الجهل والجاهلية في القرآن المكرم
الجهل
في المعاجم:
الجهل أصلان أحدهما خلاف العمل والآخر
الخفة وخلاف الطمأنينة. فالمفازة التي لا عَلم بها تسمى مجهل. والخشبة التي يحرك
بها الجمر تسمى مجهل أيضاً. واستجهلت الريح الغسل أي حركته في اضطراب. والمجهلة
الأمر الذي يحملك على الجهل. وجهلت الشيء أي لم تعرفه. واستجهلته أي وجدته جاهلاً.
وهو يجهل ذلك أي لا يعرفه. وأرض مجهل أي لا أعلام فيها ولا جبال. وناقة مجهولة أي
لم تحلب قط. والجاهلية هي حالة العرب الفكرية قبل الإسلام ([1])
رأي
أهل التفسير في لفظة "جهل"
يرون أن الجاهلين هم الذين يضعون الشيء
في غير موضعه، قولاً وفعلاً. وقيل هو السفه والطيش والحمق. وأن الجاهل يجهل ما
يتعلق به من المكروه والمضرة. ويرفض بعضهم ذلك ويرى أن الجهل عكس العلم فقط ([2])
الشخصية
الجاهلية في علم النفس:
لهذه الشخصية الجاهلية سمات منها:
-
النرجسية: وتمتاز بتضخم الذات، والحاجة المفرطة للإعجاب، وانعدام
التعاطف.
-
ضعف الذكاء الوجداني: فتتصرف بسفه وتسرع وعجلة وتعصب، وعدم القدرة
على فهم الآخرين.
-
الجمود الفكري: وهو عجز العقل عن تقبل معلومات جديدة أو تغيير
قناعات.
الجاهلية
في الأحاديث النبوية:
حذر الرسول عليه السلام كثيراً من
الجاهلية، وهي التعصب للقبيلة والجماعة على حساب الحق، لأنها تؤدي إلى تفتت المجتمع
المسلم، والعودة إلى عصر الجاهلية القديم حيث يتقاتلون من أجل شرف القبيلة،
وتعصباً لها على حساب الحق.
ومن ذلك
-
قوله: " من فارق الجماعة،
وخرج من الطاعة فمات فميتته جاهلية" ([3]) لأن المفارق غالباً يبحث عن مجده ومجد جماعته.
-
وقوله: " ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من جثا جهنم" فقال رجل:
يا رسول الله، وإن صلى وصام؟ قال: "نعم، وإن صلى وصام، ولكن تسموا باسم الله الذي
سماكم عباد الله المسلمين المؤمنين" ([4]) أي الجاهل عكس المسالم المؤامن.
-
قال أبو ذر: "إني ساببت رجلا من أصحابي، وكانت أمه أعجمية، فنلت
منها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليعذره مني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"يا أبا ذر، إن فيك جاهلية"، قال: قلت: يا رسول الله، أعلى سني هذه من الكبر؟
فقال: "إنك امرؤ فيك جاهلية، إنهم إخوانكم، جعلهم الله فتية لكم تحت أيديكم"([5])
-
وقوله: «فئتان من المسلمين ما أبالي في أيتهما عرفتك، قتلاهما قتلى جاهلية»
([6]) أي قتال هاتين الفئتين ليس من أجل أسباب اقتصادية أو دينية، بل
تعصباً للقبيلة أو المذهب وليس في سبيل الله والقيم النبيلة.
الجهل
والجاهلية في القرآن الكريم:
ورد الجهل في القرآن 24 مرة في 17 سورة مكرمة.
ولما درسنا الآيات ووضعنا الافتراضات واستبعدنا الضعيف منها، رجحنا بشدة أن الجاهلية
هي عكس المنهجية العلمية والأخلاقية، وهي تماماً ما ذكره علم النفس عن الشخصية
النرجسية التي تتخذ خطوات لكبح الآخر وإفشاله.
وإليك الآيات المكرمة:
الاستهزاء
جاهلية:
{ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ
بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَٰهِلِينَ
} [البقرة: 67].
الاستهزاء من أحد الأسلحة النفسية التي
يستخدمها الجاهل الجهولي النرجسي، لتحطيم الآخر، فليس لديه نقص في المعلومات ولكن
لديه سلوكيات جاهلية.
سوء
الظن جاهلية:
{وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ
يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَٰهِلِيَّةِ
} [آل عمران: 154].
قلنا إن الظن هو الجزم عقلياً، فإن كان
بدون دليل فهو جزم جاهلي، أي يخالف أدوات العقل والمنطق، ولا يفعله إلا سفيه قليل
العقل، لاحظ هنا أن النص ذكر أن هؤلاء قد أهمتهم أنفسهم،
فهم أهل نرجسية مشغولين بأنفسهم.
الجاهل
متبلد:
{ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم
بِسِيمَٰهُمْ } [البقرة: 273].
لا يقصد بالجاهل هنا نقص العلم، بل نقص
الإحساس بالآخرين، فهو متبلد الحس، وذلك من سمات النرجسي الذي لا يرى إلا نفسه،
فلو أن لديه إحساس بالآخرين للاحظ سماتهم الخارجية من جوع، ونحول ومسكنة وانكسار.
عمل
السوء بجهالة:
{ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ
يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ
مِن قَرِيبٍ} [النساء: 17].
أي الشخص الذي يعمل السوء بسبب شخصيته
الجهولة، الاندفاعية والتعصبية وغيرها من سمات تدفعه نحو الذنب، ثم بعد ذلك مباشرة
يتوب ويدرك ما فعله من كبيرة، فتصرفه ذلك ليس نابع من صميم ذاته، بل طارئ طرأ عليه
ونزوة وجهته، وشيطان وسوس له.
أما لو كان يكرر ذنبه ولا يكترث ولا يرجع
ويعود، فلن تقبل توبته كما قالت الآية التي تلت:
ﵟوَلَيۡسَتِ
ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰٓ إِذَا حَضَرَ
أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُﵞ [النساء: 18]
فأعماله هنا ليست نابعة من شخصية جاهلية،
بل من تصميم وإرادة وتعود وتشرب، فلا يكترث إلا إذا شعر بدنو أجله.
حكم
الجاهلية:
{ أَفَحُكْمَ
الْجَٰهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ
يُوقِنُونَ } [المائدة: 50].
عندما يجتمع الذين آمنوا "من كان
على اليهودية سابقاً" يريدون أن يحكم الرسول لهم تعصباً، فهم أولى ممن لم
يؤمن بالرسول، فحذرهم أن هذا الحكم جاهلي أي حكماً متعصباً لفئة الرسول ذات الفئات
الأخرى، فالله يحكم بالقسط والعدل ولا يحكم بالتعصب والمحسوبية.
لا
تكن من الجاهلين:
{ وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ
فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ
فَتَأْتِيَهُم بِءَايَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَٰهِلِينَ } [الأنعام: 35].
أي إصرارك العجيب على إيمان هؤلاء
الكفار، هو يشبه تصرف الجاهلين، الذين يريدون فرض دينهم على الآخرين بالقوة، وقد
بينت لك منذ البداية أن الهداية من الله وأن لكل شخص حقه في الدين الذي يريده،
وأنه لا إكراه في الدين.
الجهل
رغم الآيات:
{ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ
الْمَلَٰئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا
مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ
يَجْهَلُونَ } [الأنعام: 111].
برغم ما قد تقدمه يا محمد من آيات
ومعجزات، لن يؤمنوا بك، لأنهم يجهلون أي لأن فيهم التعصب والغرور وحب النفس، فهم
يعلمون صدقك، ولكن يجهلون أي مصابون بداء النرجسية والتعصب واختلاط القدرة
الفكرية.
التقليد جهل:
{قَالُوا يَٰمُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا
كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138].
تقليد الآخرين من الآفات العقلية التي ينعتها
القرآن بالجهل، مثلها مثل التعصب للرأي ومثل الاندفاع بغير تثبت، أو اسكات الخصم
بالسباب والتهديد وغيرها من الآفات العقلية والأخلاقية.
أعرض
عن:
{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ
عَنِ الْجَٰهِلِينَ } [الأعراف: 199].
إذا جاءت عبارة أعرض عن فهي تشير إلى
مواجهة كلامية بين الرسول والكفار، فيأمره المولى أن يتجنب الحوار معهم إذا نزلوا
إلى مستوى الجاهلية كالاستخفاف والاستهزاء والتهديد والتعصب والأخلاط العقلية بالاحتكام
إلى الأكثرية أو الأقدمين
ﵟفَٱصۡدَعۡ
بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ 94 إِنَّا كَفَيۡنَٰكَ
ٱلۡمُسۡتَهۡزِءِينَﵞ [الحجر: 94-95]
ﵟوَأَعۡرِضۡ
عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ 106 وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكُواْۗ وَمَا
جَعَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗاۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِوَكِيلٖ 107 وَلَا تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ
فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدۡوَۢا ﵞ [الأنعام: 106-108]
فهذه الآيات تدعو إلى عدم نزول الرسول
والمؤمنين إلى هذا المستوى من الحوار من سب وتهديد وشتم واستهزاء وتلاعب في الحوار
خلافه، وكلها سمات أهل الجاهلية.
الطبقية
جاهلية:
{ وَيَٰقَوْمِ لَا أَسْءَلُكُمْ عَلَيْهِ
مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ ءَامَنُوا
إِنَّهُم مُّلَٰقُوا رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّي أَرَىٰكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ }
[هود: 29].
يسألون نوحاً أن يطرد المستضعفين، فرد
عليهم أن ذلك فعل الجاهلية أي التعصب والفوقية والطبقية.
تعصب
نوح لولده:
{ قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ
إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَٰلِحٍ فَلَا تَسْءَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي
أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَٰهِلِينَ
} [هود: 46].
حب نوحٍ لولده، حتى لو كان من غير
المؤمنين يعتبر جاهلية، فلما أدرك سيدنا نوحٍ حقيقة ابنه تراجع وطلب التوبة.
يوسف
يخشى الجهل:
{ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ
مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ
وَأَكُن مِّنَ الْجَٰهِلِينَ } [يوسف: 33].
لو أن يوسف استسلم لهن، لتحول إلى جاهلي
أي نرجسي مغرور، لا يرى إلا نفسه فلديه تضخم في الذات، بسبب كثرة من حوله من نساء
يعتنين به.
إخوة
يوسف جاهلون:
{ قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ
وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَٰهِلُونَ} [يوسف: 89].
لا يعني قلة علمهم فهم يدركون مدى جرمهم،
ولكن التعصب ضد يوسف وأخيه هو الجاهلية التي فيهم.
خاطبهم
الجاهلون:
{ وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ
عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَٰهِلُونَ
قَالُوا سَلَٰمًا } [الفرقان: 63].
{ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا
عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَٰلُكُمْ سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ
لَا نَبْتَغِي الْجَٰهِلِينَ } [القصص: 55].
شرحنا هذه الآية سابقاً، وقلنا إن هؤلاء
الجاهلون يمارسون التهديد ضد من يدعوهم للدين، فهم يهددونهم بالضرب والقتل، فيردون
عليهم بأننا سوف نقابلكم بالسلام. فالتهديد لإسكات الحق مثله مثل الاستهزاء أو
التلاعب العقلي في الحوار، من أساليب الجاهلية.
قوم
لوط يجهلون:
{ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً
مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ
} [النمل: 55].
شرحنا سابقاً أن قوم لوط لم يكونوا
يمارسون الشذوذ فيما بينهم، بل كانوا يتصيدون الغرباء، فهم لعصبيتهم ضد الأقوام
الآخرين يمارسون هذا الشذوذ بداية أمرهم، ثم اعتادوا عليه، فسبب سلوكهم في
البداية، هو العصبية وهو الجاهلية.
الجاهلية
الأولى:
{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ
تَبَرُّجَ الْجَٰهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ وَأَقِمْنَ
الصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ الزَّكَوٰةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
} [الأحزاب: 33].
تتبرج المرأة وتخرج لكي تشبع نرجسيتها، وهي
الجاهلية، وتتمثل جاهليتها في حبها إلى سماع الغزل والتحرش والتمتع بالنظرات من
الذكور، فهذا يشبع جاهليتها ويرضي غرورها. أما قوله بالأولى فيقصد ما قبل مجيء
الرسول للمدينة وتوجيه النساء نحو الانضباط في اللباس بما هو معقول، فيبدين بعض
الزينة الظاهرة.
فيبدو أنه بعد السنة السادسة والتي نزلت
فيها هذه السورة، شعر سكان المدينة بنوع من الأمن والهدوء لتمكن دولة الرسول وزوال
خطر اليهود وقريش بعد معركة الخندق، فأرادوا أن يعودوا لحياتهم الأولى دون رعب
وخوف.
الأمانة
والجهل:
{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَٰوَٰتِ
وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا
الْإِنسَٰنُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا
} [الأحزاب: 72].
مهما كان معنى الأمانة، فإن الإنسان رضي
أن يحملها بزعم أنه سوف يطبق العدل ويحارب الجاهلية، فإنه مال كثير من الحكام إلى
الظلم وإلى الجاهلية أي التعصب للجماعة أو الأقارب هو الجاهلية.
الأمر
والجهل:
{ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي
أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَٰهِلُونَ } [الزمر: 64].
الجهل لا يعني قلة معلوماتهم، بل الجهل هو
في أمرهم الرسول بعبادة غير الله، فهم يفرضون دينهم عليه وهذا هو الجاهلية.
قوما
تجهلون:
{ قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ
وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَٰكِنِّي أَرَىٰكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ } [الأحقاف: 23].
طلب القوم من نبيهم أن يأتيهم بالعذاب
ﵟفَأۡتِنَا
بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَﵞ [الأحقاف: 22]
فهذا هو حمقهم وجاهليتهم، فيفضلون الموت
على أن يؤمنوا برسولهم، كنوع من النرجسية والغرور.
الحمية
الجاهلية:
{ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ
الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ
اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 26].
الحمية الجاهلية هو الحماس للقتال بناء
على تعصبهم لأنفسهم وعرقهم وقومهم، بينما الرسول يقاتل من أجل الحق وفي سبيل القيم
النبيلة التي وجهه الله إليها.
عدم
التبين جهالة:
{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ
بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ} [الحجرات: 6].
ذكرنا من صفات النرجسي هو التسرع
والإطلاق الأحكام، وقبول أي خبر سيء عن الآخرين دون تمحيص وتأكيد، فهذه صفات
الأحمق الجهول، فلا يوجد عقل ولا حكمة، وكأن الجاهل من مجتمع القرود التي تتصارخ تنادي
بعضها اندفعاً للقتال، دون عقل.
الخلاصة:
الجهل لا يعني عدم العلم، ولا علاقة له
بالعلم، الجهل هو سمات في الشخصية، يتعود عليها الشخص فيجعلها من تقوده، وهي ما
يسمى في علم النفس النرجسية، فهناك تضخم في الذات، وهناك خلل في العمليات العقلية،
فالجاهل مغرور ومتعصب وأحمق، ويمارس الديكتاتورية ويقمع ويهدد ويستهزأ، ويسارع في
قبول الأخبار السيئة عن الآخرين، ويطلق الأحكام المسبقة، ويحاصر نفسه بالجمود
العقلي، فلا يقبل أي فكرة جديدة.
هذا والله أعلم
علي موسى الزهراني
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك