البال في القرآن المكرم
البال
في المعاجم:
البالة هي القارورة والجراب ووعاء الطيب.
والبول هو ما يخرج من المثانة من الجهاز الإخراجي. والبال هو الذي يُعتمل به في
أرض الزرع المسحاة. والبالة هي عصا فيها زُج تكون مع صيادي البسرة يصيدون بها
السمك. والبال هو النفس والقلب ويسمى لب وحجر. والبال هو الحال التي تكترث بها ([1])
البال
في القرآن:
ورد جذر البول في القرآن أربع مرات على
صيغة بال، والبال كما سوف نرى هو خاطرة نفسية مثل الهم والغم والشغل وغيرها من تلك
الخواطر، ولكن يبدو أنها تمثل الجزء الأعظم من عقل ونفس الشخص، فنظن أن البال
يستقر في لب عقل ونفس الإنسان.
وسوف نجد عند دراسة تلك النصوص الأربعة
أن البال هو ما يستقر في النفس بقوة، فيلهيك عن بقية أمورك الأخرى، فأنت مثلاً: تهرب
وساقك مجروحة لأن بالك مشغول بالهرب من حيوان مفترس.
ولهذا أراد يوسف أن يعرف – وهو يعرف حتماً
– لماذا انشغل عقل النسوة وهو البال، عن الشعور بأيديهن وهي تقُطع، فالبال هو
انشغال العقل بأمر يكبت كل شعور آخر غيره، فالنسوة لم يعد لديهن شغل إلا التعرض
ليوسف والتفرد به، لهذا سببن في سجنه فهو مسجون بريء.
{مَا بَالُ النِّسْوَةِ الَّٰتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي
بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } [يوسف: 50].
وفي
الآية:
{ قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَىٰ } [طه: 51].
فإن موسى وهارون حذرا فرعون من خطر
الطغيان وعلى من يكذب الرسول (أَنَّ ٱلۡعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ)
وأن من يظلم سيصاب ما أصاب القرون الأولى، فسألهم فرعون عما كان يعتمل في نفوس تلك
الأقوام فسبب هلاكهم، فأخبراه أنهما لا يعلمان بالضبط ما كان يعتمل في نفوسهم،
ولكن الله العظيم قد سجل كل شيء في كتاب، لكن السبب الرئيس أنهم انشغلوا عن ربهم
باللهو واللعب كما تقول بقية الآيات من السورة.
وفي
الآية:
{ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّٰلِحَٰتِ وَءَامَنُوا بِمَا
نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّءَاتِهِمْ
وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } [محمد: 2].
تكلم النص عما كان يعتمل في عقل ونفس فئة
من اليهود، من قلق وخوف سابقاً، ثم بعد الإيمان وعمل الصالحات ثم آمنوا بالرسول
فكانت النتيجة أن كفر الله عن سيئاتهم وأصلح بالهم أي صار بالهم في أمور سارة
وليست مرعبة ومخيفة.
وفي
الآية الأخيرة:
{ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } [محمد: 5].
يتكلم عن حال المؤمنين يوم القيامة، حيث
يساور الجميع الرعب والقلق من كوارث إلا فئة المؤمنين المتقين، فإن المولى يرسل
لهم الملائكة تهديهم إلى الطريق الصحيح نحو الجنة، وتصلح بالهم فتقول لهم لا خوف
عليكم ولا تحزنوا، فيصبح بالهم منشغلاً بالتفكير في الجنة وليس بالخوف من كوارث
يوم القيامة.
{ إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّٰلِحَٰتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَٰنِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَٰرُ
فِي جَنَّٰتِ النَّعِيمِ } [يونس: 9].
{ أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ
ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ
تَحْزَنُونَ } [الأعراف: 49].
الخلاصة:
البال هو الخاطر الذي يشغل عقل الشخص
ونفسه، فلم يعد يفكر في شيء سواه وهذا ما حدث مع نسوة يوسف، وما حدث مع اليهود
الذين آمنوا بالرسول عليه السلام، ومع المؤمنين يوم القيامة الذين سيصلح الله
بالهم، وهو ما كان يستفسر عنه فرعون فكان يسأل ما الذي شغل القرون الأولى عن
الإيمان بالدين الحق أو ما الذي شغل القرون الأولى فسبب في هلاكهم.
هذا والله أعلم
علي موسى الزهراني
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك