الظن في القرآن المكرم
ظنن
لغة:
الظِنّةُ هي التهمة. والتظني هو أعمال
الظن. والظنون الرجل الضعيف، أو قليل الحيلة. والمرأة الظنون التي لها شرف تتزوج.
والظنون البئر لا يدري أفيها ماء أم لا، وقيل، بل لا يوثق بمائها. والظنون من
الديون الذي لا يرجوه. الظنون الرجل السيء. ورجل ظنون أي قليل الخير. ورجل ظنون أي
لا يوثق بخبره. وامرأة ظنون أي متهمة في نسبها
البئر الظنون: القليلة الماء. ومظنة
الشيء موضعه ومألفه. ومظِنة هي موضع الشيء ومعدنه. ويرى المناوي أن الظن هو
الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض. ويرى ابن سيدة أن الظن شك ويقين إلا أنه ليس
بيقين عيان وإنما يقين تدبر، ويطلق على يقين العيان، علم. ويرى الراغب أن الظن اسم
لما يحصل من أمارة ومتى قويت أدت إلى العلم ومتى ضعفت لم تتجاوز حد الوهم ([1])
الظن
في القرآن:
الظن ليس كما تقوله كتب اللغة، فهو ليس
الترجيح أو الاحتمال، بل هو الجزم أو ما نسميه باليقين، لكنه يختلف عن اليقين
فاليقين ما جاء من حاسة البصر كما شرحنا في المعجم. والجزم بلا أدلة هو ظن
الجاهلية وهو الظن الآثم الذي يعاقب عليه الشخص، فكيف لك أن تجزم "تظن"
بالشيء بلا أدلة وبرهان، وهناك ظن حسن وهو القائم على الأدلة العقلية.
وسوف ندرس معظم النصوص لكي نصل إلى هذا
الاستنتاج الصحيح.
الظان
دغمائي جاهلي:
{ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ
إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا
يَخْرُصُونَ } [الأنعام: 116].
{ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ
إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
} [الأنعام: 148].
{ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا
إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ} [يونس: 36].
{وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِن
يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ
} [يونس: 66].
كثير من البشر "دغمائي" أي
يتمسك بمعتقده بلا دليل حسي أو دليل نصي مقدس. فيستعين بالظن أي الجزم الذي لا
دليل عليه، ويتعصب لمعتقده وفكره ويرفض أي نقاش حوله وهذا هو الظن المذموم الظن
الجاهلي الجازم.
الظن
إثم:
{يَٰأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12].
التوهم لا ذنب فيه، ولكن الظن أي الجزم، أي
أن تجزم بشيء معين دون دليل، سوى قيل وقال. والسورة تتحدث عن الإشاعات التي تأتيهم
من فاسق، فحينها يجب أن يتثبتوا، فكيف لهم أن يظنوا أي يجزموا بصحة تلك الإشاعات
ولا دليل عليها سوى من ناقل فاسق.
{ يَٰأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا
أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَٰلَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَٰدِمِينَ
} [الحجرات: 6].
فقد ظن الذين آمنوا -وليس المؤمنين- أي
جزموا بناء على خبر من شخص عن قومٍ، ولم يتبينوا ويتثبتوا، فهذا هو الظن أي الجزم
بلا دليل وقد نعته بأنه جهالة فهو ظن الجاهلية أي جزم الجاهلية الذي لا يقوم على
دليل ويكون إثماً يعاقب صاحبه ويحاسب عليه.
ظن العامي:
{ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَٰبَ إِلَّا أَمَانِيَّ
وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ } [البقرة: 78].
والعامي من أهل الكتاب يجزم بأمور في
دينه دون دليل حسي، سوى مرويات عنده يؤمن بها أو أقوال شيوخه الذين يعبدهم، فهو
يجزم جزم الجاهلية، بلا برهان، وهذه طبيعة متأصلة في العامي في كل الأديان، تجده
يقاتل بشدة من أجل عقيدة لا يعلم دليلاً عليها سوى قول شيخه.
وهنا نود أن ننوه أن ما يسمى بالأحاديث
النبوية، هي نصوص ظنية، وهم يطلقون عليها كذلك، وهي فعلاً ظنية، لأن القوم يجزمون
بصحتها بلا أي دليل عقلي سوى أن فلان عن فلان عن علان، زعم أن الرسول قد قال كذا
أو فعل كذا، فهم يجزمون جزم الجاهلية، والذي يسميه القرآن ظن الجاهلية، وكان
الأولى بهم عرض الأحاديث على القرآن والفطر السوية.
ظن
أهل الترف:
{أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ
قَٰدِرُونَ عَلَيْهَا أَتَىٰهَا أَمْرُنَا}
[يونس: 24].
يجزم أهل الترف أنهم مسيطرون على دولتهم
وأنهم متمكنون من إدارة الدولة، هذا الجزم يؤدي إلى مزيد من المظالم التي تؤدي إلى عقاب الله.
ظن المغرور:
{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا } [الكهف: 35].
{ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً
وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا } [الكهف: 36].
وذلك المغرور الذي دخل جنته لم يكن يتوهم
أو يؤكد أو يرجح ولو كان كذلك لما ظلم نفسه، ولكنه كان لا يظن! أي يقول لا أستطيع
الجزم بأن هناك قيامة ولا أجزم أن تبيد هذه الجنة التي أعيش فيها، فالمرجح عندي
أنها باقية وأبدية، ترجيحاً يصل إلى الجزم.
ظن النخبة
ورجال الدين:
{إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ
مِنَ الْكَٰذِبِينَ } [الأعراف: 66].
{ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَٰذِبِينَ } [هود: 27].
{فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي
لَأَظُنُّكَ يَٰمُوسَىٰ مَسْحُورًا } [الإسراء: 101].
{وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَٰذِبِينَ
} [الشعراء: 186].
دائماً يواجه رجال الدولة الرسل بالظنون،
أي يجزمون بكذب الرسل بلا دليل حسي أو نصي، فهم يظنون أي يجزمون بكذب الرسل، وكذلك
يجزمون بأنهم سحرة أو مسحورين
ظن
أهل الكتاب في عيسى:
{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ
اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ
اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا
قَتَلُوهُ يَقِينًا } [النساء: 157].
يجزم أهل الكتاب أنهم قتلوا المسيح أو
صلبوه، فقد اختلفوا في قتله أو صلبه، والعجيب أنهم بنوا هذا الاعتقاد الجازم بناء
على أخبار السابقين، والقرآن يؤكد أنهم لم يروا عيسى حين قتل أو صلب، لأنه استخدم
كلمة يقين ليؤكد أنهم لم يشاهدوا القتل وإنما رددوا الظنون أي الجزوم التي لا دليل
عليها.
الظن
بالله:
{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَٰهِلِيَّةِ يَقُولُونَ
هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ} [آل
عمران: 154].
{ إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ
الْأَبْصَٰرُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ
بِاللَّهِ الظُّنُونَا } [الأحزاب: 10].
{مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ
اللَّهُ} [الحج: 15].
يبدو أن القوم ظنوا أي جزموا أن الله
أهملهم وتركهم أو هو لا يراهم ولا ينظر إليهم، أو تخلى عنهم، لهذا سوف يقتلهم
الأعداء بلا أي تدخل من الله أو أن الله غير قادر على التدخل، نعوذ بالله من هذا
الوهم، وهم فوق هذا لا يتوهمون، بل يجزمون بذلك لحدوث بعد القتل فيهم، وقد حدث هذا
الظن أي الجزم مرتين في معركة أحدٍ وفي معركة الأحزاب.
ظن يونس ذو النون:
{ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَٰضِبًا فَظَنَّ
أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء:
87].
وذا النون جزم أن لن يقدر الله عليه فكان
جزاءه أن ابتلعه الحوت، ولو كان يظن بمعنى يحسب لما هرب، فالهارب لديه جزم، ولو
كان يونس يدرك أن الله يقدر عليه لو بالاحتمال، لما هرب.
ظن البشر يوم القيامة:
{ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا } [الإسراء: 52].
عندما يخرج البشر من قبورهم يجزم كثير
منهم أنهم لبثوا قليلاً على الأرض، ذلك أن ذاكرتهم معطلة تماماً، وليس فيها إلا ذكريات
مشوشة ولن يستعدوا الذاكرة إلا بعد استلامهم لكتابهم.
فهذه جملة من الظنون أي الجزوم الخاطئة، وإليك
الآن جملة من الظنون الصحيحة القائمة على معطيات
ظن
المؤمن:
{ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُوا
رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ }
[البقرة: 46].
{ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَٰقٍ حِسَابِيَهْ
} [الحاقة: 20].
{ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم
مُّلَٰقُوا اللَّهِ } [البقرة: 249].
ويظن المؤمن أي يجزم أنه سيلاقي حسابه
وأنه سيلاقي ربه، ولو كان يظن تعني يرجح أو يتوهم أو يحسب بلا يقين مطلق لما دخل
الجنة ولكان من المذبذبين، فالظن هو الجزم المطلق وإن كان الظان أقل درجة من درجة
الموقنين، لأن الموقنين يجزمون باليوم الآخر وكأنهم يشاهدونه بأعينهم.
ظن الكفار عند الساعة:
يظن الكفار أي يجزمون أنهم سيتعرضون
للمصائب وذلك عندما يتجهون نحو المحشر، إذ بدأت الساعة فيرون أهوال الساعة أمام
أعينهم{ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ }([2]) ويجزمون أثناء سيرهم أنهم سيفترقون عن البقية { وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ }([3]) .
ظن المجرمين بعد الحساب:
{ وَرَءَا الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا
أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } [الكهف: 53].
ويجزم المجرمون بعد الحشر والحساب وبعد انطلاقهم
نحو مصيرهم، أن النار واقعة بهم، ذلك أن النار قد أحاطت بهم، فلا مجال للهرب أو
الانصراف.
ظنون الجن:
ولعالم الجن ظنونهم أي ما يجزمون قبل أن
يقع، كجزمهم أنه من المستحيل أن يكذب أحدٌ على الله { وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ
كَذِبًا }([4]) وذلك طهارة تلك الفرقة من الجن التي التقت بالرسول.
كذلك ظنوا أي جزموا ألن يبعث الله أحداً
وهو جزم جاهلي بلا دليل { وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا
ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا }([5]) ولكن تلك الفرقة لم تكن تظن
ذلك وإلا لما ساحت في الأرض تبحث عن الرسول الجديد. وجزموا أنهم تحت سلطة الله
وقدرته وهذا يؤكد خيريتهم قبل لقائهم بالرسول{ وَأَنَّا ظَنَنَّا
أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا }([6])
ظن الرسل:
{ حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْءَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا
أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلَا يُرَدُّ
بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }
[يوسف: 110].
والرسل لا يعقل أنهم يظنون أنهم كذبوا
بمعنى حسبوا، بل يظنون أي يجزمون أنهم كذبوا وأنه لا مجال للإقناع، ولهذا أصابهم
اليأس، فظنهم أي جزمهم بناء على معطيات.
يوسف يظن:
{ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ
مِّنْهُمَا} [يوسف: 42].
يوسف لم يكن يتوهم أو يرجح، بل كان يجزم
أن فلان سينجو والآخر سيصلب، والأمر لا يحتاج إلى ذكاء فأحدهما رأى موته والثاني
رأى نجاته، فيوسف جزم بنجاة الثاني.
موسى يظن:
{وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَٰفِرْعَوْنُ
مَثْبُورًا } [الإسراء: 102].
حسب مقاتل بن سلميان أن أظنك تعني أحسبك،
واختلفوا في معنى مثبور، فقالوا يعني ملعون. وقال آخرون، بل يعني بلا عقل، وقال
آخرون، بل يعني هالك وبعضهم قال مغلوب وقال آخرون، بل معذب ([7])
ونرجح أن المعنى مغلوب وسوف ندرس هذا
الجذر في وقته بإذن الله، وموسى لم يقل هذا الكلام إلا بعد فترة طويلة من النصح
وقد نزلت تسع آيات في مدة طويلة ومع هذا أصر فرعون على التكذيب والتعذيب، لهذا قال
له موسى أجزم أنك مثبور بناء على معطيات.
ظن
إبليس بالبشر:
{ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ
فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ } [سبأ: 20].
وجزم الملعون أن البشر لا يشكرون ولا
يعبدون ربهم، بل يتبعونه، وإبليس جزم بناء على معلومات قديمة عن البشر كان يعرفها،
أو جزم بناء على تركيب الإنسان من نفس ومادة.
ظن
المؤمنين بأنفسهم:
{ لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ
الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَٰتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ
} [النور: 12].
عندما شاع أمر تلك المرأة الطاهرة في
المدينة، التي اتهمت في شرفها، ظن المؤمنون أي جزموا أنه يستحيل أن تفعلها
واعتبروا الأمر إفك، وشرحنا معنى إفك بأنه قلب للحقائق فهي ليست لعوب، بل هي شريفة
أعظم الشرف. والمؤمنون ظنوا أي جزموا بطهارة المرأة بناء على معطيات صحيحة عنها
وعن أنفسهم.
ظن
الزوجان المتطلقان:
{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 230].
إذا جزمت الزوجة والزوج أنهما سيقيمان
حدود الله، فحينها يحق للمطلقة طلاق بائن، العودة لزوجها بعد طلاقها من الثاني،
وإذا كان لديها شك أو ريبة، فلا يصح أن يتراجعا بعد كل تلك الطلقات، وجزمها هنا
قائم على إدراكها لنفسها وتغير المفاهيم لديها والقيم مما يجعلها قادرة على تحمل
عيوب طليقها وهو كذلك، أو لعلها تدرك أن الحياة بدونه مستحيلة رغم سوئه، وهو كذلك.
الخلاصة:
الظن هو الجزم واليقين، وهو نوعان: نوع
قائم على معطيات فهو ظن حسن، وظن لا أساس له فهو ظن باطل. وسوف يتعرض الظان أي
الجازم للعذاب بسبب جزمه بلا دليل. هذا التصحيح لمفهوم الظن سوف يجعلنا نفهم نصوص
القرآن التي تلاعب بفهمها الشيطان، فالمؤمن يجزم أنه ملاق ربه وليس يحسب كما فسرها
السابقون، وموسى يجزم بهلاك فرعون ويوسف يجزم بنجاة رفيقه دون الآخر، والمؤمنون
بالمدينة يجزمون بعفاف الصحابية الجليلة.
هذا والله أعلم
علي موسى الزهراني
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك