أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

العطاء في القرآن المكرم

 



العطاء في القرآن المكرم

العطو لغة:

عطو أصل واحد صحيح يدل على أخذ ومناولة. فالعطو التناول باليد. والظبي يعطو وذلك عندما يرفع رأسه ويديه لكي يتنازل ما في أعلى الشجرة. ومنه اشتق الإعطاء. والمعاطاة المناولة. وعاطى الصبي أهله أييتي

أي عمل وناول ما أرادوه. والعطاء اسم لما يعطى وهي العطية وجمعها عطايا. وجمع العطايا أعطية.

 والتعاطي هو تنازل ما ليس له بحق. وفلان يتعاطى ظلم فلان. وعاط بغير أنواط أي أنه يسمو إلى أمر ولا آلة له عنده. وقوس عطْوَى أي لينة ليست بكزة ولا ممتنعة. وشيء لا تعطوه الأيدي أي لا تبلغه فتتناوله. وعطا بيده إلى الإناء أي تناوله وهو محمول قبل أن يوضع على الأرض. والإعطاء هو مد اليد بالشيء ليتناوله آخر. وتعاطوا الشيء أي تناولوه بعضهم من بعض ([1])

العطاء في القرآن المكرم:

العطاء هو تقديم الشيء لآخر بلا مقابل، فإن أعطيت اثنين أو جماعتين مع فرق في العطاء فأنت فضلت أحدهما على الآخر، وقد شرحنا معنى الفضل وبينا أنه عطاء للجميع مع زيادة لأحدهم.

ﵟكُلّٗا نُّمِدُّ هَٰٓؤُلَآءِ وَهَٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا ٢٠ ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ [الإسراء: 20-21] 

وقد يكون العطاء بالإجبار، لكنه يظل عطاء، لأنه مجاني {حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَٰغِرُونَ}([2]) وتوزيع الصدقات عطاء مجاني {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَٰتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا}([3])  وعطاء أهل الجنة غير مجذوذ أي غير متقطع وهو مجاني{عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ }([4])  والمولى أعطى الكائنات الحية ما يبقيها حية، ثم وضع البرنامج الذي يدلها على ذلك العطاء {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ }([5]) .

نعيم الجنة:

{ جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا }  [النبأ: 36].

قد بين القرآن أن نعيم الجنة هو جزاء وعطاء وحساب، فما السبب؟

السبب أن الجنة هي جزاء على عملنا في الدنيا، وهي أيضاً عطاء أي هي زيادة عن حقنا، فأعمالنا لا تشفع لنا كل هذا الكم من النعم، فلهذا الجنة هي جزاء وعطاء. وهو أيضاً حساب، فعلى قدر عملك تنال الجزاء والعطاء، وليس الأمر عشوائية، فهناك تفاوت في الحساب مما يؤدي إلى تفاوت في العطاء.

فتعاطى فعقر:

{ فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ }  [القمر: 29].

هذا الشخص الذي عقر ناقة صالح، ما الذي تعاطاه؟

هل تعاطى المسكر، لكي يزيل من نفسه شعور الخيفة، فيقدم على عقر الناقة؟

أم أُعطي المال والعقار من قبل المترفين لكي يقدم على عقر الناقة؟

نرجح أنهم أعطوه مقابل تلك الخدمة، وهو مال يفوق الأجر، فلهذا نعت بأنه عطاء لكثرته، فعقر الناقة لا يستحق كل هذا الأجر، لهذا نعت بأنه عطاء.

عطاء الكوثر:

{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ }  [الضحى: 5].

{ إِنَّا أَعْطَيْنَٰكَ الْكَوْثَرَ }  [الكوثر: 1].

شرحنا سورة الضحى، وبينا أنها من أوائل سور القرآن فهنا يعد المولى الرسول بأنه سيعطيه حتى يرضى، وهذا العطاء لكي يحثه على النفقة على الأيتام والسائلين، وهو ليس أجر فهو يفوقه، فهو عطاء ضخم وكبير.

ثم في سورة الكوثر التي نزلت بعد الضحى، بينت أن المولى قد أعطى الرسول الكوثر، وطبعاً يستحيل أن يكون الكوثر نهر في الجنة وسوف نفصل في هذا الأمر عند تفسير السورة. ونكتفي هنا بذكر أن الآية تقول إن الأمر قد حدث فعلاً، فعطاء الكوثر قادم وفي طريقه إلى الرسول، لهذا صل يا محمد وانحر، أي أكثر الاتصال بالبشر وخاصة الفقراء وانحر لهم ولا تخش الفقر فإن الكوثر في طريقه إليك.

والكوثر من الكثرة، فسوف تصبح غنياً جداً يا محمد، ففوق أنه عطاء مجاني كثير، فهو كوثر، أي كثير ، أو هو تكاثر لا ينفذ، وهذا ما قاله التاريخ فقد صار الرسول المكرم غنياً جداً، فكان الغني الزاهد المتواضع.

أعطى وأكدى:

يتحدث القرآن عن أحد الكفار، الذي يعطي، ولكن يعطي القليل، وفوق هذا يكدي، والتفاسير تقول إن أكدى أي انقطع ([6]) ولكن نرجح أحد معنيين، فإما أنه يقصد أن الكافر كان يعطي بعد أن يتسول ويشحذ منه الفقير ([7]) أي بعد المن، أو أنه أعطى القليل ثم جعل الفقير يكد له في خدمته، وهذا الذي نرجحه.

الخلاصة:

إن العطاء هو البذل المجاني، فهو بلا مقابل، فهو ليس شراء وبيعاً، وقد يكون على شكل صدقة أو على شكل جزية إجبارية، أو أي عطاء آخر يكون بالمجان.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني

 

 



([1]) «مقاييس اللغة» (3/ 354) «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (3/ 1483)

([2]) [التوبة: 29].

([3]) [التوبة: 58].

([4]) [هود: 108].

([5]) [طه: 50].

([6]) «موسوعة التفسير المأثور» (20/ 745)

([7]) «تكملة المعاجم العربية» (9/ 49)


ali
ali
تعليقات