الرزق في القرآن المكرم
الرزق لغة:
أصل واحد يدل على عطاء لوقتٍ. والرزق
عطاء الله جل ثناؤه. والرزق بلغة أزد شنوءة هو الشكر. والرزق بالكسر ما يصل إلى
الجوف ويتغذى به. ورزق الطائر فرخه أي كسب له ما يغذُوه. والرزق هو الغذاء أصلاً،
ثم توسع فيه على كل خير يناله العبد ([1])
الرزق في القرآن
ورد هذا الجذر 123مرة، في 109 آيات
مبجلات، في 44 سورة مكرمة، وكلها تشير إلى أن الرزق هو حظ الإنسان من الشراب
والطعام فقط، ولن نبحث في كل الآيات، ولكن سنختار ما يؤكد هذا المعنى بشكل جلي.
وليس كل الطعام والشراب رزق، بل ما نلناه وصار
في حوزتنا. أي هو حظنا من الطعام والشراب. وقد شرحنا معنى الحظ في مقال سابق وبينا
أنه ما صار في ملكيتنا.
الماء رزق:
{كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ} [البقرة: 60].
{وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} [غافر: 13].
{وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن
رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الجاثية: 5].
{ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ} [البقرة: 60].
سنجد أولاً أن الماء من ضمن الرزق، فهو
رزق، وذلك لأنه بمنتهى الوضوح، شيء يزرق في الجوف. وهو حظ لأنه صار في حوزتنا
وملكنا، فكل ما يكون في ملكيتنا مما يزرق في جوفنا فهو رزق.
الطعام رزق:
{كُلُوا مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٰكُمْ} [البقرة: 172].
ودائما يأتي لفظ الرزق مع الأكل فهو طعام
يدخل الجوف فهو يرزق أو يزرق، فالطعام رزق لأنه من حظنا الذي يزرق في جوفنا.
الثمرات رزق:
{وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ
بِهِ مِنَ الثَّمَرَٰتِ رِزْقًا لَّكُمْ}
[البقرة: 22].
يبين النص الكريم أن هناك ثمرات خصصت
للبشر، فقد سخر المولى السماء والأرض للبشر، وسخر الثمار للبشر، فهي رزق لهم أي هي
طعام لهم وهو من حظهم الذي حازوه. نعم قد يأكل معنا بعض الدواب من تلك الثمار، فهي
مخصصة لمن يستفيد منها، نحن وبعض الدواب.
بهيمة الأنعام رزق:
{عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ
الْأَنْعَٰمِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28].
وبهيمة الأنعام رزقٌ، ذلك لأننا نستخرج
منها اللحم والشحم والحليب والأجبان، فكلها أطعمة تفيدنا، ويمكن أيضاً أن نستفيد
منها الكسوة، ولكن لا نسميها رزق كما تبين لنا.
السكار رزق، ولكن:
{ وَمِن ثَمَرَٰتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَٰبِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا
وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67].
{قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق: 11].
الآيات
التي قبل هذه الآية وبعدها تتحدث عن معجزات الله في خلقه، ومنها هذه الآية، فيمكن
من خلال التمر إنتاج أطعمة كثيرة، ويمكن من خلال الأعناب انتاج العصير أو الزبيب أو
المسكر، وحتى النخيل هناك من يصنع منها النبيذ ويسمى اللاقمي.
والمسكر والرزق الحسن كلها أرزاق، لأنها
تؤكل وتُشرب، ولأنها صارت من حظ أحدهم، فهذا هو المعنى، نعم المسكر ضار، ولكنه رزق
وهو رزق غير حسن، وهو ليس من الله فالله لا يعطي الرزق الفاسد، فالله خير
الرازقين.
الطعام والشراب في الجنة رزق:
{
إِنَّ هَٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } [ص: 54].
بينت هذه الآية أن رزق الله في الجنة لا
نفاد له، والآيات التي سبقتها ذكرت أنه طعام وشراب، أنظر:
ﵟمُتَّكِـِٔينَ
فِيهَا يَدۡعُونَ فِيهَا بِفَٰكِهَةٖ كَثِيرَةٖ وَشَرَابٖ
٥١ ۞ وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ أَتۡرَابٌ
٥٢ هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ ٥٣ إِنَّ هَٰذَا لَرِزۡقُنَا مَا
لَهُۥ مِن نَّفَادٍﵞ [ص: 51-54]
فبعد أن ذكر الطعام والشراب، وذكر أنهم
يجالسون قاصرات الطرف، بين أن ذلك الشراب والطعام هو رزق الله الذي لا ينفد، أي هو
حظهم من الطعام والشراب الذي لا ينتهي، ذلك لأن الحظ أساساً هو ما تملكه وحزته
لمرة واحدة، ولكنه في الجنة لا نفاد له.
الإملاق هو قلة الطعام:
{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَٰدَكُم مِّنْ إِمْلَٰقٍ
نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام: 151].
وزعموا أن الإملاق هو الفقر، بينما
الحقيقة أن الإملاق هو ضعف المنتوج الغذائي، فزيادة السكان على قدرة البلاد في
الإنتاج، سيؤدي إلى المجاعة، فالإملاق هو ألا يتوفر الطعام، حتى لو كان المجتمع
غنياً بالأموال والعقار.
وهي ظاهرة تواجدت في كل الأمم تقريباً،
فقد كان في اليونان قانون يسمح للأب بقتل ذريته حتى لا تتقسم الأراضي فيؤدي إلى
الفاقة ([2]) واقترح أفلاطون إلى تعريض الطفل من أبوين منحطين أو كبرين للجو
القاسي حتى يموت، واقترح أرسطو أن يتم الإجهاض بدلاً من قتل الأطفال ([3])
وظهر مالتوس بنظريته المشؤومة في أن
تكاثر السكان يفوق تكاثر الطعام وأن الأول يزيد وفق متوالية هندسية بينما الطعام
يزيد وفق متوالية حسابية ([4]) وأنه يجب تأخير الزواج، وإنقاص
الرواتب ومنع الإعانات، حتى لا يستطيع الشعب الزواج مبكراً، ويجب منع العلاقات
الجنسية العابرة لخطر الحمل، وقد سُر كبار الدولة في بريطانيا بهذه النظرية
وطبقوها.
وهي ظاهرة عالمية في كل المجتمعات،
ويثيرها الشيطان في عقول النخبة، مما يجعلهم يسنون قوانين إجرامية فاجرة، ولكي
تنجح خطة الشيطان في تضييق الرزق على الناس فقد جعلهم يحرمون بعض الأطعمة { قَدْ خَسِرَ
الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَٰدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ}([5]) وقد حارب القرآن بشدة ظاهرة تحريم الأطعمة التي
انتشرت عند الوثنيين وأهل الكتاب، رغم قلة الطعام في ذلك الزمن خاصة لعدم القدرة
على حفظه وتوزيعه عكس ما نشاهد اليوم.
الدواب لا تريد إلا الرزق:
{ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى
اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6].
نعلم أن الدواب لا تريد من الدنيا إلا
الطعام، فهي لا تريد الحلي أو المنازل أو الدراهم، ولو كانت تلك الأشياء رزقاً،
لما استخدم النص السابق هذا الجذر، بل لقال النص مثلاً -على
الله إطعامها- لكنه استخدم الجذر المناسب، وهو الرزق وقلنا إن الرزق هو الحظ
من الطعام والشراب.
والآية تقول إن المولى وضع نظاماً عظيماً،
فكل نوع من الدواب له طعام، فلن تجد دابة إلا ولها غذاء خاص بها، فالعصافير تأكل
الحبوب، والأسود تأكل اللحوم، والأرانب تأكل الخضراوات، وهكذا.
طعام تُرزقانه:
{قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ} [يوسف: 37].
يقصد يوسف بطعام يصير من حظكما أي صار
ملكاً لكما، لهذا أضاف كلمة ترزقانه. ولعل يوسف يقصد بالطعام، الوجبة اليومية التي
يتحصل عليها السجين، وربما يريد أن يبين لهما أنه سريع في تأويل الأحلام، بفضل من
الله لا بجهده.
ويبدو أن تعبير يوسف دقيق، فيقول لهما: في
هذه اللحظة التي تم تجهيز طعام لكما فصار رزقاً لكما أي صار من حظكما، سوف أفسر
الرؤيا قبل أن يصل إليكما الطعام.
كذلك كلام يوسف يشي أن هناك طعام يحضر في
السجن لا يرزقانه، ربما يقومان بعمل مصنوعات منه كصنع الخمر أو غيره.
الرزق رغد وحسن:
{رِزْقًا حَسَنًا } [النحل: 75].
{يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا} [النحل: 112].
وقد نعت الرزق بأنه حسن ورغد، وهذا لا
ينطبق على الدراهم أو العقار أو الزينة، وقد شرحنا معنى الرغد بأنه الطازج، وكذلك لا
يوجد دراهم سيئة أو حسنة، لكن هناك رزق حسن ورزق سيء، فالنصان يقصدان الطعام
والشراب الذي صار في حوزة أصحابه.
الدراهم لا تؤكل:
{ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَٰلًا
طَيِّبًا} [المائدة: 88].
لو كان الرزق يشمل الطعام وغيره، لقال
النص وكلوا مما أطعمكم أو وكلوا مما أعطاكم، حتى نستطيع التفريق بين رزق الطعام
ورزق الدراهم والعقار، وهذا يؤكد أن الدراهم ليست رزقاً لأنها لا تزرق في الجوف،
بل هي مددٌ. كما أن لفظتي حلالاً وطيباً تؤكدان على أنه طعام، فهذه الألفاظ تُطلق
في القرآن على الأطعمة.
الكسوة ليست رزق:
{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233].
{وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: 5].
ولو كان الرزق معنى عام وشامل لكل ما
يناله الإنسان لما فصل الرزق عن الكسوة، فالكسوة هو توفير الملابس، والرزق هو حظ
الإنسان من الطعام والماء.
الزينة ليست رزق:
{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَٰتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32].
والزينة هي ما يتزين بها الإنسان،
كالأساور والجواهر، ولم يقل القرآن أنها رزق، ذلك لأنها زينة الله، أما الطعام
الطيب فقد سماه رزقاً، وهناك من حرم بعض الأطعمة من عند نفسه.
الأولاد هبة، لا رزق:
{ وَوَهَبْنَا
لَهُ إِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ} [العنكبوت:
27].
كذلك الأولاد ليسوا من الأرزاق، بل كل
القرآن عندما يتكلم عنهم، يبين أنهم هبة وليسوا أرزاقاً، وذلك يؤكد أن الرزق هو
الطعام والشراب فقط.
الرزق من الله ومن البشر:
{وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: 5].
{وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّٰزِقِينَ
} [الجمعة: 11].
{وَهُوَ خَيْرُ الرَّٰزِقِينَ } [المؤمنون: 72].
ولو كان الرزق من الله وحده، لما أمر
هؤلاء بأن يرزقوا من يعولونهم، ولقال أطعموهم، ولو قال أطعموهم لما كانوا ملزمين
بتوفير الماء، وتوفير الماء في ذلك الزمن أصعب من توفير الطعام. لهذا أمرهم بتوفير
الاثنين واستخدم لفظة واحدة وهي الرزق.
واستخدام لفظة الرزق مناسب، لأن الماء
والطعام يزرق في داخل الجسم، وقد وجدنا في المعاجم أن الرزقِ هو ما يدخل جوف
الإنسان.
من حضر يُرزق:
{ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَٰمَىٰ وَالْمَسَٰكِينُ
فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ} [النساء: 8].
فيقصد به تقسيم الثمار والمزروعات، فلا
يعقل أنه يقصد تقسيم العقار، أو تقسيم النقود، على هؤلاء، فإن استثنينا العقار والمال فماذا
بقي؟
لم يبق إلا المزروعات والثمار، ولم يقل
النص فافرضوا لهم فريضة من المزروعات، بل قال ارزقوهم منه، أي أعطوهم ساعة القسمة
كرتون من الثمار أو كيساً من الحبوب، لمرة واحدة. وقد أطلق على هذه العملية كلمة
رزق، وهذا يؤكد أنها طعام يزرق في جوف الإنسان، وكذلك يؤكد أنها حظ فيجب عليهم أن يملّكوا
هذا الطعام تلك الفئات التي ذكرها النص.
رزق مريم:
{وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا} [آل عمران: 37].
كانت مريم تحصل على الرزق أي طعام وشراب،
حظاً لها، فقصدت الآية أنها تملكته وتحصلت عليه، وربما جاءها بطريقة إعجازية وربما
جاءها من الجيران، فنسبت هذا الخير إلى الله، وهذا يؤكد أن الرزق هو ما يزرق في
الجوف من طعام أو شراب، لأن زكريا لن يجد عندها عقار أو مال حتماً، فلو كان الرزق يشمل
كل شيء، لقال النص وجد عندها طعاماً، حتى لا يحدث تشويش عند القارئ.
الأموات يرزقون:
{ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَٰتًا
بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
} [آل عمران: 169].
شرحنا في مقال سابق معنى الأموات، وبينا
أنهم من فقدوا المشاعر والإحساس. بينما الموتى فهم الذين قبروا منذ مدة. ويبين
النص المكرم أن الأموات ليسوا أمواتاً كما تظنون، بل أحياء، والحي يحتاج إلى رزق
لكي يستمر في الحياة، وقلنا إن الرزق هو الطعام والشراب.
وهذا يؤكد أن الرزق هو الطعام والشراب
فقط، ولو كان الرزق هو كل شيء مثل الدراهم والعقار، لأتى بكلمة أخرى غير الرزق،
ولتعجبنا ما فائدة الدراهم والعقار للمقتول، لكن النص يبين أنهم يرزقون أي فقط
طعام وشراب، وهم عند ربهم. ولعل المقتول تذهب نفسه وتسكن في جسم جديد عند الله،
فيأكلون ويشربون إلى حين، أو لعل المقتول لديه أحاسيس ومشاعر لا نشعر بها.
السفهاء يُرزقون فيها:
{ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَٰلَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ
لَكُمْ قِيَٰمًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: 5].
الأموال لا تلقب في القرآن بالرزق، بل
بالمدد فهي مدّ من الله، والمال يطمس، لأنه ليس كائن حي الذي يهلك ويموت، ولو كان
يقصد بالمال مثل المواشي أو المزارع لما قال النص بالأعلى وارزقوهم فيها، بل لقال
وارزقوهم منها، ويقصد بالرزق فيها، أي دون استهلاكها بالكلية. وسوف نشرح معنى
المال في مقال آخر.
قدر عليه رزقه:
{ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ
رَبِّي أَهَٰنَنِ } [الفجر: 16].
تتحدث السورة عن صنفين من البشر، أحدهم منعم
مكرم والآخر رزقه بمقدار.
ﵟفَأَمَّا
ٱلۡإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ
وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ ١٥ وَأَمَّآ إِذَا مَا
ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ
فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ ﵞ [الفجر: 15-16]
وبمنتهى الوضوح، فإن الأول صار لديه رزق
كثير فوق حاجته، بل ربما صار يبيع منه، وكذلك مده بالمال والعقار، فوصل إلى مرحلة
النعيم والإكرام، بينما الثاني فرزقه محدود يقيم أوده، أي طعامه وشرابه بمقدار،
فاعتبرها إهانة له، لأنه لا يملك مثل أقرانه، أي لا يجد من الحياة إلا الطعام
والشراب وبمقدار معين.
الخلاصة:
عند إدراكنا معنى الرزق نستطيع فهم عشرات
الآيات التي ورد فيها هذا الجذر، فالرزق يعني الطعام والشراب فقط، دون بقية النعم
التي لدينا، ويجب أن يكون في ملكيتنا وحوزتنا حتى نسميه رزقاً، فالطعام على كوكب
المريخ ليس رزقاً لنا، فالرزق هو بكل وضوح حظنا من الطعام والشراب.
وقد ميز القرآن الطعام والشراب، بهذا
الجذر لأهميته وخطورته، فالطعام والشراب هو قوام حياتنا، وبعدها تأتي بقية الكماليات،
من مسكن وزينة وأشياء نتفاخر بها، فمعظم البشر إن لم يكن كلهم يعيشون من أجل أن
يأكلوا، لما في الأكل من لذة، فهو يجلب لنا اللذة ويزيل ألم الجوع، ولما فيه من سبب
رئيس في بقائنا أحياء.
هذا والله أعلم
علي موسى الزهراني
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك