البدو في القرآن المكرم
بدو لغة:
هو ظهور الشيء. يقال بدا الشيء يبدو أي
ظهر. وسمي خلاف الحضر بدوَا من هذا لأنهم في أرض بارزة وليسوا داخل مدن وقرى. وبدا
لي في هذا الأمر بداء أي تغير رأيي عما كان عليه. وبدوتا الوادي جانباه. والبادية
اسم للأرض التي لا حضر فيها. وإذا خرج الناس من الحضر إلى الصحاري والمراعي قيل قد
بدوا. وسميت بادية لبروزها وظهورها ([1])
البدو في القرآن
ما يهمنا هنا هو البدو، ففي القرآن لا
يعني البدو سكان البادية كما يستخدمه الناس حالياً، بل يعني منطقة مفتوحة للعين
يبدو فيها كل إنسان، فلهذا سميت بالبدو، وهي ما نسميه بالبادية.
فهذا يعقوب سكن البادية مع أسرته التي
يسميها القرآن البدو
{وَ قَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَ جَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ} [يوسف: 100].
وكذلك المنافقون في زمن الرسول، كلما اشتدت
المعارك ودوا لو أنهم تهربوا من المسؤولية تجاه الإسلام وعدم المشاركة في الحروب
بأن يعيشوا في البادية (البدو) مع الأعراب، ويبدو أن بعضهم فعلها فصار يسأل عما حل
بالرسول والمسلمين.
{ يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَ إِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ
يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ
يَسْءَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ} [الأحزاب:
20].
وهذا المسجد الحرام قد جعله المولى للعاكف
فيه، أي الذي تصلب عند المسجد وجلس أمامه أو الذي مر به وبدا عنه، فلم يستقر.
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَٰهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَٰكِفُ
فِيهِ وَ الْبَادِ وَ مَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ
عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الحج: 25].
الخلاصة:
أن البدو هو ما نسميه بالبادية، وليس جماعة
اجتماعية، فهؤلاء يسميهم القرآن أعراب، وقد أخطأ الناس بتسمية الأعراب بالبدو، فهو
مكان مفتوح قريب من الصحراء لا يصلح للحياة فيه إلا بالخيام، وتكون الحركة فيه
نشطة جداً ومتنقلة، على عكس البلدة التي هي لبدة، فيلبد فيها الإنسان ولا يتحرك، فالبدو
مكان يعيش فيه الأعراب غالباً. وهم يعتمدون في حياتهم على الماشية لهذا لا يستقرون،
فيتنقلون مع توفر المراعي وصلاحها. ولو صارت أرضهم بلدة يكثر فيها المطر وتتوفر
المياه بغزارة، فتكثر فيها المزروعات لتحولوا من أعراب إلى عرب مستقرين متلبدين في
البلدة.
هذا والله أعلم
علي موسى الزهراني
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك