أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

الجري في القرآن المكرم

 



 الجري في القرآن المكرم

الجري لغة

أصل واحد وهو انسياح الشيء. وجرى الدم والماء أي سال خفيفا متتابعاً. وهناك حديث "لا يجرينكم الشيطان" وهناك السفينة الجارية والشمس كذلك، والجارية من النساء. أما قولهم أيام جرائها أي أيام صباها. والأجير مأخوذ من ذلك ([1])

الجري في القرآن

لا تسعفنا المعاجم كثيراً في فهم جذر الجري، لكن بتأمل بسيط في القرآن يتبين لنا معناه الحقيقي. وقد ورد جذر الجري 64 مرة، وكلها تشير إلى جري الكائنات غير العاقلة أو فاقدة الإرادة والحياة. وذلك ببساطة لأن الجري أصله من الجر، فتلك الكائنات يتم جرها جراً لا نراه، وقد اكتشفنا اليوم أسبابه وهو ما يسمى بالجاذبية، فهي التي تجُر تلك الكائنات المذكورة في القرآن، كذلك الرياح تجر مثل غيرها.

فالأنهار تُجر، ولأن من يجرها مخفي عن أعيننا فهي لنظرنا القاصر نراها كأنها تجري لوحدها

{لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَٰرُ} [البقرة: 25].

ومثل الأنهار العيون كذلك، تجري بفعل الجاذبية، وهذا يعني أن تلك الأنهار والعيون تسقط من أعلى الجبال في الجنة وتمر بجوار مساكن أهلها

{ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ }  [الرحمن: 50].

كذلك الكواكب والنجوم فهي تجري، لأن هناك من يجرها بفعل قوى الجاذبية العظمى التي لا نراها، فحتى الشمس تُجر يجرها شيء أكبر منها، ولأننا لا نراه فنحن نظنها تجري من ذات نفسها. أو أننا فهمنا خطأ معنى الجري فأطلقناه على الكائنات الحية ذات الإرادة وهذا لا يصح وقد صححه القرآن لنا.

{ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَٰلِكَ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }  [يس: 38].

فالشمس سوف تستمر بالجريان يجرها شيء مخفي عن أعيننا، وهو شيء أكبر منها، حتى تستقر في مكان أبدي، ومن المرجح أن الذي يجرها هو العرش، لأنها ستستقر يوم القيامة عنده.

كذلك القمر يجري بغير إرادة منه ثم يستقر كما الشمس

{ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى }  [لقمان: 29].

ثم تحدث القرآن عن الفلك وهي السفينة وهي الجارية، فكلها تشير إلى ذات الشيء وإنما يذكرها بصفاتها، وقد سميت بالجارية لأن هناك من يجرها

{ إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَٰكُمْ فِي الْجَارِيَةِ }  [الحاقة: 11].

ويبين القرآن أن الرياح هي التي تجر السفن

{ وَمِنْ ءَايَٰتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَٰتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ }  [الروم: 46].

{حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ}  [يونس: 22].

ثم يتبين لنا أن الريح هي أيضاً تجري، فهناك من يجرها وهي بدورها تجر السفن وتجر السحاب، فهذا النبي الكريم سليمان سُخرت له الرياح فهو يجرّها بطريقة لا نعلمها اليوم، وهي بدورها تجر السحاب الذي ينزل المطر حيث يريد. ولدينا اليوم بعض العلم عن حركة الرياح وما يجعلها تجري أي ما يجرها مثل الحرارة والضغط وغيرها من العوامل.

{ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ }  [ص: 36].

الخلاصة:

أن الجري في القرآن هو للكائنات فاقدة الإرادة، وهو من الجرّ، فالشمس يتم جرها فهي تجري، والقمر، والسحاب، والسفن والأنهار، وكل شيء يتحرك بغير إرادة منه فهو مجرور، ولأن أعيننا لا ترى فعل القوى الخفية فنظن أنها تجري من ذات نفسها.

وحتى التراث يؤكد ذلك، فالجارية سميت بذلك لأنها تفعل ما تفعل عن غير إرادة منها، بل يأمرها سيدها، وحديث الرسول" لا يجرينكم الشيطان " فيعني لا يحولكم الشيطان إلى كائنات مسلوبة الإرادة يحركها كيف يشاء كما تتحرك السفن والكواكب. كذلك الأجير الذي ذكرت المعاجم أنه مشتق من الجري، فذلك لأن الأجير يعمل وفق إرادة مستخدمه لا وفق إرادته.

وحتى السيارات اليوم والسفن، فكلها تجري أو تُجر، فالمكائن هي التي تجرها، ولهذا لا يصح أن نقول إن الإنسان يجري، لأنه يتحرك وفق إرادته فهو ينطلق أو يركض أو يسعى لكنه لا يجري لأنه لا يُجر إلا إذا كان مسلوب الإرادة.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني

 



([1]) جري لغة: «مقاييس اللغة» (1/ 448) «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (1/ 294)


ali
ali
تعليقات