أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

لماذا زيد هو الوحيد المذكور في القرآن ولماذا أُجبر الرسول على الزواج من طليقته؟

 

ضريح زيد بن حارثة

لماذا زيد هو الوحيد المذكور في القرآن ولماذا أُجبر الرسول على الزواج من طليقته؟

ﵟمَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٖ مِّن قَلۡبَيۡنِ فِي جَوۡفِهِۦۚ وَمَا جَعَلَ أَزۡوَٰجَكُمُ ٱلَّٰٓـِٔي تُظَٰهِرُونَ مِنۡهُنَّ أُمَّهَٰتِكُمۡۚ وَمَا جَعَلَ أَدۡعِيَآءَكُمۡ أَبۡنَآءَكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ قَوۡلُكُم بِأَفۡوَٰهِكُمۡۖ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ يَهۡدِي ٱلسَّبِيلَ 4 ٱدۡعُوهُمۡ لِأٓبَآئِهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمۡۚ وَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا 5 ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمۡۗ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ إِلَّآ أَن تَفۡعَلُوٓاْ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِكُم مَّعۡرُوفٗاۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَسۡطُورٗاﵞ [الأحزاب: 4-6] 

ﵟوَإِذۡ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَأَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِ أَمۡسِكۡ عَلَيۡكَ زَوۡجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخۡفِي فِي نَفۡسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبۡدِيهِ وَتَخۡشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَىٰهُۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيۡدٞ مِّنۡهَا وَطَرٗا زَوَّجۡنَٰكَهَا لِكَيۡ لَا يَكُونَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ حَرَجٞ فِيٓ أَزۡوَٰجِ أَدۡعِيَآئِهِمۡ إِذَا قَضَوۡاْ مِنۡهُنَّ وَطَرٗاۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ مَفۡعُولٗاﵞ [الأحزاب: 37] 

يزعم أهل التراث ([1]) أن الآية نزلت في سالم الفارسي وفي زيد بن حارثة وبعضهم أضاف شخص اسمه عامر بن ربيعة وآخر هو المقداد بن عمرو. فأما سالم فقد تبناه أبو حذيفة بن عتبة، وسالم فارسي الأصل انتقل من فارس إلى المدينة وكان عبداً عند امرأة أنصارية ولا نعرف كيف انتقلت ملكيته إلى أبي حذيفة الأموي القرشي، وقد كتبنا مقال في التشكيك في شخصية سالم الفارسي وأنه شخصية مختلقة صنعها الرواة الفرس، وفي شخصية سيده أبو حذيفة.

النكتة المضحكة المبكية، أنهم يزعمون أنه بسبب هذه السورة التي حرمت التبني، فإن الرسول أباح لزوجة أبي حذيفة أن ترضع سالم الفارسي فقال لها:" أرضعي سالما تحرمي عليه " لماذا؟ لكي يستطيع الدخول عليها!

ونقول إن الآية الكريمة لم تنزل في زيد ولا في عبيد، بل نزلت كتوجيه عام، للظلم المستشري في المدينة المنورة، من قبل سكانها، فقد اعتاد بعضهم على الجنس مع البغايا، فإن حملت وانجبت، تبرأ من الطفل، وهذا أمر قد يكون حاصلاً في مكة، لكن أهل مكة أهل وثنية لا كتاب لهم، بينما أهل المدينة أهل كتاب يمنعهم دينهم من الإنجاب ثم تشريد الطفل وتركه للدمار، فكيف تجرأت أنفسهم على فعل ذلك مع وجود الكتاب، بل نرجح أن رجالات مكة لا يفعلون ذلك لاعتزازهم بأنفسهم وترفعهم عن هذه الأفعال، فهم لا يتركون نسلهم للتشرد والهوان.

فجاء التشريع لكي يجبر الأب على الاعتراف بالرضيع. ثم يبين لهم أنه لا مشكلة في الخطأ فحتى لو كان الأب ليس هو الأب الحقيقي، ولكنه كان من ضمن من يعبث مع تلك البغي، فلا بأس بالخطأ في تحديد الأب، طالما لم يتعمد المجتمع ذلك، وهم يحددون الأب بما لديهم من قرائن كالشكل مثلاً.

وقد يقول قائل ما ذنب الرجل الذي ليس هو الأب، فنقول إن ذنبه أنه مارس الجنس مع من لا تحل له، فإن الخطأ بحقه أهون مئة مرة من ترك الطفل بلا أبٍ يتشرد، لأن ذلك هو اليتم، وهو يحطم ويقتل الإنسان ويقضي عليه وهو حي، ويحوله إلى آلة حاقدة ناقمة على المجتمع لا يتوانى عن فعل أي فجور ضد المجتمع.

لماذا زيد هو الوحيد المذكور في القرآن من بين الصحابة؟

زيد هو الوحيد من الصحابة المذكور في القرآن وهذا غريب، فلا بد من سر وراء ذلك، فقد كان من الممكن توجيه الرسول بالتخلي عن التبني دون الحاجة لذكر الاسم.

لكن الأمر لم يكن كافياً في جماعات بشرية قريبة الوثنية، وموغل فيها الجهل والخرافة، لكن ذكر اسم زيد قد قطع الشك باليقين، فلا حجة لهم بعد، فزيد حتماً ليس ابناً للرسول. والمشكلة حقاً كبيرة جداً، لأن زيد بن محمد الذي تحول إلى زيد بن حارثة، كان سوف يقدس ويعبد بعد الرسول، فإذا كان الحسن والحسين وذريتهما قد عُبدت من دون الله، لأنهم من ذرية ابن عم الرسول وهو علي بن أبي طالب، ذلك الشخص الذي وصل الحال ببعضهم إلى اعتباره إلهاً، فقط لأنه تزوج ابنة رسول الله، رغم أن هناك آخرين تزوجوا بنات الرسول. أقول كيف سيكون الحال مع زيد وذريته لو ظل زيد ابن رسول الله.

والآية نفسها تؤكد سبب شدة منع الرسول عن التبني، لأنها تقول: "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين" فلا يمكن أن يجعل الله للرسول نسلاً سيعبد حتماً من بعده، ثم يؤكد أنه رسول الله وليس شخص عادي وهو خاتم النبيين، فلا نبي بعده، ولو كان له نسل، لزعم الكثيرون منهم أنهم أنبياء، كما هي عادة البشر الميالون بطبعهم إلى الشرك.

ولهذا لم ينجب الرسول الذكور والزعم أن له ولدان هما القاسم وإبراهيم زعم باطل، ومختلقه رجل جاهلي يحسب أن من العيب ألا يكون للرسول ذرية ذكوراً، كما هي عادة العرب في التقليل من شأن من ليس له ذرية ذكور، فاختلق القاسم وإبراهيم، ولكن القاسم ليس ولد، بل نعت للرسول، لأنه كان يقسم بالعدل بين الناس، أي يحكم بينهم بما لديه من مواهب هائلة أعطاه الله إياها، فلقبه يهود المدينة بذلك لما لمسوا فيه هذه الموهبة. وقد شرحنا ذلك في مقالات سابقة.

والقصة يصححها القرآن:

ﵟوَإِذۡ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَأَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِ أَمۡسِكۡ عَلَيۡكَ زَوۡجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخۡفِي فِي نَفۡسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبۡدِيهِ وَتَخۡشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَىٰهُۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيۡدٞ مِّنۡهَا وَطَرٗا زَوَّجۡنَٰكَهَا لِكَيۡ لَا يَكُونَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ حَرَجٞ فِيٓ أَزۡوَٰجِ أَدۡعِيَآئِهِمۡ إِذَا قَضَوۡاْ مِنۡهُنَّ وَطَرٗاۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ مَفۡعُولٗا 37 مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنۡ حَرَجٖ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُۥۖ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قَدَرٗا مَّقۡدُورًا 38 ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخۡشَوۡنَهُۥ وَلَا يَخۡشَوۡنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبٗا 39 مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّـۧنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا 40 يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا 41 وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا 42 هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا ﵞ [الأحزاب: 37-43] 

زيد ممتعض من زوجته يريد طلاقها والرسول ينصحه بعدم الطلاق، والرسول كان يخفي أمراً وهو أنه سيتزوج من زوجة زيد، ربما رأه في المنام ورؤيا الأنبياء حقٌ، وليس طمعاً في زوجة ابنه بالتبني. فلما قضى زيد منها وطراً، ونرجح أن المعنى أنه عاش معها فترة معقولة، بحيث ثبت عند الناس أنها زوجة دائمة لزيد، فطلقها زيد وتزوجها الرسول.

أما الذين يزعمون أن الرسول كان معجباً بزوجة زيد، فهم يتوهمون، إن لم يتعمدوا النيل من الرسول، فقد فاتهم أن النص يقول إن الرسول كان حريص على عدم تطليق زوجة زيد، لكراهية الطلاق، ولأن الخطوة التالية هي زواج الرسول بالطليقة، وهو ما لا يريده، لأن مجتمع المدينة سيأكله ويؤذيه بالكلام أشد الإيذاء، فهو مجتمع كتابي، يرفض مثل هذه الزيجات، كما أن القرآن في سور سابقة حرم زواج الأب من طليقة ابنه أو أرملته، فكيف يناقض محمد نفسه؟ ﵟوَحَلَٰٓئِلُ أَبۡنَآئِكُمُ ﵞ [النساء: 23] 

كما أن ظاهرة التبني تبدو منطقية في ذلك الزمن، فكثير من الأسر في غاية العوز، وبيع طفل من أطفالهم ينقذ الطفل وينقذهم، وهي ظاهرة تكررت في التاريخ، مثل المماليك الذين كانوا يبيعون أطفالهم للمسلمين حتى تشكل جيش كبير منهم في زمن الأيوبيين.

وكما نعلم فإن الرسول لم ينجب إلا البنات، فمن المعقول أنه أراد أولاداً ذكوراً، فكان ذلك من نصيب زيد بن حارثة، لكن نرجح أنه أحب زيداً كولد له، فتبناه لكي يحميه من الظلم بعد موته.

لماذا تزوج الرسول من طليقة ابن بالتبني؟

في المدينة كان الأمر صدمة، لأهل النفاق وأهل الزيغ، فكيف يتزوج الرسول من طليقة ابنه؟ لكن المولى أراد ذلك بشدة، حتى لا يعود الناس لنداء زيد بابن محمد، فها قد قطع الشك والتردد بزواج الرسول من زينب، وبهذا تأكد لهم أنه ليس ابنه ولا يصح مناداته بذلك.

مناقشة الأحاديث:

هناك حديث ينسب إلى الرسول عليه السلام: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه ‌فالجنة ‌عليه ‌حرام"

والحديث لا يصح معناه، إلا إن كان هذا المدعي يقصد به الدخول مع الورثة بغير وجه حق، وهو يعلم الحقيقة. أما من كان يريد الشرف والتقدير دون أن يمس مال الورثة بسوء، فلن يصل الأمر لحرمانه من الجنة، فهو يعاني من العنصرية والتهميش والنبذ بسبب ضياع نسبه، فما كان منه لكي ينقذ نفسه وعياله إلا هذا الفعل.

ولو كان من يفعل ذلك سيدخل النار، فنسبة كبيرة ستدخل النار لضياع نسبها وانتسابها إلى قبائل ليست منها كما هو معلوم للنسابة، خاصة ممن يزعمون أنهم من نسل علي بن أبي طالب. كما أن الآية تقول لهم أنسبوهم لآبائهم، حتى لو حدث خطأ، فالأمر ليس فجور كبير يوجب الدخول في النار.

حديث للعاهر الحجر:

وعلى النقيض من تلك الآية، فهناك خصوم يختصمون من أجل نسبة الولد المختلف في نسبه، كلٌ يريد الولد له، فقد اختلف صحابيان في نسبة أحد الأشخاص، فقال عبدالله بن زمعة: "هو أخي". وقال سعد هو ابن أبي وقاص: "هو ابن أخي عتبة". فتخاصما عند الرسول فقال الرسول: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" أي ينسب الولد حيث مكان مولده، أما العاهر الزاني الذي زنى بأم الولد فليس له إلا الحجر، وقيل معنى ذلك، أي لا شيء له.

العجيب أن الحديث يزعم أن سودة بنت زمعة وهي أخت هذا الشخص المختلف في نسبه، قد أمرها الرسول بأن تحتجب عنه، وهذا يبدو مصطنع، فلكي يحبك القصة الذي اختلقها أدخل فيها سودة رضي الله عنها في هذه القصة.

ونحن نقول أن هناك مشكلة كانت قائمة وهو وجود ذرية بلا نسب، ووجود ذرية مختلف في نسبها، فأما الأشخاص الذين يتخاصم فيهم أطراف حول أحقيتهم في النسب، فقد حسم المشكلة التراث الديني بأن جعل نسب هذا الشخص حيث وُلد، وأما من زعم أنه أبو فلان عن طريق العهر مع أم الولد، فليس له إلا الحجر، أي فليشكر ربه أنه لم يُطرد من البلدة ([2]) والذي يؤكد أن الرسول لا يريد زعزعة حال الطفل، رواية تقول إن أحد الصحابة جاء ليخبره أن أنجب من الزنى، فحذره الرسول وقال له: " ويحك إنه لا عهر في الإسلام، ‌الولد ‌للفراش، وللعاهر الأثلب " أي لا تقم بفعل شنيع فتفسد حياة ذلك الولد وتدمرها، فحياة تلك الأسرة مستقرة.

ونحن لا نعتقد بقصة ابن زمعة ونسبه، فهي قصة ركيكة، ونرجح أن الذكور يرفضون نسبة الولد إليهم، ممن يشكون في نسبه، فجاء التراث وحسم الأمر بحديث الولد للفراش، لكي يضمن هذا المسكين حياة كريمة أو معقولة والذي يؤكده قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ما بال رجال يطؤون ولائدهم، ثم يعزلونهن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها، إلا ألحقت به ولدها، فاعزلوا بعد، أو اتركوا" ([3])

نعم قد يكون هناك حالات خاصة، ممن لم ينجب فيبحث عن نسل ونسب، ولكن هذا قليل، فحتى العقيم لا يوجد لديه دافع قوي جداً بحيث يزعم مثل هكذا نسب. ونرجح أن سيد تلك الجارية الأم عاجزة عن اعتراف سيدها فهو لا يريد أن يكون الولد باسمه، بل يزعم أنها بغي وربما هي كذلك، فحدد عمر أنه طالما مارس سيدها الجنس معها، فليس له إلا الاعتراف بهذا الولد. وهذا منطقي لأن سيدها أكثر من يعاشرها بحكم القرب وسهولة المناولة.

الخلاصة:

لقد وضحت السورة المشكلة وهي رغبة الذكور المتلاعبين بالتخلي عن المسؤولية تجاه فعلتهم المشينة، بالتبرؤ من ولد جاء مجهولاً، وأن على الدولة والمجتمع التدخل بالقوة ونسبة الطفل إلى أبيه برضاه أو بدون رضاه، وأن المرجح حسب الأحاديث أن يكون الطفل من سيد الجارية، لأنه أكثر من يتصل بها ويمارس الجنس.  

كما أنها بينت أن التبني ليس حلاً للمشكلة، لما فيه من مشاكل أخرى، اجتماعية ونفسية وجنسية، فقد يمل منه المتبني وينبذه ويضطهده، أو قد يحدث تزاوج بين هذا الطفل وبين إحدى أخواته دون أن يدريا أنهما أخوين، وفي ذلك مشاكل جينية وأمراض وراثية، وقد يعامله إخوته بعنصرية واضطهاد، لأنه سيشاركهم في الورث، وقد ينال قسطاً كبيراً من حب أبيهم وأمهم، يفوق قسمتهم، فسيرغبون بالانتقام منه.

وتبني الرسول مشكلته أضعاف مضاعفة، لأنه كما ذكرنا سوف تُعبد أسرة ذلك الولد من دون الله كما حدث في كل الحضارات والديانات، لهذا لم ينجب الرسول الذكور، فهي إرادة الله، لعل المجتمع يتجه نحو عبادته وحده، وترك عبادة البشر، ولكن البشر أصروا على عبادة أسرة علي بن أبي طالب من دون الله، رغم أنهم ليسوا من ذرية الرسول عليه السلام، بل من ذرية علي بن أبي طالب، كما شرحنا في معنى ذرية، فكيف الحال لو ظل زيد ابناً للرسول الكريم.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) رجعنا إلى هذه الكتب فأنظر إليها:  «موسوعة التفسير المأثور» (17/ 645): «التفسير الوسيط - مجمع البحوث» (8/ 142): «صحيح البخاري» (8/ 431): «مصنف ابن أبي شيبة» (10/ 72 ت الشثري): «مصنف عبد الرزاق» (7/ 442 ت الأعظمي): «مسند الشافعي - ترتيب سنجر» (3/ 77): «مسند الشافعي - ترتيب السندي» (2/ 30): «سنن سعيد بن منصور - الفرائض إلى الجهاد - ت الأعظمي» (2/ 106): «موطأ مالك - رواية أبي مصعب الزهري» (2/ 460):

([2]) شرحنا معنى الرجم وقلنا هو الطرد من البلدة أو المدينة.

([3])  «موطأ مالك - رواية أبي مصعب الزهري» (2/ 461):

ali
ali
تعليقات