حمأ وحمئة في القرآن المكرم
حمأ لغة:
الحمأ الطين الأسود. أو طين البئر الأسود
النتن أو الطين المتغير. وحمئت عليه أي غضبت. والحمء كل ما كان من طرف الزوج مثل الأخ
والأب. وحمأ الماء أي تغيرت رائحته. وعين حمأة أي حارة ([1])
حمأ في
القرآن
يعرض القرآن صوراً لخلق الإنسان في مراحله
المتعددة، ومن تلك المراحل مرحلة الحمأ المسنون وقد شرحنا معنى مسنون وبينا أنه يعني
مصقول، وهذا يؤكد أن معنى حمأ هو طين، ولكن ليس أي طين.
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَٰنَ مِن صَلْصَٰلٍ مِّنْ
حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} [الحجر: 26].
{إِنِّي خَٰلِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَٰلٍ مِّنْ حَمَإٍ
مَّسْنُونٍ } [الحجر: 28].
فهو طين حمإ أي أسود أو متعفن حسب القوامس،
ونرجح أن يكون المعنى أنه طين أسود متعفن، فيكون المعنى خُلق الإنسان من صلصال كان
أصله طين أسود متعفن مصقول.
والمقصد من هذه النصوص أن تبين وضاعة أصل
الإنسان المادية وليست الروحية والنفسية-وفق منظور الكائنات العليا- وأنه مع ذلك
أمر الملائكة الكرام بالسجود له. وقد تكررت هذه الفكرة في آيات أخرى لتؤكد هذه
الوضاعة
﴿وَبَدَأَ خَلۡقَ ٱلۡإِنسَٰنِ مِن طِینࣲ 7 ثُمَّ جَعَلَ نَسۡلَهُۥ مِن سُلَٰلَةࣲ
مِّن مَّاۤءࣲ مَّهِینࣲ﴾ [السجدة: 7-8]
﴿أَلَمۡ نَخۡلُقكُّم مِّن مَّاۤءࣲ مَّهِینࣲ 20
فَجَعَلۡنَٰهُ فِی قَرَارࣲ مَّكِینٍ﴾ [المرسلات: 20-21]
﴿فَلۡیَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ مِمَّ خُلِقَ 5 خُلِقَ مِن
مَّاۤءࣲ دَافِقࣲ 6 یَخۡرُجُ مِنۢ بَیۡنِ ٱلصُّلۡبِ وَٱلتَّرَاۤئِبِ﴾ [الطارق:
5-7]
أما حمئة كما في الآية:
{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَٰذَا
الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا
} [الكهف: 86].
من المؤكد أن العين في القرآن تعني بحيرة
كبيرة لأنه ذكر أن الشمس تغيب فيها أمام الناظر، وبهذا فإن العين الحمئة تعني بحيرة
سوداء متعفنة وهناك بحر أطلق عليه أهله بالأبحر الأسود، يقولون إن سببه هو كثرة الغيوم
هناك وهذا نستبعده وهناك من فسر سواد البحر لكثرة الطحالب الدقيقة فيه لقلة ملوحته
فأدى إلى تغير لونه فأصبح داكناً.
وهناك من يرى أن وفرة كبريتيد الهيدروجين
في مياهه هو السبب، فكل شيء يغرق فيه من كائنات حية أو مواد معدنية يغطى بطبقة سوداء
من الطين التي هي التركيز العالي لكبريتيد الهيدروجين ([2])
ولهذا نرجح أن ذو القرنين مر على هذه المنطقة،
إذا صح أن العين الحمئة هي البحر الأسود ثم بعد أن أقام العدل فيها اتجه شرقاً حيث
تطلع الشمس.
الخلاصة:
أن الحمأ هو الطين الأسود المتعفن، وأن العين الحمئة هي البحيرة التي يكثر
فيها السواد والعفن.
هذا والله أعلم
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك