أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

الفرح في القرآن المكرم

 



الفرح في القرآن المكرم

فرح لغة:

أصلان أحدهما يدل على خلاف الحسن والثاني يدل على الإثقال. فقول الرسول: لا يُترك في الإسلام مفرح. أي لا يتُرك إنسان أثقله الدين. ورجل مُفرح أي فقير بلا مال. والفرحانة هي الكمأة البيظء. وقال ثعلب: هو أن يجد في نفسه خفة ([1])

فرح في القرآن:

تبين لنا في المقال السابق أن المرح هو مشية المتكبر، بينما هنا نجد الفرح هو المشاعر اللذيذة التي يشعر بها الإنسان، فإن كانت أسبابها طيبة كان فرحاً محموداً لا لبس فيه، وإن كانت الفرحة نابعة لأسباب خبيثة فاجرة فاسقة، كانت تلك الفرحة وبالاً على صاحبها في الدنيا والآخرة.

ونلاحظ أن الفرح ورد أكثر من المرح فقد ورد 22 مرة بينما المرح ورد ثلاث مرات فقط. وهذا واضح لأن الشعور بالسرور سهل ميسور، ولأن ذلك الشعور هو الطبيعة والأصل في الإنسان، بينما المرح والتي هي مشية المتكبر فهي نادرة في الطبيعة البشرية السوية.

فمن تلك الأفراح المذمومة أن يفرح المنافقين بأي مصيبة تحدث للمؤمنين {وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا}([2]) أو فرح المتخلفين عن القتال في سبيل الله {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ} ([3]) بينما المؤمنين فيحق لهم الفرح { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ }([4]) لأنهم لا يفرحون إلا من الحق والخير.

ونلاحظ أن صاحب العقيدة يشعر بالفرح بسببها {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}([5]) ولهذا كلما جاءه ناصح أمين غضب وشعر بالحزن وربما أذى من ينصحه وسوف يكرهه حتماً، لأن سعادته قد تزول وفرحه سيتبخر، ولهذا نرى الجماعات تسخر من الناصح الأمين، كنوع من المقاومة للفكر الجديد الذي يذهب سعادتهم وفرحهم بما لديهم من ضلال.

{ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَٰتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ }  [غافر: 83].

وأكثر الفرح هو بسبب المال والخير

{إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }  [القصص: 76].

{وَفَرِحُوا بِالْحَيَوٰةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَوٰةُ الدُّنْيَا}  [الرعد: 26].

{بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ}  [النمل: 36].

وقد يكون الفرح بسبب زوال المصائب أو بعدها

{وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا}  [يونس: 22].

{لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّءَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ }  [هود: 10].

{ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا}  [الروم: 36].

وقد يكون الفرح بالمكسب الديني

{ فَرِحِينَ بِمَا ءَاتَىٰهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}  [آل عمران: 170].

{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }  [يونس: 58].

{ وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ الْكِتَٰبَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ}  [الرعد: 36].

وعلى العموم فإن الإنسان يفرح بعد أي مكسب سواء كان مادياً أو دينياً أو بزوال المصائب، فكلها مكاسب مادية ومعنوية، ولولا تلك المكاسب ما فرح الإنسان.

الخلاصة:

نلاحظ أن المعاجم تعجز عن سبر المفردات، وأن قولنا رجل مفرح لا يقصد بها أنه فقير بالأساس، ولكن يقصد بها أنه يفرح بأي شيء يقدم له، لأنها تخفف عنه مصيبة الفقر. بل صار هذا اللفظ يطلق على المديون والفقير دوماً، لأنه يفرح بأي شيء يقدم له، وقد قال الرسول لا يُترك مفرح. أي لا يترك المديون، دون مساعدة.

كما لاحظنا أن الفرح شعور طبيعي للإنسان عندما ينال المكاسب سواء أكانت مادية أو معنوية تتمثل في الدين، أو في إزالة المصائب، فحين يمتلك تلك المكاسب يظهر السرور في وجهه والفرح في صدره.

ولأن الفرح يأتي بعد مكاسب، فإنه قد يكون فرحاً محرماً، لأن تلك المكاسب محرمة، فقد يفرح المنافق والكافر بمصيبة على المؤمنين، وهذا يدل على خبثه وكراهيته للدين الحق. وقد يفرح الغني بماله غروراً وكبراً وإهمالاً للآخرة.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «مقاييس اللغة» (4/ 499) «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (3/ 1653)

([2])   [آل عمران: 120].

([3]) [التوبة: 81].

([4]) [الروم: 4].

([5]) [المؤمنون: 53].


ali
ali
تعليقات