أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

تفسير قوله تعالى: تحدث أخبارها

 



 

( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ).

رأي أهل التراث في تفسير النص الكريم:

قال أهل التراث: إن المتحدث هنا هو الأرض تتحدث عن نفسها وتقول قد أوحى لي ربي بهذه الكوارث، وزعموا أن هناك قراءة أخرى هي (يومئذ تُنبئ أخبارها) وهي قراءة سعيد بن جبير، لأنه يرى أن الأرض لا تتكلم، ولكن تنبأ أخبارها أي تقوم بأفعالها العظيمة كإخراج أثقالها من جوفها؛ فهي لا تتكلم، بل تفعل. وذهب آخرون إلى أن الأخبار هنا هي أفعال الناس وأعمالهم من خير وشر. وتعجب أهل التراث كيف للأرض أن تتحدث، ورأى المعتزلة أنه من الممكن أن يجعل الله في الأرض أجهزة تصدر أصوات متقطعة تتحدث بها، بينما يرى الرازي أن الله سيهب الأرض الحياة لكي تتكلم ([1]) والحقيقة أن الأرض لو كانت ستتكلم عن الناس وذنوبهم لقالت: يومئذ تنبأ عن أنباء الناس وما فعلوه؛ لكن عوضاً عن ذلك قال النص: عن أخبارها أي عما يحصل للأرض في تلك اللحظة.

نعم الله جل جلاله قادر على أن يجعل الأرض تتحدث، أو لنقل تنطق مثلما سينطق الجلد {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ} [فصلت: 21] ولكن بأي لغة سوف تنطق الأرض في ذلك الوقت، وكيف ستنطق وهي تتعرض للدمار الشامل، ومن يستطيع سماعها وهي تصدر أصوات انفجارات هائلة وصوت زلازل لا مثيل لها، وهم في رعب وخوف؟

وقبل الحديث عن المتحدث الحقيقي في ذلك اليوم، يجب أن نقول إننا شرحنا بالتفصيل حال الناس يوم القيامة عند قيامهم من قبورهم ولغاية ما قبل استلام الكتاب، وهو أنهم يخرجون بعقول بيضاء، لا تتذكر شيئاً، ولكن بعضهم يدرك بفطرته السوية أن الأرض تفعل ما تفعله بوحي من الله. (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا) ومن هؤلاء طبعاً الأنبياء.

فمن الذي يحدث أخبار الأرض في تلك اللحظة؟

إنه الرسول عليه السلام، فالضمير في تحدث عائد على الرسول، ذلك أن هؤلاء الأنبياء الكبار مشبعة قلوبهم بالفطرة، والحب لرب عالمين، يدركون أي حدث يحدث هو من أمر الله، لهذا ورغم أن كل البشر ينسون حقيقة أنفسهم، ولكنهم لا ينسون حقيقة ربهم، فهم يدركون أنه الخالق المدبر؛ فالرسول يبين لمن يسأل وكل الناس يسألون ولا يدرون ما يحصل، أن هذا هو بأمر الله، فهؤلاء العظماء الكرام، يبقون على الفطرة الأولى، ويدركون أن ما يحدث هو من عند الله.

فالله ينبأ الرسول عما سيحدث لحظة الساعة عندما تتفجر الأرض، فيقول الله للرسول في تلك اللحظة يا محمد سوف تقول للناس إن الله هو من أمر بذلك، أو كما يقول النص أوحى لها، فالأرض في لحظة غليان لا تدري ما تفعل فيوحي الله لها أن تسلك ذلك المسلك لكي تستريح من أثقالها التي هي طبعاً اللابات والبراكين كما سوف نبين في مقال آخر.

وقد استخدم الضمير المخاطب في كلمة ربك، وهذا يؤكد أن الذي سيتحدث عن أخبار الأرض هو الرسول ولو كانت الأرض هي التي ستتكلم لقال: بأن ربها أوحى لها.

والله جل جلاله أعلم

علي موسى الزهراني

 



([1])أنظر : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (32/ 255)


ali
ali
تعليقات