أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

الخروج في القرآن الكريم

 



الخروج في القرآن الكريم

خرج لغة:

خرج أصلان أحدهما النفاذ عن الشيء والثاني اختلاف لولين. فأما الأول مثل قولهم: خرج يخرج خروجاً. والخرج هو الضرائب، والخارجي هو الذي يرغب بالسيادة من غير وراثة قديمة. وفلان خريج فلان أي تعلم منه وتأدب، والخروج هي الناقة تخرج عن قافلة الإبل والخراج هو ما يخرج من قيح من البدن. والمخرج مكان الخروج. وخرجت السماء أي انقشع الغيم عنها.

والأصل الآخر لجذر خرج هو لونان بين السواد والبياض، ونعامة خرجاء، أو شاة خرجاء أي لونها أبيض من أسفل أقدامها إلى خاصرتها، قال الليث عن الكبش الأخرج: هو الذي لون سواده أكثر من بياضه، كلون الرماد وأرض مخرجة إذا كان يظهر فيها نبات في جهة منه. والخرج أول منشأ السحاب. ويقول صاحب المعجم الاشتقاقي: "وسائر ما في القرآن من مفردات التركيب فهو من معنى نفاذ الشيء من أثناء كانت تحوطه" ([1])

الخرج في القرآن الكريم:

الإخراج هو نقل شيء ما، من عالم مغلق إلى الفضاء، أو الانتقال من مكان مغلق إلى آخر مغلق، ولكن يمر بفضاء مفتوح. وإليك الأدلة:

الثمرات تكون كامنة في باطن الأرض على هيئة بذور، فينزل المطر فتصبح شجرة تثمر{فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَٰتِ رِزْقًا}  [البقرة: 22].كذلك المعادن في باطن الأرض { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}  [الأعراف: 32].

والجنة مغلقة فلما انتقل آدم وحواء منها كان خروجاً {فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ}  [البقرة: 36].وما تخفيه النفس من مشاعر وأفكار وسجل حوادث، تكون في مكان مغلق هو الصدر، ثم يخرج الله ذلك كما فعل مع قتلة غلام البقرة {وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ }  [البقرة: 72].

والماء مدفون تحت الحجارة في مكان مغلق فإذا ظهر كان خروجاً لأنه ظهر إلى فضاء مفتوح {فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ}  [البقرة: 74].وإذا خرج الناس من منازلهم كان خروجاً لأنهم كانوا في مكان مغلق وانتقلوا إلى فضاء مفتوح {وَلَا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَٰرِكُمْ}  [البقرة: 84].

وعند انتقال الرسول الكريم من يثرب استخدم المصطلح يخرج، لأنه في يثرب في منزله في مكان مغلق وذهب إلى مكان مفتوح {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ}  [البقرة: 150]. ولأن النار مكان مغلق فإن الانتقال منها يعتبر خروجاً {وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ النَّارِ }  [البقرة: 167].

والأرامل إذا انتقلن من منزل الزوج الميت فقد خرجن لأنهن انتقلن من مكان مغلق إلى فضاء مفتوح {فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ} [البقرة: 240]. كذلك الخروج من الديار هو خروج لنفس السبب {الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَٰرِهِمْ} [البقرة: 243

ويتحدث النص التالي عن حال المنافقين، فهم عندما يأتون ديار المؤمنين ومكان إدارتهم يدخلون ويخرجون إلى تلك الديار وهم يحلمون في طويتهم الكفر، لكنهم يكتمونه {وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ}  [المائدة: 61].

وحتى ما نسميه بعالم المجاز أو المعنويات، وهو حقيقة لا نستطيع رؤيتها لعجز فينا، فإن الانتقال من مكان مغلق كالظلمات الفكرية إلى فضاء العلم حيث النور فإن القرآن استخدم المفردة خروج {يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَٰتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّٰغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَٰتِ}  [البقرة: 257].

كذلك خروج الميت من الحي أو العكس فهو انتقال الحي من داخل الميت إلى فضاء مفتوح {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [آل عمران: 27].

الخروج يشير إلى الحرب غالباً

وقد تحرش الكفار بالمؤمنين وأتباعهم فاضطر المؤمنون إلى الخروج من منازلهم إلى الفضاء المفتوح، إلى ميادين القتال للدفاع عن أنفسهم وأتباعهم، وهذا النص لا يقصد هجرة المؤمنين من مكة إلى المدينة، فذلك استفزاز وشرحناه سابقاً، وإنما الآية تتحدث عن تحرش الكفار لقتال المؤمنين لإجبارهم على العودة لدينهم سواء دين قريش أو دين اليهود فخرج المؤمنون للقتال وأمرهم الشارع العمل بالمثل، وهو التحرش بالكفار، لكي يخرجوا من ديارهم للقتال {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَٰتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَٰتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَٰتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَٰفِرِينَ}  [البقرة: 191]. أي كما سببوا في خروجكم من بيوتكم للقتال، فعليكم أن تفعلوا المثل، فتردوا لهم الصاع صاعين.

 {يَسْءَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَٰعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْءَاخِرَةِ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَٰبُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }  [البقرة: 217].

فالخروج دائماً يكون بسبب الخوف أو القتال، فقد يخرج الناس للقتال {فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَٰتِلُوا مَعِيَ} [التوبة: 83].  أو قد يخرجون هرباً من القتل { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَٰرِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ}  [البقرة: 243]. ].  وعندما هرب بني إسرائيل من فرعون، من منازلهم إلى الصحراء كان خروجاً {وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَٰرِنَا وَأَبْنَائِنَا} [البقرة: 246].

أما لو كان المقصد هو السفر فإن النص يسميه سفراً { لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَٰذِبُونَ }  [التوبة: 42].

أنظر هذه الآيات الواضحات في معنى الخروج

{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَٰرِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [الأنفال: 47].

{أَلَا تُقَٰتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَٰنَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [التوبة: 13].

{إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40].

والآية الأخيرة يقصد بها خروج الرسول للقتال، وليس قصة الغار المزيفة التي تزعم أن الرسول يهرب في جنح الظلام من كفار قريش، ويترك ابن عمه عرضة للخطر، في قصة لا تليق بالإنسان العادي، ناهيك عن الرسول الكريم؛ فيذكر القرآن أن الرسول هاجر، ولم تقل خرج، فاستخدام هذه المفردة يقصد بها القتال أو الهروب من القتال.

كذلك الأمة الطيبة{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}  [آل عمران: 110] فكانت في مكان كموني مغلق، فأخرجهم الله للناس لكي تصلح الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية للناس ، ونلاحظ أنه استخدم مصطلح أخرجت دون بعثت مثلاً أو أرسلت، لأن الأمة كيان سياسي عسكري يقاتل ويتوسع لهذا هو يخرج أي يخرج للقتال والتوسع.

ونجد في التاريخ، فئة من المسلمين سميت بالخوارج أو لعلهم هم من سمى أنفسهم بذلك، فهم يخرجون للقتال في سبيل الله كما يعتقدون، فلم يسموا بذلك لخروجهم على النظام فقط، ولكن أيضاً لخروجهم إلى ميادين القتال أو ما يسمى اليوم بالجهاد، وقد وجدنا في الشرح اللغوي أن الخارجي يعني من يطلب الحكم بلا وارثة.

والشواهد القرآنية كثيرة، فنكتفي بهذا القدر من الشواهد والتي تؤكد أن الخروج هو انتقال من مكان مغلق إلى مكان مفتوح في الغالب أو يمر على فضاء مفتوح. وأنه استخدم كثيراً في القرآن ويقصد به القتال والذهاب إلى ميادين المعارك، أو للهرب.

 هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1])مقاييس اللغة (2/ 175): الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (1/ 309): تاج العروس من جواهر القاموس (5/ 508): المعجم الاشتقاقي المؤصل (1/ 545): 

ali
ali
تعليقات