أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

شأن في القرآن المكرم وتفسير آية كل يوم هو في شأن

 



 

شأن في القرآن المكرم وتفسير آية كل يوم هو في شأن

 

الشأن لغة:

أصل واحد يدل على ابتغاء وطلب. فشأنت شأنه أي قصدت قصده. وما هذا من شأني أي ما هذا من مطلبي والذي ابتغيه. والشأن هو الأمر والحال والخطب. ولا يستخدم إلا فيما يعظم من الأحوال والأمور. ولأشنأن شأنهم أي لأفسدن أمرهم. وأشأن شأنك أي اعمل ما تحسنه. وما شأنت شأنه أي لم اكترث له. وما شأن شأنه أي ما شعر به.

 والشأن مجرى الدم إلى العين، وجمعها شؤون. وبعضهم يرى أنها الدموع وليس الدم. والشأن عرق في الجبل ينبت فيه النبع. وقيل عرق في التراب في الجبل ينبت فيه النخل. وقيل بل شقوق في الجبل وقيل صدوع. ([1])

الشأن عند أهل التراث:

فسروا الشأن عدة تفسيرات، فذهب بعضهم إلى أن المقصد أن الله يكون كل يوم في شأن يجيب داعياً ويكشف كُرباً ويجيب مضطراً ويغفر ذنباً. ([2])

 وهو رد على اليهود الذين يقولون إن الله لا يعمل شيئاً يوم السبت. ويرى قتادة أن المعنى أنه يخلق خلقا ويميت ميتاً ويحدث أمراً. ([3]) وهذا الرأي منسوب إلى الرسول فعبد الله بن سلام يسأل الرسول عن تفسير هذه الآية فقال له: يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويرفع قوماً ([4])

الشأن في القرآن

شرحنا سابقاً معنى الفعل والعمل وقلنا الفعل هو الأداء الذي يُفعل لأول مرة ولمرة واحدة فإن تكرر الفعل صار يطلق عليه عمل. وقلنا إن الله يفعل ولا يعمل، وبقيت لدينا الجذور: " صنع، إنشاء، خلق، جعل" وسوف ندرس خلق وجعل وصنع في وقت لاحق.

فما هو الشأن؟

هل الشأن هو الشغل وهو انشغال الذهن بأمر معين؟

ورد جذر الشغل وشرحناه وبينا أنه انشغال الذهن والنفس بأمر معين، فهو ليس فعل أو عمل فهو ما نسميه بالتفكير.

ورد الشأن في أربع آيات مبجلات، ونستبعد أنه العمل لورود جذر العمل مع نفس الآية

{ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِن قُرْءَانٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ}([5]) وبينا أن العمل هو المتكرر من الأفعال، لهذا نرجح أن المعنى هو الفعل الذي يخصنا، فذهابك لكي تخطب فهذا شأنك، لأنه لا يتعلق بالآخرين، وأنت تذهب للسوق لكي تشتري طعاماً لبيتك فهذا شأنك.

لهذا قال في آية

{فَإِذَا اسْتَءْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ}([6])

وقال في آية عن يوم القيامة

{ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }([7])

وهذا يعني أن الشأن هو فعل مع بذل مجهود فكري لإنجازه

فما تفسير الآية التالية وهي مقصدنا من كل المقال

{ يَسْءَلُهُ مَن فِي السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ }  [الرحمن: 29].

كان من المفروض على كل البشر أن يقعوا ساجدين شكراً لله، بعد قراءة هذه الآية، فالمولى لم يخلقنا ويتركنا عبثاً، بل نحن جميعاً تحت عنايته ورعايته، فمعظم الكائنات تسأل الله إن لم يكن كلها، فلهذا المولى تعالى يكون في شأن كل يوم، لأنه اعتبر شأن الكائنات هو شأنه، وهو شأن لأن المولى سبحانه يستجيب ويتدخل دون أن نشعر بذلك، لهذا يتطلب الأمر حلول طبيعية أرضية دون الحلول الإعجازية، وإن كنّا نرى بأم أعيننا بعض الحلول الإعجازية كعلاج مريض ميؤوس من علاجه أو ثراء فقير يستحيل غناه.

ونحن لا نظن أن الآية يقصد بها الرد على اليهود الذين يحسبون أن الله يرتاح يوم السبت، نعوذ بالله مما يقولون بغير علم، نرى أن المقصد هو عناية المولى بالمخلوقات وخاصة الثقلين فكل السورة موجهة إليهم.

الخلاصة:

الشأن هو الفعل مع التفكير، في أمر يخص الفاعل وحده أو في دائرة ضيقة تضم من حوله، وقد اعتبر المولى شأن الكائنات شأنه، فيستجيب لمن يسأله في شأنه، فيعتبره شأنه الخاص، فسبحانه وتعالى اللطيف الخبير الكريم الودود المعطي الواهب المعز ذو الجلال والإكرام.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «مقاييس اللغة» (3/ 238) «الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية» (5/ 2142) «تاج العروس من جواهر القاموس» (35/ 253)

([2]) «تفسير مجاهد» (ص638)

([3]) «تفسير الطبري» (23/ 39 ط التربية والتراث)

([4]) «تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن ط دار التفسير» (25/ 327)

([5]) [يونس: 61].

([6])   [النور: 62].

([7]) [عبس: 37].


ali
ali
تعليقات