أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

الرعب في القرآن المكرم

 


الرعب في القرآن المكرم

رعب لغة:

 

الرعب ثلاثة أصول: إما الخوف، أو الملء أو القطع. فالرعب هو الخوف. والرعب رقية يخيفون بها الساحر. وسيل راعب أي ملأ الوادي. ورعبت الحوض إذا ملأته. ويقال مرعب أي مقطع. ويقال لقطعة من السنام رعبوبة. والرعبوبة هي الشطبة من النساء تشبيها لها بقطعة من السنام. وسنام مرعوب إذا كان يقطر دسماً. وناقة رعبوبة أي خفيفة طياشة ([1])

الرعب في القرآن

تكررت المفردة خمس مرات، وفيها كلها يتبين أن الرعب مادة مجهولة تدخل القلب وقد تملأه. مثل مادة الحب التي قد تملأ القلب. وكما ألقى المولى الحب في موسى فصار كل من يراه يحبه، كذلك ألقى الرعب في قلوب الكفار المشركين وقذف الرعب في قلوب اليهود فما السبب؟

إلقاء الرعب وقذف الرعب:

نزلت مفردة الرعب في خمس آيات، أربع منها في المعارك:

{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} [آل عمران : 151]

{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال : 12]

{وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا} [الأحزاب : 26]

{وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر : 2]

 ومن الواضح أن المعركة ضد المشركين كانت مجهزة ومرتبة ومعد لها مسبقاً، فلهذا كان الرعب يلقى عليهم، لأن الأمور تسير ببطء، فلم تبدأ المعركة التي تواعدوا عليها، فهم أعداء وفي حالة حرب، ولكن معركتي اليهود فقد جاءت فجائية، فكان القذف هو المناسب وقد شرحنا في المعجم الفرق بين القذف وبين الإلقاء، وبينا أن الإلقاء يكون بهدوء وروية، بينما القذف فيكون بعجلة وسرعة.

والسبب في أن معركة اليهود فجائية، أنهم ليسوا في عداء مع الرسول ظاهراً، ولكن هم خانوا الرسول وغدروا بالمسلمين في عز الخطر، فكان طعناً منهم لظهر المسلمين، مما سبب ردة فعل المسلمين السريعة وهي الالتفات على العدو الداخلي الغادر، ولهذا كان لزاماً أن يقذفوا بالرعب لأن المعركة سريعة وفجائية. ويحدثنا التاريخ أن الرسول أرسل أصحابه على عجل شديد للانتقام من بني قريظة، بل أمرهم بعدم الصلاة للعصر إلا في بلاد بني قريظة، فكان دفع الرسول السريع لأصحابه إلى حصار بني قريظة يتناسب مع قذف الرعب الذي نالهم من السماء، الذي هو سريع فدخل قلوبهم وتمكن منها في نفس لحظة حصار الصحابة.

والنتيجة في قذف الرعب وإلقاء الرعب واحدة، فقد امتلأت قلوب الكفار واليهود بالرعب في نهاية الأمر، وساهم الرعب في هزيمتهم بدون خسائر كبيرة لهم وللمؤمنين.

فإذا فهمنا نتائج الرعب عرفنا ما هو الرعب؟

فنلاحظ التالي:

-     لا ينتج عن الرعب حزن أو قلق، كما يحدث بعد الخيفة([2])  وسوف نشرح الأمر في مفردة الخيفة والخوف.

-     ولا ينتج عن الرعب إشفاق، كما يحدث بعد الخشية. وقد شرحنا معنى الإشفاق سابقاً.

-     ينتج عن الرعب انهيار تام للقوى الإنسان، فيعجز عن أمور كثيرة ذكرها النص المكرم ولعلماء النفس دراية جيدة بنتائج الرعب، فالمرعوب يصاب بالصدمة فيجمد.

-     بعد سقوط الرعب على قلوب الكفار سهل التلاعب بهم وتحريكهم حيث يشاء الخصم، فبعد إلقاء الرعب على الكفار، انهارت أنفسهم، فسهل على الملائكة الضرب فوق الأعناق وضرب البنان. والضرب فوق الأعناق لا يعني ضرب الأعناق، بل ضرب مناطق الفم والسمع والعين فيزداد شللهم ويسهل على المسلمين أسرهم، لأنهم لا يستطيعون الكلام ولا النظر ولا السماع. كذلك يضرب الملائكة البنان وهي كما يقولون الأصابع فحينها يصعب على الكفار حمل السلاح مما يسهل على المسلمين أسرهم بلا ضرر.

-     وفي الآية الثانية من آيات الرعب، يقوم المرعوبون بتخريب بيوتهم أثناء الحصار، فمن المرجح أنهم نتيجة اضطرابهم الشديد صاروا يقتلعون حجارة حصونهم تلك ويقذفونها على المؤمنين في تصرف طائش وبلا فائدة. وهذا فيما يبدو من نتائج الرعب وهو التصرف الأرعن الأحمق العبثي.

بقيت الآية الكريمة:

{وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} [الكهف : 18]

فهي تتحدث عن بشاعة منظر أصحاب الكهف، فإن الإنسان حين ينظر إليهم سيوليهم الدبر، وهذا تصرف تلقائي، وسبب الحركة أن هؤلاء القوم لا يتحركون فهم نيام، لهذا استطاع الناظر الهرب، أما لو كانوا يسيرون نحوه ويتقدمون، لاستطاعوا اللحاق به، لأنه حينها سيصاب بالرعب وينهار تماماً ويعجز عن الحركة، فهو يرجح أنهم سيلحقونه.

الخلاصة:

الرعب هو أعلى درجات الخيفة، هذا لو اعتبرنا أن الخيفة هو المقياس، ويصاب المرعوب بالتصلب والعجز والاستسلام التام، على عكس الخائف الذي سيقاوم أشد المقاومة ويقاتل. لأن المرعوب يرى أنه أضعف ولا جدوى من المقاومة مطلقاً.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «مقاييس اللغة» (2/ 409) «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (2/ 819)

([2]) في القرآن لا يوجد إلا الخيفة أما الخوف كما سوف نشرح في مقال مستقل فهو توقع وترجيح الشر والضرر. 

ali
ali
تعليقات