أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

الحنث في القرآن المكرم

 



الحنث في القرآن المكرم

 الحنث لغة:

الحِنثُ هو الذنب العظيم والإثم. والحنث هو الشرك. والحنيث هو الخُلفُ في اليمين. والحنث في اليمين هو النكث بها. والحنثُ هو الميل من باطل إلى حق أو عكسه. والحنث أن يقول الشخص غير الحق. وواحد الحنث هو محنث. ويتحنث من القبيح، أي يتحرج من القبيح. وكان الرسول يخلو في غار حراء يتحنث فيه الليالي. وفسروا الحنث العظيم باليمين الفاجرة ([1])

 الحنث في الأحاديث:

ولو بحثنا في الأحاديث سنجد أن الرسول كان يتحنث في غار حراء، كما روى المسلم في صحيحه وبين أنه التعبد ([2]) وهناك حديث آخر، إذ يسأل حكيم بن حزام الرسول عن تحنثه في الجاهلية بالصدقة وصلة الرحم والعتق، هل هو مقبول ([3]) وزعم أحدهم أن التحنث من بقايا دين إبراهيم وهو الاعتكاف ذاته ([4])

 الحنث في القرآن:

كما نلاحظ فإن المعاجم احتارت في معنى الحنث، فمرة يقولون هو الشرك ومرة يقولون هو اليمين الفاجرة، ومرة يقولون هو النكث في الحلف. وعند بحثنا في هذا الجذر سنجد آيتين اثنتين ورد فيهما هذا الجذر.

{ وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ }  [الواقعة: 46].

{ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَٰهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }  [ص: 44].

فحنيها نلاحظ من خلال الآيتين التالي:

-     يوجد حنث عادي ويوجد حنث عظيم

-     أيوب مريض فيدله المولى على العلاج ثم يحذره من الحنث

-     شرحنا سابقاً معنى الصر وقلنا هو اصدار صوت أو كلام بتكرار

وبهذا يتبين لنا أن الحنث هو من جنس الكلام أو الصوت، وقلنا إن أيوب من بيئة متخلفة في عصر قديم متخلف، كان يتعالج عن طريق الدجالين وأهل الوثن والخرافة، ولهذا حذره المولى من الذهاب إلى تلك الأصنام لطلب الشفاء أو حتى تكرار كلام شركي زعم المعالجون في زمنه أنه يقضي على المرض، وقد لاحظنا من خلال المرويات أن إبليس طلب منه أن يقول "أنت شفيتني" وفي رواية أمره أن يمتنع عن البسملة عند الأكل، وبهذا نلاحظ أن الأمر يتعلق بالنطق والكلام.  

وقد نُعت بأنه الحنث العظيم، فالقوم يكررون الكلام أو الصوت عند الأصنام يطلبون منها الرزق والمال والخير، أو يطلبون دفع الشر، أو يحمدونها ويسبحونها. ويوجه القرآن الرسول إلى الفعل المعاكس وهو تسبيح الله. وتسبيح الله مشابه لصر الكفار، فهو تكرار الكلام عن ذات الله وأفعاله، وقد كررت السورة التوجيه بالتسبيح مرتين:

{ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ }  [الواقعة: 74].

{ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ }  [الواقعة: 96].

فكما يصر الكفار أي يكرروا ما يشبه التسبيح عن آلهتهم المزعومة، قم يا محمد وسبح الله العظيم بنعوته التي تعلمتها لما فيه فائدة لك ولما فيه نصيحة للكفار. وقد بينت الروايات أن الرسول كان يتحنث في غار حراء قبل الإسلام، وقد نعتوا فعله بالتحنث، لأنه في نظرهم كان يدعو إلهه الخاص كما هم يفعلون مع آلهتهم الخاصة، ولم يدركوا أنه تسبيح ونظن أن تحنثه كان في بداية نزول الوحي، قبل أن يأمره القرآن بالتوجه إلى دعوة الآخرين للدين، وحينها أدرك حجم المسؤولية التي أُمر بها، فقال دثروني دثروني.

الخلاصة:

الحنث هو الكلام الذي ينطق به الوثني، رغباً أو رهباً، وهو على درجات، وهو يشبه التسبيح في ذات الله، وأعظم الحنث هو ترديد الكلام عن الأصنام والأوثان، وهناك حنث أقل منه ونظن أنه الكلام الموجه للأصنام بغرض المصلحة وليس عن حب وتوقير.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني

 

 

 



([1]) «تاج العروس من جواهر القاموس» (5/ 223) «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (1/ 509) «الغريبين في القرآن والحديث» (2/ 501)

([2]) «صحيح مسلم» (1/ 140 ت عبد الباقي)

([3]) «صحيح البخاري» (2/ 521)

([4]) «السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية» (ص259 بترقيم الشاملة آليا)


ali
ali
تعليقات