أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

نكص في القرآن المكرم

 



نكص في القرآن المكرم

نكص لغة:

نكص على عقبيه إذا أحجم عن الشيء خوفًا وجبنًا. ونكص على عقبيه رجع عما كان عليه من خير. ولا يقال إلا في الرجوع عن الخير كما يرى ابن دريد. ونكص رجع إلى الخلف قهقري ([1])

نكص في القرآن:

لا يمكن أن يكون النكوص هو الرجوع خيفة وجبنًا، ولا يمكن أن يكون النكوص هو الرجوع عن الخير، ولا يمكن للنكوص هو الرجوع قهقري، كل هذا باطل.

فقد ورد هذا الجذر مرتان فقط:

{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَٰنُ أَعْمَٰلَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ }  [الأنفال: 48].

{ قَدْ كَانَتْ ءَايَٰتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَٰبِكُمْ تَنكِصُونَ }  [المؤمنون: 66].

نلاحظ أن النكص مثل الانقلاب ومثل الرد

{ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً }  [البقرة: 143].

{وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَىٰنَا اللَّهُ}  [الأنعام: 71].

فالانقلاب قد شرحناه وهو الرجوع إلى النقطة الأولى دون المكوث في النقطة الجديدة. بينما الرد هو الرجوع إلى النقطة الأولى عن غير إرادة منًا. ولهذا يكون النكوص حركة مثل الرد والانقلاب وهو رجوع مثلهم.

ونلاحظ أن الشيطان يتهرب أو ينفر من الكفار الذين ساقهم إلى المعركة، فالكفار لو كانوا يرون الشيطان ويسمعونه لتعجبوا ولقالوا لماذا تنكص، وكأن نكص جاءت من نقض، أي غدر بهم بعد أن وعدهم المساعدة، أي رجع إلى الوراء مع نقضه للميثاق الذي وثقه مع الكفار.

{ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَٰقِهِ}  [البقرة: 27].

فإذا صح أن النكص هو النقض والذي هو على هيئة رجوع عن الميثاق والوعد، فهذا يعني أن الآية الثانية تشير إلى نفس المعنى، فالكفار جاءوا ليستمعوا إلى الرسول وقد وثقوا له ولأصحابه المواثيق، ولكنهم رجعوا عنها وهذا هو النكوص وهو النكوص إلى الأعقاب أي الرجوع إلى الوراء في المواعيد.

ومن الراجح، بل الجازم أن الوعد الذي وعدوه إياه هو الاستماع إليه، فلما جاء الرسول أو جاء دعاته للقاء وقراءة القرآن عليهم نكصوا بوعدهم إلى أعقابهم أي إلى الخلف فهربوا. وهذا ما تأكده الآية التالية، فقد نكصوا في النهار عند الموعد وفي المساء هجروا المكان.

ﵟقَدۡ كَانَتۡ ءَايَٰتِي تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ فَكُنتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡ ‌تَنكِصُونَ ٦٦ مُسۡتَكۡبِرِينَ بِهِۦ سَٰمِرٗا تَهۡجُرُونَ ٦٧ أَفَلَمۡ يَدَّبَّرُواْ ٱلۡقَوۡلَ أَمۡ جَآءَهُم مَّا لَمۡ يَأۡتِ ءَابَآءَهُمُ ٱلۡأَوَّلِينَﵞ [المؤمنون: 66-68] 

فالنص بالأعلى يقول لهم:

كنتم تنكصون بالنهار استكباراً، بعد أن وعدتم بالاستماع، وبالليل تهجرون السمّار منهم ممن يقرأ القرآن عليكم، وبدلاً من تدبر القرآن أي السير خلفه نكصوا، والسبب بسيط هو أنه جاء بما يخالف معتقدات الآباء. ثم بعد هذا تطالبون بالجنة

الخلاصة:

النكص هو النقض في المواعيد، لكن التي تتضمن الرجوع الجغرافي، على هيئة رجوع على الأعقاب، أي رجوع عن الموعد والميثاق، كما تخلى الشيطان عن ميثاق أتباعه عند المعارك، وتخلى الكفار عن الموعد مع قراء القرآن بعد التواعد، فرجعوا عن اللقاء خلافاً لما تواعدوا عليه.

ولا علاقة بين النكوص وبين الرجوع خيفة، لأن الشيطان لم يرجع خيفة، بل غدراً بأصحابه، وتعذر لهم أنه كان خائفاً. كذلك فعل الكفار مع الدعاة. ولا يمكن أن يكون النكوص رجوعاً عن الخير، فالشيطان رجع عن المعركة التي كلها شر بالنسبة له ولأصحابه. ولا يمكن أن يكون النكوص هو الرجوع القهقري. بل هو رجوع عادي مثل أي رجوع، ولكنه يصاحبه الغدر والنقض للميثاق. فالنكوص هو الرجوع عن الوعود والمواثيق، رجوعاً مكانياً.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «مقاييس اللغة» (5/ 477) «تاج العروس من جواهر القاموس» (18/ 190) «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (4/ 2259)


ali
ali
تعليقات