أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

السحت في القرآن المكرم

 



السحت في القرآن المكرم

السحت لغة:

أصل واحد، فسحت الشيء إذا استؤصل. وسحت الله الكافر أي أستأصله. ورجل مسحوت الجوف إذا كان لا يشبع.  والمال السحت كل حرام يلزم آكله العار. وسمي سحتاً لأنه لا بقاء له. والسحت العذاب. وأسحت في تجارته إذا كسب السحت. وأسحت ماله أي أفسده   

ويسحت البركة أي يذهبها. والسحت كل حرام قبيح الذِكر. أو ما خبث من المكاسب. وعندما أراد اليهود رشوة الرسول عليه السلام قال: أتطعموني السحت. وأسحت الرجل أي اكتسب الحرام. وأسحت ماله أي أستأصله وأفسده. وسحت رأسه أي أستأصله حلقاً. وسحت الشيء أي قسره قليلاً قليلاً. وفسروا يسحتكم بعذاب أي يقشركم.

وعام أسحت لا رعي فيه. وأرض سحتاء لا رعي فيها. والسحتوت هو السويق القليل الدسم. والسحتوت هو الثوب الخلق. والسحتوت المفازة اللينة التربة ([1])

رأي أهل التراث في السحت:

يرى الحسن البصري أن السحت هو الرشوة عند المحاكم، ويتفق معه مقاتل بن سليمان. ويرى قتادة بن دعامة أن ذلك كان في اليهود. بينما يرى ابن هبيرة أنهم يسارعون في أكل مهر البغي وما كان الكاهن يأخذ على كهانتهم.

ويرى زيد بن أسلم، أن السحت هو الحرام كله والرشوة من السحت، فيعتقد أن كعب بن الأشرف هو من وقعت عليه هذه الآية، لأنه كان يرتشي، ويقضي بالجور. كذلك يرى عبدالرحمن بن زيد أن الآية وقعت في اليهود. ويرى الضحاك أن الربانيين هم العلماء بينما يرى مجاهد بن جبر أن الربانيين أعلى درجة من الأحبار. ([2])

السحت في القرآن:

نلاحظ من خلال النصوص التي ذكر فيها السحت أنه سبقها ذكر الإثم، وقد شرحنا أن الإثم كل ذنب يخرج من الفم، كما خصص هذا الإثم بوضوح وهو الكذب الذي يخرج من الفم. فهم يسمعون للكذب كشهادة الزور أو يقولون الزور، لكي يبرروا أكل مال الناس وهو السحت.

لكي نتبين معنى السحت في القرآن يستحسن أن نبدأ بالآية الكريمة التالية:

{ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ }  [طه: 61]

فإننا نعلم أن كثير من الأمم قد افترت على الله الكذب، ولم يتم إبادتها، خاصة اليهود والنصارى، وفي القرآن توعد الله المفتري على الله بالعذاب يوم القيامة، فلهذا نستعبد أن يكون معنى ال     سحت هو الإبادة الجماعية.

ولو كان معنى السحت هو الإبادة لما أضاف موسى كلمة بعذاب، واكتفى بالسحت الذي يعني الإبادة. لهذا نرجح أن السحت هو الماحي للرزق والبركات.

فموسى يحذر قومه من هذا السحت، الذي سيصيبهم، فقد بين القرآن أن من يفتري على الله سينال نصيبه من الكتاب أي ما قرره الكتاب من عذاب.

{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِءَايَٰتِهِ أُولَٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَٰبِ}  [الأعراف: 37].

لهذا يتبين لنا أن السحت المذكور في القرآن، ليس هذا اسمه، بل مآلاته، فأكل مال الناس بالرشوة مثلاً،  ظلم يتفق فيه عدة أطراف على نهب مال الضعيف والمسكين، عن طريق الرشوة أو شهادة الزور أو قول الزور، ومآله هو السحت في الرزق.

لاحظ أنه ربط دائماً بين السحت والإثم وليس الذنب، وقد بينا في القاموس أن الإثم هو كل جرم خرج من الفم ومنها الكذب وشهادة الزور وقول الزور، والافتراء والإفك، بحيث يساهم ذلك الإثم في أكل مال الناس بالباطل، بموافقة القاضي المتآمر مع أحد الخصوم.

فيتوعد الله صاحب هذا الفعل الشنيع بالسحت. وقد يصيب السحت هؤلاء الظلمة في الدنيا فيفتقرون أو يصابون بالأمراض، وقد يعني تبخر حسناتهم يوم القيامة فتصبح هباء منثوراً.

فالسحت هو مآل من يظلم وينهب أموال الناس البسطاء، وإني أرجح أن السحت سيكون في الدنيا، وأن أموالهم لن يكون فيها بركة، وكلما نهبوا أموال الناس، جاءتهم المصائب التي تأكل أموالهم، أو أصابهم السفه فينفقونها في غير محلها، فلا ينتفعوا من ذلك الظلم. وعندما وصف القرآن بأن ذلك المال سحت، أراد أن يحذرهم ويبين نتائج أفعالهم وأنها بلا فائدة أو بركة.

 أنظر الآيات المكرمات:

{ سَمَّٰعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّٰلُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْءًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }  [المائدة: 42].

{ وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَٰرِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَٰنِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }  [المائدة: 62].

{ لَوْلَا يَنْهَىٰهُمُ الرَّبَّٰنِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }  [المائدة: 63].

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «مقاييس اللغة» (3/ 143) «تاج العروس من جواهر القاموس» (4/ 550)

([2]) «موسوعة التفسير المأثور» (7/ 672)


ali
ali
تعليقات