زرق في القرآن المكرم
الزرق لغة:
الزرق لون معروف. والزُرقة هو البياض
حيثما كان. والزُرقة هو خضرة في سواد العين. وقيل هو أن يتغشى سوادها بياض. والزّرقُ
العمى أو العطش. والزرق بياض لا يُطيف بالعظم كله. وزُرق هو طائر صياد وقيل هو
البازي الأبيض. الزُرق بياض في ناصية الفرس. والزرقُ رمال بالدهناء. والمزراق البعير يؤخر حمله إلى مؤخر
نقله. وزرقت الناقة الحمل أي أخرته ([1])
الزرق في القرآن:
لم يرد هذا الجذر إلا مرة واحدة في هذه
الآية المبجلة
{يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ
الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه:
102].
وترى التفاسير والمعاجم أن المقصد أن
وجوههم كالحة مسودة، بينما يرى آخرون أن المقصد هو أنهم عُمي، وقيل، بل يظهر في
عيونهم الزرقة من شدة العطش ([2])
ولم يكلف القوم أنفسهم بقراءة ما قبل
النص وما بعده
ﵟمَّنۡ
أَعۡرَضَ عَنۡهُ فَإِنَّهُۥ يَحۡمِلُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ
وِزۡرًا ١٠٠ خَٰلِدِينَ فِيهِۖ وَسَآءَ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ حِمۡلٗا ١٠١ يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ وَنَحۡشُرُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ زُرۡقٗا ١٠٢
يَتَخَٰفَتُونَ بَيۡنَهُمۡ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا عَشۡرٗا ١٠٣ نَّحۡنُ أَعۡلَمُ
بِمَا يَقُولُونَ إِذۡ يَقُولُ أَمۡثَلُهُمۡ طَرِيقَةً إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا
يَوۡمٗا ﵞ [طه: 100-104]
فهو
يتحدث عن صنف المجرمين وهم أشد الناس عذاباً وعقاباً، والمجرم كما شرحنا هو من
يدلس ويفتي ويشرعن ويحارب فكرياً أهل الحق، فهم الملأ أي رجال الدين، الذين يشرعون
للعامة قتل أولاء الله ويدفعون الحاكم إلى البطش. ويقدمون الحجج الشرعية لذلك، فهم
يكفرون المخالفين ويُشيطينونهم.
هذه الفئة منذ أن تخرج من قبرها يوم
القيامة، وبعدها تقوم الساعة، يسيرون نحو المحشر حاملين أوزارهم وشيء من أوزار من
أضلوهم.
{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ
كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَٰمَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ
يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25].
{ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْءَلُنَّ
يَوْمَ الْقِيَٰمَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } [العنكبوت: 13].
لهذا فالحمل عليهم ثقيل جداً، وسيرهم
بطيء جداً، لهذا سيصلون إلى المحشر في الأخير، وهذا سبب زرقتهم، فهم كالبعير الذي
يتأخر بسبب الحمل الذي على ظهره كما رأينا في المعاني اللغوية بالأعلى، فهم زرق أي
متأخرين في الوصول، وهم يحملون أثقالاً.
ثم يسألون بعضهم البعض أي هؤلاء
المتأخرين المجرمين، عن مدة لبثهم في الأرض، فلا يتذكرون ويختلفون، وقد بينا أن
البشر تدخل ذاكرتهم في حالة سبات عظيم، فلا يتذكرون إلا لحظات منها، حتى يستلموا
كتاب أعمالهم فيتذكرون كل شيء، لكن في المحشر لا يتذكرون إلا أشياء غامضة مبهمة
مثل عدد أيام حياتهم في الدنيا، فقال بعضهم عشرة أيام وقال آخرون، بل يوم وقال البعض،
بل ساعة وقال بعضهم، بل عشية وضحاها.
الخلاصة:
إن المجرمين يحشرون زرقاً، وهذا ليس نعتاً
لأشكال وجوههم أو أعينهم، بل هو نعتُ حالهم، فلأنهم يحملون أثقالاً منهكة، فهم
يتأخرون في الحضور إلى المحشر فيكونون في طرفه، فهم زرق أي متأخرين عن الركب بسبب
أحمالهم الثقيلة، كما البعير المزراق والناقة المحملة بالأثقال.
هذا والله أعلم
علي موسى الزهراني
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك