أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

معنى الخنس الجوار الكنس في القرآن الكريم

 





معنى الخنس الجوار الكنس في القرآن الكريم

خنس لغة:

تدل على الاستخفاء والتستر، فقالوا: الخنس هو الذهاب في خفية. وقالوا: وأن الشيطان يخنس عند ذكر الله أي يختفي. ثم ذكر أن البقر كلها خنس، لأنها فطس الأنوف. وفي الصحاح الخنس هو التأخر والخنس تأخر الأنف مع ارتفاع قليل في أرنبة الأنف. والرجل أخنس والمرأة خنساء. وجنس الترك خنس ومن الأحاديث المنسوبة إلى الرسول الكريم: " لا تقوم الساعة، حتى تقاتلوا قوما خنس الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة " أي فطس الأنوف وقالوا هم الترك. والأسد خنوس لأنه أفطس الأنف. والخنس الكواكب كلها خنس لأنها تختفي في النهار. والخنس في القرآن هي الكواكب الخمسة زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد كما يقول صاحب الصحاح، لأنها تخنس في مجراها وتكنس. وقيل إن تلك الكواكب كنس لأنها تتأخر. وخنس بأصبعه أي قبضه ورده.

والخنس هو مأوى الظباء، وقيل، بل الضباء نفسها. وهذا قول عكرمة وجابر بن زيد. فالخنس هو البقر الوحشي عندهم وهو الظباء. والخنوس هو الانقباض والاستخفاء. وخنس الرجل أي تـأخر. وخنس الرجل عن حقي، أي أخر حقي وغيبه. واجتمع عند عبد الملك قوم، فقال لرجل من أهل المدينة ما طعام أرضك؟ قال: «عجوة خنس فطس، يغيب فيها الضرس» ([1])

رأي أهل التراث والتفسير

يزعمون أن عمر غضب عندما سأله أحدهم عن معنى الجواري الكنس، فلا نعرف سبب اختلاقهم لهذه الرواية، أما ابن مسعود فقال بأن الخنس هي بقر الوحش تفر من الذئاب، وهناك من يزعم أنها الضباء. بينما يرى علي بن أبي طالب أنها الكواكب تكنس بالليل وتخنس بالنهار. وهو نفس رأي ابن عباس الذي يرى أنها النجوم تجري يقطعن المجرة أما مجاهد فقد بين أنه لا يدري ثم تراجع وزعم أنها بقر الوحش. كذلك مجاهد بن جبر بين أنه لم يسمع فيها رواية، وهناك رواية عنه أنه يرى أنها الضباء ([2])

فالقوم لم يجدوا إلا هذين الرأيين في معنى الخنس، فهو عندهم إما الكواكب، أو يعني البقر الوحشي أو الضباء، لم يسأل القوم ما دخل البقر والكواكب، بما سيحدث يوم القيامة فالسورة تتكلم كلها عن يوم القيامة وما فيها من أهوال

الخنس من خلال القرآن الكريم:

لم يرد جذر الخنس إلا مرتين في القرآن الكريم

 { فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ }  [التكوير: 15].

{ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ }  [الناس: 4].

أما في قوله تعالى:

{ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ }  [الناس: 4].

فالمعنى واضح هذا الكائن الخسيس، يقوم بعمل الوسوسة، وهي الوحي في عقل الإنسان بكل ما هو شر وضرر، وهو يخنس أي يقوم بهذا العمل وهو في تخفي وغموض، وليس يخنس يعني يهرب من ذكر الله، فالله يريد تحذيرنا منه في هذه السورة لا تطميننا، فيقول لنا: إن الشيطان يوحي لكم بكل شر وهو متخفي فلا تشعرون به وكأن تلك الأفكار والمشاعر من عند أنفسكم، لا من مصدر خارجي فاحذروا منه وذلك بالتعوذ بي فأنا من ينصركم عليه.

وقد يكون الشيطان من الجنة أو الناس، فحتى لو كان هذا الشيطان بشري، لكنه لا يبين لك أنه يوسوس لك، بما هو ضار لك، بل يزعم أنه لك ناصح، أو يلقي الكلام الذي يحرضك على فعل الشر، فكأنك أنت من استنتج وتدبر وقدر، بينما هو من أوحى لك بالفكرة من طرف خفي.

أما الخنس الجوار الكنس في الآية الأولى، فهي لابات وبراكين يوم القيامة، وسميت بذلك لأحد سببين:

إما أنها تخنس الجبال فتطمس أنفها وتفطسها (تدكها) وهذا هو معنى الخنس في قواميس اللغة، وهذا المعنى مرجح عندي، أو أن المقصود هو أن اللابات البركانية مختفية عن الأعين وتعمل عملها المدمر من تحت الأرض، ثم من فوقها بعد ذلك.

وهذا هو الفرق بين الخفاء والخنس، فالخفاء لا يعمل فيه عمل، بل هو إخفاء الأشياء مثل إخفاء الأموال أو إخفاء المشاعر. ولكن الخنس هو العمل في الخفاء ويكون مدمراً.

وتلك الخنس جوار كنس، فهي تجري لمستقرها الأخير، وهي قيعان جهنم، وهي مع هذا الجري تكنس ما أمامها، فتكنس كل شيء من بناء، أو غابات، أو بيوت وعمائر، أو أجداث. وهي سريعة تجري. لهذا الإنسان يجري يريد أن يسبقها لينجو بنفسه ولهذا يبين القرآن حال بعض البشر يوم القيامة

{ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَٰلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ }  [ق: 44].

{ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ }  [المعارج: 43].

{ يَقُولُ الْإِنسَٰنُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ }  [القيامة: 10].

بقي أن نقول ملاحظة، وهي أن المولى يقول للناس زمن الرسول أنه لن يقسم بالخنس في زمنهم هذا، بل سيقسم بالخنس في لحظة الساعة، والقسم غالباً يعني التدمير فهو من التقسم والتفتت، كذلك ستفعل الخنس فعلها التدميري.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) غريب الحديث - إبراهيم الحربي (3/ 1038): الزاهر في معاني كلمات الناس (1/ 376): غريب الحديث - إبراهيم الحربي (3/ 1040): تهذيب اللغة (7/ 80): الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (3/ 925): مقاييس اللغة (2/ 223):

([2]) «موسوعة التفسير المأثور» (22/ 747) 

ali
ali
تعليقات