أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

القصد في القرآن المكرم



القصد في القرآن المكرم

قصد لغة:

لها أصول وهي إتيان شيء والآخر يدل على اكتناز في الشيء. فأقصده السهم أي أصابه فقتله. وأقصدته حية أي قتلته. وقصدت الشيء كسرته. والقصدة القطعة من الشيء إذا تكسر. والناقة القصيد أي المكتنزة الممتلئة لحما.

  والمقصد من الرجال الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم. والقصيد من الرجال دون السمين وفوق المهزول. وبيننا وبين الماء ليلة قاصدة، أي هيئة السير لا تعب ولا بطء. وطريق قاصد أي طريق مستقيم ([1])

القصد في القرآن:

في القرآن ورد جذر القصد ست مرات، وفي ثلاث منها ورد بنفس اللفظ والمعنى، وهو (مقتصد) بينما الأخرى فورد بلفظ قاصد، وقصد، والفعل اقصد. كما يتبين لنا أن المعنى الحقيقي هو بذل الجهد المعقول والمقبول دون إفراط أو تفريط . وإليك النصوص:

أمة مقتصدة:

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَىٰةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ }  [المائدة: 66].

{ وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِءَايَٰتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ }  [لقمان: 32].

{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَٰبَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَٰتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ }  [فاطر: 32].

ذُكر مع الأمة المقتصدة طرفين هما: أمة "سابق بالخيرات" وأمة "ساء ما يعملون" وبهذا يتضح أن الأمة المقتصدة هي الأمة الوسطية، التي لا تقدم التضحيات العظيمة ولا تفرط بما عليها من واجبات، فهي تقتصد أي تؤدي الغرض والمطلوب دون زيادة.

السفر القاصد:

{ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَٰذِبُونَ }  [التوبة: 42].

السفر القاصد هو الذي بين بين، لا هو بالبعيد مثل السفر إلى تبوك ولا هو بالقريب الذي بجوار المدينة، فلو أن الرسول أخبرهم بأنه سيسافر سفراً وسطياً، بين بين لاتبعوا الرسول، ولكن السفر الطويل فيه مشقة، فالقصد هنا هو المعقول والوسطي من الأشياء.

قصد السبيل:

{ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَىٰكُمْ أَجْمَعِينَ }  [النحل: 9].

يتحدث المولى عن المركوبات التي تساعدنا في سفرنا، فهي تقلل من شقائنا كما يقول النص السابق لهذا النص. وفي هذا الجزء يشير إلى نعمة أخرى، فمع تسخير تلك الأنعام لكم تحمل أثقالكم، فإن الله قد هداكم أي دلكم على طريق مقتصد، لا هو بالطويل ولا هو بالقصير، وهذا أصلاً هو معنى الهداية، فالهداية ليست إدخال الإيمان في قلوبنا كما شرحنا في معنى هداية، ولكن الإرشاد إلى الطريق الصحيح. وهنا يدل المولى بعض المسافرين للطريق المقتصد الذي لا هو بالقصير ولا هو بالطويل.

 وقد يقول قال لماذا لا يدلنا المولى على طريق قصير جداً فهو أحسن؟ فنقول لأن ذلك الطريق الأقصر لا يصلح للسير فيه لوعورته وخطورته.

ولهذا لا نجد كثير من الأمم القديمة قد عرفت الطرق المقتصدة تلك، بل كانت حكراً على من عرفها من القليل من الأمم، مثل: عاد وثمود، والأنباط وقريش. لاحظ أنه يجب توفر الماء والغذاء والأمن حتى يعتبر الطريق صالحاً ويعتبر مقتصداً.

القصد في المشي:

{ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَٰتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ }  [لقمان: 19].

القصد في المشي أن تكون وسطاً لا تسرع في المشي ولا تبطئ فهو أيضاً وسطية بين بين.

الخلاصة:

القصد هو الوسطية بين طرفين، أو فعلين، فهناك طريق بعيد وهناك طريق مختصر والطريق المقتصد هو بينهما، وهناك مشي بطيء وهناك مشي سريع والقصد في المشيء بينهما، وهناك أمة مقتصدة لا هي بالسباقة المضحية ولا هي بالمقصرة المخالفة فهي بين بين.

وحتى لفظة الاقتصاد جاءت من هذا المعنى، فهي عدم التقتير والبخل، وعدم الافراط في النفقات، وهذا ما وصى القرآن به.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «مقاييس اللغة» (5/ 95): «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (4/ 1792):


ali
ali
تعليقات