوفر لهم بذور للزراعة. وقد رجحنا بأدلة أن موسى خلص قومه إلى مناطق جبلية.

لهذا قال لهم اهبطوا، لأنهم في مناطق جبلية والهبوط يعني بزاوية (45) فالقوم كانوا بعيداً عن المدنية والحضارة، في الفيافي لا يجدون إلا منتوجات مواشيهم ودواجنهم. أما قول موسى اهبطوا مصراً، فلا يقصد الهبوط ناحية ديار فرعون، وإنما أي مدينة من المدن، ولم يستجب القوم لخشيتهم أن يتعرضوا للعبودية مرة أخرى، فهم عبيد وهكذا تعرفهم عليهم المدن كلها المجاورة لمدينة فرعون.

هبوط آدم:

{وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}  [البقرة: 36].

كذلك آدم كان في جنة علوية جبلية، فأمرهم المولى بالهبوط، أي الانحدار التدريجي بزاوية نصف قائمة، وعبر وسيط هو الجبل نفسه. والجنة التي في القيامة، لم تُخلق بعد، والمولى كان يريد آدم خليفة في الأرض، وكل حياته على هذه الأرض، ولكن خصه بجنة خاصة ومؤقتة على هذه الأرض، هو ومن معه من البشر، فلما عصى هبط منها.

هبوط الحجر:

{وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ }  [البقرة: 74].

الحجارة هنا يقصد بها حجارة الأرض، ويتكلم خاصة عن حجارة الجبل، فهي من خشية الله تهبط، ولأنها في جبل فهي تهبط ولا تسقط ولا تنزل، فهي تنحدر بزاوية نصف قائمة.

أما حجارة السماء فهي تنزل وقد ذكر عدة مرات أن السماء تمطر بها، ذلك لكثرتها فهي تنزل كالمطر

{فَأَمۡطِرۡ عَلَيۡنَا حِجَارَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ}  [الأنفال: 32].

الخلاصة:

القرآن دقيق جداً في وضع الألفاظ المناسبة، فهو لا يتكلم مثلنا، بل يحدد بدقة، هذا التخصيص يجعل القرآن غني عن الشرح المطول، فهبط تعني من انحدر من القمة للأسفل بوجود وسيط هو الجبل أو مثيله، والحركة متأنية وليست سريعة كالنزول والسقوط، والهبوط عكسه الصعود، بينما النزول عكسه العروج، والرفع عكسه الخفض كما سوف نرى.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني  

 



([1]) «معجم مقاييس اللغة» (6/ 30): المعجم الاشتقاقي المؤصل (4/ 2281)

ali
ali
تعليقات