تفسير
قوله تعالى: ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به...
{ لَا
تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَٰجًا مِّنْهُمْ وَلَا
تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } [الحجر: 88].
{ وَلَا
تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَٰجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ
الْحَيَوٰةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ
} [طه: 131].
الآية
ببساطة تأمر الرسول
-
تأمره بعدم مد النظر، وهذا لا يعني أنه فعلها، ولكن هو توجيه.
-
مد العين
فسروه على أنه إدامة النظر وإطالة المدة، وأرجح أنها تعني الشمول فعندما نمد العين
نحاول النظر إلى أقصى ما يملكه هؤلاء من نعيم، فلو كانوا يملكون ماشية مثلاً
لحاولنا النظر إلى أبعد مدى وهذا هو مد العين، لكي تصل إلى آخر تلك الأملاك سواء
كانت ماشية أو قصور أو غيرها من الأنعام.
-
التوجيه
يقول لا تنظر لتلك المتع التي تمتع بها هؤلاء ولم تقل لا تنظر إلى الأزواج
أنفسهم، فهو يدعوه لعدم الاغترار بما يملكونه من أموال وليس إلى أشخاص معينين
سواء نساء أو رجال.
-
نظر الرسول
-لو حدث النظر- فهو نظر تعجب وليس نظر حسد كما فسره البعض وقد رفض القاضي هذا
التفسير.
أنظر: تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (19/ 161)
-
أزواجاً
منهم: لا تعني نساء الكفار، بل تعني أشخاصاً متشابهون ومنسجمون حد التطابق، وهذا
حال الكفار فهم في انسجام مع بعضهم وتآلف ومستوى معيشة متقارب أو متساوً. فمعظم
الكفار على هذا الحال من الانسجام والمستوى المعيشي والتآلف. وهذا يتفق مع قول أهل
التراث حيث يرى ابن قتيبة أن أزواج تعني أصناف والزوج في اللغة يعني الصنف.
أنظر: تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (19/ 161)
-
زهرة
الحياة الدنيا: هي نفسها تلك المتع فحذره الله من النظر إليها نظرة تعجب، فيقول
المولى للرسول إن تلك المتع هي زهرة الحياة الدنيا، بما فيها من أموال، وأبناء،
وأحفاد وقصور، فهي مغرية.
أنظر: موسوعة التفسير المأثور (14/ 460):
-
هذه
الزهرات هي فتنة لهم واختبار وليس مغنماً لهم كما يتصورون، وهذا التشبيه غاية في
الجمال والدقة، لأن الزهرة لا فائدة منها حقيقة، ولكنها تغري الكائنات الحية
بطلبها والوصول إليها ولكن الحشرات مثلاً لا تستفيد منها شيئاً، وإنما تستفيد من
الرحيق لو وجد الرحيق، وليس من تلك الأوراق الملونة.
-
أمره في
نفس النص بعدم الحزن عليهم، وهذا يؤكد أن مد النظر لا يعني الحسد وتمني نعمة مثل
نعمتهم، بل يعني نظرة تعجب كيف يكون لهؤلاء الكفار هذا النعيم وهم كفار فلله في
خلقه شؤون جل جلاله، ثم الحزن عليهم لما هم فيه من خطورة الغرور، فلا يمكن أن ينظر
لهم بحسد وبحزن في نفس الوقت فالحسد والحزن لا يجتمعان، وإنما هو يتعجب من حالهم
ويحزن لمصيرهم.
وهناك آيات أخرى تؤكد هذا المعنى، منها على سبيل المثال {فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَٰدِ
} [غافر: 4] فحاشاه الرسول الكريم سيد
الأخلاق أن ينظر لنساء الكفار، وقد تصفحت معظم التفاسير فلم أجد أحداً منها يزعم
أن الرسول كان ينظر لنساء الكفار، بل اتفق غالبهم على أن الأزواج هم الأصناف
المتشابهون، ولست أدري من أين أتى المعاصرون بمثل هذا التفسير السطحي المتعجل.
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك