أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

التفسير الصحيح لآية زين للناس حب الشهوات من النساء...

 



تفسير قوله تعالى زين للناس حب الشهوات.

{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَٰتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَٰطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَٰمِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ الْحَيَوٰةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَءَابِ }  [آل عمران: 14].

قبل أن نخوض في شرح هذه الآية المكرمة، يجب نمر على الكلمات التي وردت فيها مرور الكرام، دون أن نشرح. ومن أراد الشرح فليرجع إلى المعجم القرآني.

الزينة: هي الشيء الإضافي غير الأساسي للحياة، فهو ما نسميه بالجماليات والكماليات.

زُين: الشيطان زين الشهوة، فهي ليست من طبيعتنا فنحن نرغب ولا نشتهي. فالشهوة ستكون في الآخرة فقط، لكن الشيطان يحثنا على الزيادة والطمع.

للناس: علية القوم وكبارهم ومن بيده المال والنفوذ

حب: عكس البغض

الشهوات: وهي التطرف في الرغبات، أي هي رغبات مبالغ فيها، أو منحرفة وفاحشة، وليست من طبيعة الإنسان في الدنيا، وإنما هي خدعة من الشيطان.

النساء: هن النساء وهن جمع امرأة، وليس كما يقول شحرور كما سوف نرى في تفسير الآية

البنين: زعم شحرور أن البنين هو البنيان أي القصور، والصواب أن البنين هم الأبناء وأبناء الأبناء، وليس الأبناء فقط.

القناطير المقنطرة: هي الكميات الضخمة من الذهب والفضة.

الخيل المسومة: الخيول المدربة. وقد زعم أهل التراث أنها الراعية أو المطهمة أو الحِسان أو التي بها شية في وجهها ([1]) ولا يهمنا في تفسيرنا لهذه الآية إلا أن ندرك أنها خيل ثمينة مطلوبة.

الأنعام: البهائم مثل الأغنام والأبقار والإبل.  

الحرث: المزارع.

شرح الآية

زعموا أن عمر اعترض على تزيين الشهوات فقال: الآن يا رب بعد ما زينتها أو حين زينها ([2]) وهذا غباء وكفر واعتراض، وعمر الصحابي الجليل لا يقول بهذا مطلقاً، فهو من العارفين بربه. والذي زين لنا الشهوات هو الشيطان، الله زين لنا الأشياء لكي تزيد سعادتنا { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّٰهَا لِلنَّٰظِرِينَ }  [الحجر: 16]. ولم يزين لنا الشهوات العزيز الكريم.

وقد نُسب إلى الحسن البصري قول يبين أن الذي زين هو الشيطان، وهذا يدلل على أن ما نسب إلى عمر بن الخطاب هو باطل حتما. أما الزينة في الآية محل النظر، فهي من صنع الشيطان وقد وردت نصوص كثيرة تؤكد هذا.

{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَٰنُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }  [الأنعام: 43].

{لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ }  [الحجر: 39].

وغيرها من عشرات الآيات

والناس هم النخبة والأغنياء ومن لهم نفوذ وقوة وقدرة، فهؤلاء يطلبون المزيد والمزيد، شهوة وليس رغبة، أو ما نسميه الطمع الزائد، فهؤلاء يريدون مزيد من النساء للجنس، ومزيد من الأولاد الذكور للقوة والتفاخر، ويريدون النساء حتى لو كن غير محللات لهم، فيرغبون بأي امرأة يرونها حتى لو كانت متزوجة.

ويشتهون مزيد من الذهب والفضة، ومن الخيل المسومة المدربة، ويريدون المزارع الكبيرة ويريدون الأنعام الكثيرة. وهي رغبات عند كل البشر، ولكن هؤلاء القوم يطلبون المزيد والمزيد من أجل التفاخر والتباهي واللهو وليس لسد الحاجة.

تفسير شحرور

وتفسير محمد شحرور بأن النساء هو الأجدد أو المتأخر في الزمن، من كل تلك النعم، محاولة خاطئة منه، ولعله اصطدم بكلمة الناس فظنها كل البشر ذكر وأنثى، فكيف زين للإناث حب الإناث؟ كما فهم هو. والصواب أن الناس هم علية القوم من الذكور فقط، وبهذا يستقيم التفسير.

وقد نقبل أن علية القوم هؤلاء يريدون كل فترة نساء شابات وبنيان جديد، وخيل جديد، ولكن ماذا عن الذهب والفضة الذي لا يعقل فيه التجديد هو والأنعام والحرث، وكأن هناك مصانع معاصرة في زمن الرسول تنتج كل يوم حُلي جديدة، بينما الحقيقة أن هؤلاء القوم كانوا يريدون الزيادة المفرطة فقط، وليس التجديد والتغيير.

والصواب أن الناس هم علية القوم وأهل النفوذ من الذكور فقط، فالذكور هم من يحل ويربط والمرأة لا تحل ولا تربط، حتى لو كانت ملكة، فلديها مجلس استشاري من الرجال هو من يوجه، أو مستشار مقرب لها يدير البلاد. وهذا الكلام ليس استنقاصاً لقدرها، فقدرها معلوم ومكانتها محفوظة، ولها وظائف عظيمة، بل يمكنها تولي الملك إذا كان فيه استقرار ونظام ملكي محترم، لكن الإدارة الفعلية لشؤون الدولة تتطلب ثقل وصلابة الذكر.

وحتى لو كانت المرأة هي الملكة، فإنها لا تستطيع أن تشتهي الرجال، فلن تقبل على نفسها ذلك ولن يقبل منها المجتمع ذلك. وقد بين لن التاريخ أن معظم أهل الحل والعقد والسلطة والملك هم من الرجال ولم ينل النساء هذا العمل إلا قليلات على أصابع اليد.

والذي يؤكد أن المقصود بالنساء هن الإناث أن الآية التالية مباشرة، تتحدث عن نعيم أفضل من هذا النعيم الدنيوي، وأن هناك نساء أفضل يوم القيامة.

 ﵟقُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِﵞ [آل عمران: 15] 

وقد يسأل سائل لماذا قال في الآية السابقة نساء ثم هنا يقول أزواج مطهرة؟

ذلك ببساطة أن الشهواني في الدنيا لديه طمع وشهوانية، حتى أنه يطمع في نساء الآخرين، بينما أهل الجنة، فهم لا يطمعون في نساء الآخرين، فلديهم أزواج مطهرة، لا يتعرضن للحيض والنفاس، ولطهارة أنفسهم هناك أيضاً.

ولاحظ عزيزي القارئ أن الآية ابتدأت بشهوة النساء، وهذا يؤكد أنهن أعظم الرغبات عند الرجل، فإذا زاد الأمر واستفحل تحول إلى شهوة مريضة ضارة، فيطمع في نساء الآخرين.

بقي أن نقول أن الشهوة في الدنيا معابة منتقصة، بينما في الآخرة فهي طبيعية، لتوفر الموارد في ذلك المكان، ولأنها محدودة بإطار معين.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني

 

 

 



([1]) «موسوعة التفسير المأثور» (5/ 75)

([2]) «موسوعة التفسير المأثور» (5/ 68)


ali
ali
تعليقات