أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

الرجم في القرآن الكريم

 


الرجم في القرآن الكريم

الرجم لغة:

الرجم هو الرمي بالحجارة، والرجمة هي الحجارة الضخمة، والرجمة هي القبر، وتراجموا بالحجارة أي رموا بعضهم البعض بالحجارة. قال عبد الله بن مغفل لا ترجموا قبري أي لا تجعلوه مرتفعاً، بل سووه بالأرض، وصار فلان رجماً أي لا يوقف على حقيقته. وترجم كلام فلان أي فسر بلغة أخرى، ورجمت فلان بالكلام أي شتمته، وفرس مرجم أي يرجم الأرض بحوافره ([1])


الرجم في القرآن:

من خلال النصوص الكريمة يتبين لنا أن الرجم بين النفي وبين الطرد، فالمقصود من الرجم هو الإخراج من المدينة، بينما النفي هو الإخراج من الدولة أما الطرد فهو إبعاد الأشخاص عن محيط الشخص كمنزله أو عمله أو طريقه. لكن الرجم عشوائي وليس دقيق كالرمي ولا يقصد منه الإصابة بل يقصد منه التخويف والإبعاد. 

وأول مرجوم حسب علمنا هو الشيطان، لقد تم إخراجه من الجنة بواسطة الرجم، أي سقطت الحجارة على جهته لكي يخرج من الجنة، فخرج وصار دائماً مرجوماً كلما اقترب من الجنة. {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } [الحجر: 34]، وصارت صفة ملازمة له.

وقوم شعيب أرادوا إخراجه بواسطة الرجم، أي مطاردته بالحجارة حتى يهرب من المدينة {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَٰكَ} [هود: 91]. وأصحاب الكهف حذروا بعضهم من قومهم أنهم سيرجمونهم أي يطردونهم من المدينة بطريقة مؤلمة وهي قذف الحجارة عليهم حتى يخرجوا منها، نعم هم هربوا إلى كهف قريب، ولكنهم ظلوا في محيط المدينة، على أمل أن تهدأ الحملة ضدهم فيرجعوا إليها.

والرجم لا يعني القتل بالحجارة ولو كان قتلاً لما قال أصحاب الكهف لن تفلحوا فليس بعد الموت فلاح أو غيره {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} [الكهف: 20]. وفي نص آخر يؤكد أن الرجم ليس القتل بل هو التخويف لأنه ذكر بعد الرجم التعذيب ولا يكون التعذيب إلا لكائن حي {لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يس: 18]. ولو كان الرجم هو القتل بالحجارة لما سمي الشيطان بالشيطان الرجيم؛ لأنه سيصبح حينها قتيلاً، ولكنه رجيم أي تقذفه الحجارة بشكل دائم حتى يوم القيامة، إن اقترب من الجنة.

ونلاحظ في تلك القصص، أن تلك الأقوام لم تكن ترغب في القتل، لأنها تخشى الانتقام، لهذا كانوا يخططون للرجم أي الإبعاد بواسطة إلقاء الحجارة، ولهذا نجد أن قوم أصحاب الكهف انقلبوا إلى الضد وصاروا يقدسون أصحاب الكهف؛ فلم يكن غرضهم قتل أصحاب الكهف بل طردهم فقط، خاصة وأنهم فتية شباب، لهم أسرهم وأقاربهم في تلك القرية. لهذا نؤكد أن الرجم ليس القتل. 

والرجم أساساً قذف الحجارة بطريقة عشوائية، وليس كالرمي الدقيق، الذي يصيب هدفه بدقة لأن هدف الرجم ليس القتل والإصابة وإنما التخويف للإبعاد، لهذا شبه من يتحدث عن عدد أصحاب الكهف بأنه يرجم ولا يرمي لأنه لن يصيب هدفه بدقة وأقصد هنا عدد أصحاب أهل الكهف {سَيَقُولُونَ ثَلَٰثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ}  [الكهف: 22]. فهم يرجمون بعشوائية ويرجمون بالغيب الذي يعني مزيدا من العشوائية والخطأ المؤكد، فما في يدهم لا يعرفونه، ولكن مع هذا يرجمون به فمن المؤكد أنهم لن يصيبوا الحقيقة، وهذا تشبيه عظيم.

كذلك السماء الدنيا زينت بنجوم تضرب الشياطين بالحجارة عن طريق الرجم فلا يقصد قتل الشياطين ولكن تخويفها وإيقاع الألم بها والعذاب حتى تتوقف عن الاستماع {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُومًا لِّلشَّيَٰطِينِ}  [الملك: 5]، ولو استخدم المفردة رمي بدلاً من رجم لكان مقتلهم.

وهنا نشير إلى قضية رجم البشر حتى الموت، فهذا من عمل الشيطان وهو أبشع عمل يفعله الإنسان. وكل النصوص القرآنية تؤكد أن الرجم يقصد به التخويف فقط ولا يقصد به القتل، ومن مروياتهم أن شخص اسمه ماعز زنا فرجم فهرب، وهذا يؤكد معنى الرجم، فلو كان مربوطا لما استطاع الهرب، وإنما هم أخرجوه من بلدهم بواسطة الرجم، لكيلا يعود إليها. هذا لو افترضنا بصحة جزء من تلك القصص.

والله جل جلاله أعلم
علي موسى الزهراني

([1])الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (5/ 1928):مقاييس اللغة (2/ 493):المعجم الاشتقاقي المؤصل (2/ 768):


ali
ali
تعليقات