أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

السرعة في القرآن المكرم

 


  

 

السرعة في القرآن المكرم

السرعة لغة:

سرع أصل صحيح يدل على خلاف البطء فالسريع خلاف البطيء. وسرعان الناس هم أوائلهم الذين يتقدمون. ولسرعان ما صنعت كذا أي ما أسرع ما صنعته. والسريع من قضبان الكرم هو أسرع من يثمر. والمسارعة إلى الشيء أي المبادرة إليه ([1])

السرعة في القرآن

السرعة في القرآن تعني التوجه إلى نقطة ما على عجل ودون تأخير، وقد وردت السرعة في القرآن بالمعنى الحسي في آيتين فقط

{ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَٰلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ }  [ق: 44].

{ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ }  [المعارج: 43].

وقد ورد جذر السرعة 23 مرة في القرآن، منها 21 مرة وقصد بها السرعة المعنوية، فهي تعني الانتقال إلى نقطة معينة، أو التوجه إلى أداء عمل ما، فهي توجه وحركة بلا أي عمل أو تنفيذ وهو عكس السعي كما سوف نرى.

ومن ذلك توجه المولى نحو الحساب، فهو سريع الحساب وسريع العقاب

{رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَىٰهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحَٰسِبِينَ}  [الأنعام: 62].

{أُولَٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَ اللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}  [البقرة: 202].

{إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}  [الأنعام: 165].

وقد استخدم القرآن السرعة ليدل على تقصير الزمن في التوجه نحو تنفيذ الأمر، فلم يستخدم المشي الذي هو أقل من السرعة، ولم يستخدم الركض الذي يدلل على طريقة الحركة.

والمؤمن عندما يدرك مكان الخير، فهو يسرع نحوه لكي ينفذه، وهذا يدلل على قوة إخلاصه وصدق إيمانه

{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَٰرِعُونَ فِي الْخَيْرَٰتِ}  [الأنبياء: 90].

{ أُولَٰئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِي الْخَيْرَٰتِ وَ هُمْ لَهَا سَٰبِقُونَ }  [المؤمنون: 61].

كذلك يوجه المولى الناس إلى طلب المغفرة والإسراع نحو تنفيذ هذا العمل، وهذا الإسراع يؤكد على حرص الإنسان على حيازة المغفرة ونيل رضى الله.

{ وَ سَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَٰوَٰتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }  [آل عمران: 133].

وهناك العكس وهم الكفار، الذين يسارعون نحو الوصول إلى الكفر لتنفيذه، فهم يحرصون على ذلك

{ يَٰأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَٰرِعُونَ فِي الْكُفْرِ}  [المائدة: 41].

وهناك من المنافقين من يسارعون في استرضاء الكفار، أي لا يضيعون الوقت ولا يفكرون ويتريثون، بل ينطلقون إلى هدفهم بسرعة وهو استرضاء الكفار بلا تأجيل، خوفاً منهم أو حباً فيهم.

{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَٰرِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}  [المائدة: 52].

واليهود برعوا في فعل كل كبيرة، فهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكل السحت، أي يحرصون على إنجاز هذه الأعمال في أقصر وقت ممكن.

{ وَ تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَٰرِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَ الْعُدْوَٰنِ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }  [المائدة: 62].

كما أن المولى ذكر عن نفسه الكبير المتعال أنه (أَسْرَعُ مَكْرًا) فهو سريع في مكره، لأنه يجب أن يسبق مكره مكرهم حتى تنقلب عليهم الأمور، ويقعون في شر أعمالهم، ذلك أن المكر يعني العمل في الخفاء ودون أن يشعر الآخر، مما يؤدي إلى أحسن النتائج بأقل ضرر ممكن.

{ وَ إِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي ءَايَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ }  [يونس: 21].

الخلاصة:

إن السرعة في القرآن هي تقصير المدة الزمنية اللازمة للوصول إلى الشيء أو الفعل، فإن كانت السرعة حسية فيقصد بها الوصول إلى نقطة معينة بقطع المسافة، وإن كانت السرعة معنوية فيقصد بها الإسراع بالهمة والتركيز والتخطيط للوصول إلى تنفيذ عمل من الأعمال.  

وهذه الحركة لا يقوم بها إلا الكائن المدرك الحي، فالكائنات غير الحية ليس لديها إرادة، بل تتحرك بالجري كما سوف نرى. وكذلك سنجد السعي يختلف عن السرعة في أنه ذا غاية وهدف ويحتوي على عمل وتنفيذ قبل الوصول إلى الهدف.  أما السرعة فهي مجرد انتقال سريع نحو مكان ما أو إلى أداء عمل ما. 

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (3/ 1228) مقاييس اللغة (3/ 152) المعجم الاشتقاقي المؤصل (2/ 999)

ali
ali
تعليقات