أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

المدينة في القرآن المكرم

 



المدينة في القرآن المكرم

مدن لغة:

ليس في هذا الباب إلا مدينة على وزن فعيلة وجمعها مدن. والمدينة الحصن يُبنى في أصطمة الأرض أي وسطه. وكل أرض يُبنى بها حصن في أُسطُمتها فهي مدينة. والمدينة المصر الجامع. وقد يكون اشتقاق المدينة من دين، يقولون أدنّ بالمكان أي أقام. ودندن أي اختلف في مكان واحد مجيئاً وذهاباً. ومنه المدين وهو المملوك. والدِين هو الحكم. والدَين كل شيء غير حاضر. وأصل المدن من مد وهو الامتداد مع قوة وشدة ([1])

المدينة في القرآن

قبل أن نسبر معنى المدينة يجب أن نستبعد، مدين من دراستنا، لأن مدين كما جاءت به النصوص هو اسم قبيلة، كونت دولة قوية، وسميت عاصمتها باسم القبيلة فالقرآن يقول إن مدين هم أخوة شعيب وهذا يعني أن مدين هي القبيلة التي ينتمي إليها شعيب. وقد يكون العكس أي تلك القبيلة أخذت اسمها لأنها سكنت منطقة مدين التي تحولت إلى خرابة، ولكن أرجح أن مدين هي قبيلة وتسمت المنطقة التي سكنوها باسمهم.  

{وإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}  [الأعراف: 85].

فصارت لهم دولة وعاصمة هي مدين لهذا قال القرآن أصحاب مدين

{وَأَصْحَٰبُ مَدْيَنَ} [الحج: 44].

واستمرت مدين بعدهم خرابة لا يسكنها أحدٌ إلا الأعراب من حولها يمرون على الماء، ولهذا عندما فر موسى ذهب ماء مدين فوجد عندها هؤلاء الأعراب، فاتفق مع أحدهم أن يرعى غنمه مقابل الزواج بابنته.

{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ}  [القصص: 23].

أما المدينة فنلاحظ أولاً أن المدينة مكان عكس البدو، فالبدو هو ما نسميه حاليا بالبادية، فالمدينة هي التي يستقر فيها الإنسان لوجود بيوت فيها، وأبنية للتعليم والعبادة والقضاء والأسواق، وقد يكون هناك مكان للترفيه واللعب، وغالبا تبنى فيها أبراج وتحاط بأسوار.

{وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ ومِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ} [التوبة: 101].

وفيها الأسواق التجارية كأسواق طعام الخضار والفواكه. مثل أصحب الكهف الذين ذهبوا لشراء طعام زكي أي ما نسميه اليوم بالطازج حتى لا يفسد سريعاً في كهفهم.

{فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَ لْيَتَلَطَّفْ وَ لَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا }  [الكهف: 19].

ومن الواضح أن المدينة لا تصبح مدينة إلا إذا كثرت البيوت فيها، فها هو الرجل الذي حذر موسى جاء من أقصى المدينة، ولو كانت صغيرة لما احتاج النص لقول ذلك.

{وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَٰمُوسَىٰ}  [القصص: 20].

{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَٰقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}  [يس: 20].

وفرعون يسكن المدينة كذلك بقية الجبارين، ولا يعقل أن يسكن السلطان الحاكم مدينة صغيرة، فهي لهذا تُطلق على العاصمة، فالمدينة هي العاصمة.

{قَالَ فِرْعَوْنُ ءَامَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ} [الأعراف: 123].

ويبدو أن عدد سكان المدينة أي العاصمة كبير، فها هي مدينة ثمود يسكنها تسعة رهط مفسدين، ومن المؤكد أنهم أكثر من ذلك والرهط كما تقول المعاجم ما بين تسعة إلى أربعين ([2]) ولا أظن أن العدد صحيح، بل هو أكثر من ذلك وسوف نشرح مفردة الرهط في مقال. ولكن على أية حال، فحتى لو كان عددهم أربعين رجلاً فهذا يعني أربعين أسرة، فإذا كانوا تسعة رهط، فهذا يعني أن عدد الأسر هو ستون وثلاثمئة أسرة. وهذا يعني أن المدينة هي العاصمة لكبر مساحتها وكثرة ساكنيها.

{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لَا يُصْلِحُونَ}  [النمل: 48].

والمدينة ليست القرية، فالقرية كما سوف ندرس هي الدولة كلها، والمدينة عاصمتها، فعندما دخل موسى والخضر القرية فقد دخلا إلى الدولة، ثم وصلا إلى عاصمتها وهي المدينة وهناك أصلحا الجدار الذي يريد أن ينقض.

{ وَ أَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَٰمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ}  [الكهف: 82].

وقد يكون السلطان صاحب نفوذ على عدة مدة مثل فرعون

{ قَالُوا أَرْجِهْ وَ أَخَاهُ وَ ابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَٰشِرِينَ }  [الشعراء: 36].

{ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَٰشِرِينَ }  [الشعراء: 53].

الخلاصة:

نستنتج من هذا أن المدينة هي الكيان الحضاري الذي يستقر على مكان جغرافي واسع، فتقوم فيه البيوت والزراعة وأبنية التعليم والقضاء وإدارة الدولة. وهو نقيض البدو الذي نسميه البادية بلهجتنا. وكل الرسل يظهرون في المدن لكي يصلحوا من حالها لأنها العاصمة فإذا صلحت صلح معها بقية أجزاء الدولة.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني

 



([1]) «مقاييس اللغة» (5/ 306) «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (4/ 2047)

([2])  «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (2/ 865)ترى بعض المعاجم أن الرهط بين الثلاثة إلى العشرة. أنظر «مقاييس اللغة» (2/ 450)


ali
ali
تعليقات