ما الفرق بين عقر وعقم؟
العقر لغة:
له أصلان، فقد يعني الجرح وما يشبه الجرح، وقد يعني الثبات والدوام. فعقرت الفرس أي كسعت قوائمه بالسيف، وعقرت الناقة حتى تسقط فإذا سقطت نُحرت. وإذا طال حبس الإنسان قال عقرت بي. لأنه منعه من الحركة وكأنه عقر ناقته فلا يستطيع التنقل أو كأن طول مكوثه في السجن سببب عقره أي تصلب مفاصله. وتعقر الغيث، أي أقام فلا يبرح مكانه، والعاقر من النساء هي التي لا تحمل فكأنها معقورة. ويقال للمهر عقر، لأنه به يطأ الرجل الزوجة، فتسكن عنده وتستقر. يقال: ليس على زان عقر. أي مهر.
وهناك حديث "لا يدخل الجنة معاقر خمر" لأنه يلزمها ولا يتحرك من أمامها وهي تعقره فلا يتحرك بعدها. وهناك حديث: لا عقر في الإسلام. لأنهم في الجاهلية كانوا يعقرون الناقة عند سيدها حتى تساعده يوم القيامة عند الخروج من قبره، فحرم ذلك الإسلام. وسميت الأرض والمنازل بالعقار، لأنها ثابتة لا تتحرك. ويقال كلب عقور: وهو مثل الأسد والسبع، وأظن أنه سمي بذلك لأنه يعض على الرقبة فيعقر فريسته ويسقطها كما تسقط الإبل بضربة في رقبتها. ووهب الرسول ناحية لأحدهم واشترط عليه ألا يعقر مرعاها أي لا يقطعه. والعاقر هو العظيم من الرمل الذي لا ينبت شيئاً. وطائر عقر هو طائر نتف ريشه لمرض فلا ينبت. وعقر النخلة أي قطع رأسها كله مع الجماز. وإذا قيل: عقر الرجل أي ثبت مكانه فلا يتقدم ولا يتأخر من شدة الخوف.
ويقال: " عَقِيرة الرَجُل: صَوْتُه إذا غنى أو بكى أو قرأ. واستَعْقَرَ
الذئبُ: رَفَع صوته بالتطريب في العُوَاء " وهي تسمية معقولة لأنا تشرح
المعنى، فالعقيرة قد تعني الحنجرة، وعند عقر الكائن يصرخ من شدة الألم ثم يموت،
ولهذا اقتبسوا كل المعاني منها.
مقاييس اللغة (4/ 90):
الغريبين في القرآن والحديث (4/ 1307):
المعجم الاشتقاقي المؤصل (3/ 1500)
العقم لغة
العقيم هو الحرب الشديدة وهو الرجل سيء الخلق، والعقام داء لا يرجى برؤه
ومعاقم الخيل هي مفاصلها، وعقمت يده أي يبست. ورحم معقومة أي مسدودة لا تلد. وكلام
عقمى أي كلام غامض أو كلام جاهلية قديم لا يعرف. وعقل عقيم هو عقل لا يجدي صاحبه
في شيء. والملك العقيم، هو الملك الذي ينتج عن قتل الرجل لأبيه من أجل الملك.
والدنيا عقيم، أي لا تنفع صاحبها. والريح العقيم التي لا تلقح الشجر أو السحاب.
والعقيم من الأرض أي الأرض التي بها حفرة والاعتقام الحفر في جوانب البئر.
ونلاحظ أن العقم والعقر من جنس واحد، ومعهم عقل، وهو الذي يمنع
الإنسان من التصرف الأرعن، فكأن العقل يمنع ويحجز ويعيق، وكذلك عقد فهو لتأكيد
المواثيق بين الناس، فهو يعرقل ويمنع أي تصرف يخالفه. وكذلك عقص، وهو من جنس المنع
والحبس والإعاقة فرجل عقص هو الرجل البخيل يمنع يديه عن الإنفاق، والعقص من الرمال
الذي لا طريق فيه. وأصلهم جميعاً هو العق، والعق هو المنع والحجز، والطريق الصعبة
تسمى بالعق، وولد عاق، هو من يعصي ويقطع والديه، فقد جعل بينهما وبينه عُقاً. ومن
هذا الأصل استخرجت بقية الأصول مثل عقل، وعقم وعقر وعقص.
الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (5/ 1988):
مقاييس اللغة (4/ 76):
المعجم الاشتقاقي المؤصل (3/ 1503)
مجمع بحار الأنوار (3/ 643):
النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 277):
مقاييس اللغة (4/ 86):
مقاييس اللغة (4/ 96):
مقاييس اللغة (4/ 69):
العقم والعقر من خلال نصوص القرآن الكريم:
ورد جذر العقم في القرآن أربع مرات وكله يعني الإبادة والتطهير، فقد ورد
مرتين بشأن عدم الإنجاب، ومرتين في معنى الإبادة الجماعية:
{ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَ إِنَٰثًا وَ يَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى: 50].
{وَ قَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} [الذاريات: 29].
{أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} [الحج: 55].
{ وَ فِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41].
ومن هذا نستشف أن الأنثى التي لا تنجب هي من تقوم بالإبادة للحيوانات
المنوية، وأن القوم في تلك الأزمنة فهموا ذلك، وأن الريح فعلت فعل التعقيم، فأبادت
الحياة البشرية في تلك الديار في معظمها، وقد يرسل الله عذاباً عقيماً يبيد الحياة البشرية
بأي قوة يريدها جل جلاله، كما ذكرت سورة الحج.
أما العقر فقد ورد في القرآن ثمان مرات، خمس مرات في شأن الناقة وثلاث مرات
في شأن امرأة زكريا، فأما الناقة فنعلم أنهم قتلوها، ولكن بهيئة العقر، أي قاموا
أولاً بضرب أقدامها حتى سقطت ثم بعد ذلك نحروها، وربما اكتفوا بعقرها أي منعها من الحركة، وأما امرأة زكريا فكانت مضروبة في
أقدامها أي عاجزة عن الحركة، ذلك لكبر سنها.
{وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} [آل عمران:
40].
{ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ} [الأعراف:
77].
معلومات أخرى توضح الفرق بين العقم والعقر:
- من خلال النصوص يتبين لنا أن عمر زكريا يزيد كثيراً عن عمر إبراهيم، لقد دعا زكريا وقال: ﴿إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ﴾ [مريم: 4] وهذا يؤكد كبر سنه، وقد استجاب له ربه، ولكن لا ندري هل استجاب مباشرة، أم ظل سنوات، لأنه لما جاءته البشرى استغرب واندهش وبين أنه تجاوز مرحلة الشيب ووهن العظم ودخل في مرحلة ما بعد الشيخوخة، ولهذا قال: ﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ﴾ [مريم: 8] وهذا عكس إبراهيم، فلم يقل بلغت من الكبر عتيا، بل قال ﴿ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ﴾ [الحجر: 54]، مجرد مساس أي الأمر في بدايته فقط. ونستنتج من هذا أن عمر امرأة زكريا (إلياصبات) أكبر من عمر سارة زوجة إبراهيم لكبر عمر زكريا.
- قالت سارة {وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } [الذاريات: 29]. وهذا يؤكد أنها تعلم أنها سبب عدم الإنجاب وأن إبراهيم قد سبق له الإنجاب من سيدة أخرى هي هاجر كما تقول المرويات. تؤكد الآيات أنها ليست كبيرة جداً فقد وعدتها الملائكة أنها سترى ابنها اسحق ثم حفيدها يعقوب {فَبَشَّرْنَٰهَا بِإِسْحَٰقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَٰقَ يَعْقُوبَ } [هود: 71].
- كلام سارة يؤكد أن لديها مشكلتان هما العجز والعقم، فأما العجز فهو مرحلة عمرية معقولة يمكن الإنجاب فيها وإن كان بصعوبة، وأما العقم فهي تعلم بنفسها لأنها لم تنجب من قبل. وهذا على عكس امرأة زكريا فهي عاقر فقط، ولم يذكر علة أخرى لها، فهل تشير عاقر إلى العمر أم تعني علة مرضية مثل العقم؟
من الواضح أنها علة التقدم في العمر، فقد بلغت من العمر بحيث تعجز عن الحركة فقد تجاوزت مرحلة العجز. وما يؤكد صغر عمر سارة مقارنة بإليصابات زوجة زكريا. أنها كانت تسير وتمشي وتقبل وتدبر{فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ} [الذاريات: 29]. وتقوم { وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ} [هود: 71]. فكانت تستمع إلى الضيوف من وراء الحجاب خشية من طبيعتهم وتصرفاتهم الغريبة. وهذا يؤكد صغر سنها ونشاطها وحيويتها مقارنة بامرأة زكريا المقعدة.
-
في التراث اليهودي نجد أن عمر السيدتين
كان كبيراً حتى زعموا أن سارة كانت تبلغ 99 عندما أنجبت إسحق، ولكن استبعد ذلك فهو
من مبالغاتهم ولهذا جاءت القصة القرآنية الكريمة لتصحح القصة اليهودية. ونجد أن امرأة
زكريا بلغت الشيخوخة كما يقول الكتاب المقدس " وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ
نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا،
وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا"[لوقا
36:1]
-
لم يندهش إبراهيم إلا اندهاشاً بسيطاً
من المسألة لأنه من الممكن أن ينجب في ذلك السن وهو أمر معتاد، بينما اندهش زكريا،
بل طلب آية.
- الملائكة تقول إن حل
مشكلة عدم الإنجاب عند إبراهيم تم بأمر الله، بينما مشكلة عدم الإنجاب عند زكريا
فقد تم بقول الله. وفرق بين أمر الله وقول الله فأمر الله تنفذه الملائكة، بينما
قول الله فهو كلماته التي هي "كن فيكون" وذلك واضح بسبب تهالك الأجهزة
التناسلية عند الاثنين زكريا وامرأته، وهو نفس ما حدث مع مريم فقد تم حملها بقول
الله كن فيكون فكان عيسى كلمة الله. فالملائكة لم تفعل شيئاً مع زكريا سوى
البشارة، والوارد أن الروح القدس هو من نفذ الكلمة كما حدث مع عيسى عليه السلام.
-
وقد استغرب زكريا جداً من الأمر فردت
عليه الملائكة ناقلين كلام الله له أو جاءه وحي مباشر" هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ
وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا" ذلك لأن ما حدث مع زكريا
هو المستحيل بعينه.
-
وقالت الملائكة لامرأة إبراهيم إن الله
فعل ذلك بكم " رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ
" والرحمة حسب ما توصلت إليه في أبحاثي هو إزالة الضرر؛ فقد كان هناك عائق
جسمي في امرأة إبراهيم، أمر الله الملائكة بإزالته. وقد تبين العلم الحديث أن
الأجسام المضادة تحارب الحيوانات المنوية وتعتبرها جراثيم، فتقتلها (تعقمها) وهي
أجسام موجودة في الذكر والأنثى، واستطاع الطب الحديث تجاوزها وعلاجها.
وهذا ما حدث لإبراهيم وامرأته غالباً.
-
هناك حاجة ملحة لكي ينجب زكريا، أكثر
من حاجة إبراهيم، لأن هناك ميراث كبير لا يريد أن يأخذه الذكور من أقاربه دون
الإناث كما هو فقه المواريث عندهم، فيتضرر النساء اللاتي يتولى زكريا رعايتهن،
فكان يخاف على الموالي من بعده، وكان الذكور ينتظرون موته بفارغ الصبر، فحتماً سوف
يحاربون موضوع إنجاب امرأته، فكيف لو كان الولد ذكراً يرث كل المال فيحمي به
النساء التي يرعاهن زكريا من قريبات ويتيمات ومنهن مريم. لهذا كان في حاجة ماسة
لآية تسكت هؤلاء اللصوص.
-
لو كانت امرأة زكريا لا تنجب لعلة فيها، لما وصفها زكريا
بالعاقر، لاستخدم مصطلح عقيم، وهذا يؤكد أن علتها شيء آخر يتفوق على العقم، والسبب
ببساطة لأنه لو كان العقم والعقر علة داخلية في جسم المرأة لما عرفوا أن يفرقوا
بينهما، ولكن العقر واضح ظاهر وهو كبر السن بينما العقم داء داخلي يصيب المرأة
خصوصاً، فيقتل الحيوانات المنوية.
-
وترى الباحثة وفاء برهان، أن عاقر إما
أنها تعني من لا يثبت لها الحمل، أو التي لا تنجب إلا الإناث. وقد رجحت هي التفسير
الثاني أي لا تنجب إلا الإناث. وهذا تفسير ضعيف؛ فكثير من النساء أنجبن الإناث
أولاً ثم بعد ذلك أنجبن الذكور، فليس في الإمر إعجاز يجعل زكريا يندهش كل هذا
الاندهاش، ويطلب آية.
-
وقد قالت سارة عندما بشرتها الملائكة
{وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } [الذاريات:
29]. وهذا يؤكد أنها كانت تعرف أنها سبب عدم الانجاب وليس إبراهيم عليه السلام،
وهذا يؤكد أن إبراهيم قد سبق له الانجاب، وهو ابنه إسماعيل من هاجر كما تقول
المرويات.
وفي الختام لا علاقة بين العقم والعقر،
فالأول يعني وجود علة في الجسم تمنع الحمل، وهذا يمكن علاجه مع تقدم العلم، أما
العقر فهو الكبر الشديد في السن الذي يجعل الحمل مستحيلاً ليس لعلة في الجسم، بل
لاستحالة تحمل الجسم كله لمثل هذه العملية.
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك