أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

قصو في القرآن المكرم


 


قصو في القرآن المكرم

قصو في المعاجم:

أصل صحيح يدل على بعد وإبعاد. والقصا البعد. وذهبت قصا فلان أي ناحيته. وأحاطونا القصا أي وقفوا منّا بين البعيد والقريب. وأقصيته أي أبعدته. والقصية من الإبل أي المودوعة الكريمة لا تجهد ولا تركب، أي تقصى إكراماً لها. والناقة القصواء أي المقطوعة الأذن. وتقصيت الأمر أي بلغت غايته. وفي الحديث (فكنت إذا رأيته في الطريق تقصيتها) أي صرت في أقصاها ([1])

قصو في القرآن:

ورد هذا الجذر خمس مرات فقط

العدوة القصوى والدنيا:

{إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ}  [الأنفال: 42].

ذهب المفسرون أن العدوة القصوى من الوادي إلى مكة، قيل، بل شفير الوادي ([2]) ونرجح غير ذلك، وتقول المرويات أنهم كانوا وراء كثيب ([3]) وهذا محتمل، فالآية تقول إنهم في العدوة والركب أسفل منهم، أي أن العدوة مرتفعة، والركب في الوادي أو الميدان، وقد تكون كثبان رملية لا تصل إلى درجة جبل وأن هناك العديد من الكثبان أو العدوات أولها هي الدنيا التي فيها الصحابة، وأبعدها هي القصوى التي فيها الكفار. ونرجح أن المسافة بينهما بضعة كيلووات فقط. ويجب على الباحثين الذهاب إلى أرض المعركة وقياس المسافة بعد معرفة تلك العدوتين.

وقال النص (القصوى) لم يقل البُعدى، ذلك لأن تلك العدوات ضمن دائرة معينة مغلقة، تبدأ من عند الصحابة وتنتهي عند الكفار، فأقصى تلك العدوات كانت التي فيها الكفار. وهو ما نسميه طرف الشيء، ونهايته، أما لو خرج من ذلك الشيء فصار أبعد من طرفه ونهايته لاستخدم الجذر (بعد) بدلاً من قصو.

المسجد الأقصى:

{مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا}  [الإسراء: 1].

هناك دائرة تشير إليها السورة، فيها المسجد الحرام، وقد يكون في أدنى هذه الدائرة، أو وسطها، بينما المسجد الثاني فهو أقصى تلك الدائرة، أي في طرفها النهائي، ولا يعقل أن يكون القدس هو أقصى المكان، فلا يوجد دائرة تحيط بكلٍ من المسجد الحرام والأقصى، ولو كان المسجد الذي فلسطين لاستخدم عبارة المسجد الأبعد، لأنه خارج الدائرة.

والمسجد الذي في فلسطين ويسمى أقصى، قد بناه الوليد بن عبد الملك، فهو بناء حديث بعد رحيل الرسول عليه السلام، فلا يوجد مسجد في زمنه هناك.

ويقال إن هناك مساجد أخرى مثل مسجد خيف، وهناك مسجد قباء، فقد تكون هي من ضمن الدائرة المقصودة، وقد يكون المسجد قريباً، فتلك المساجد هي التي بُنيت في زمن الرسول، ولكن نستبعد ذلك لبعدها أيضاً فهي ضمن دائرة كبيرة جداً.

وهناك من يقول إن المُسرى به هو النبي موسى وليس محمد، والقرآن يؤكد أن موسى أسري به، فمرة مع قومه، وكذلك أسرى ذات ليلة مع أهله، وحينها شاهد النار وكلمه المولى هناك. وتقول السور أنه عند طوى، وطوى من ضمن أودية مكة ويوجد فيه مسجد باسم ذو طوى، ويبعد حوالي خمس كيلومترات عن المسجد الحرام. وتقول المرويات أنه نزل فيه ألف نبي، وتقول أيضاً أن الرسول ينزل فيه ويغتسل للعمرة والحج قبل الدخول في مكة.

والسورة لم تقل إن الإعجاز في الإسراء، بل سبحت السورة لأن ذلك الشخص قد رأى من آيات ربه، ونرجح أنه فعلاً قد كان موسى الذي تلقى فيه تعليمات بإخراج قومه من العذاب، وهذا هو ما سيفعله الرسول محمد بعد ذلك بسنتين من نزول السورة، وتؤكد المرويات أن موسى كان يسيح في هذه المنطقة.

فأقصى لا تعني مسافات هائلة كما بين فلسطين ومكة، بل تعني مسافات محدودة وداخل نطاق بسيط، وهو هنا كما تبين لنا داخل نفس المدينة، وهي مكة من المسجد الحرام إلى مسجد ذي طوى، أي حوالي خمس كيلومترات تقريبا. { إِذْ نَادَىٰهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}([4])

مريم تقصو عن قومها:

{ فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا }  [مريم: 22].

مريم عليها السلام، حملت نفسها وطفلها الذي في بطنها، وذهبت بعيداً، ومن المستحيل أنها خرجت من المدينة ولو فعلت قال سافرت أو رحلت أو هاجرت، لكنه استخدم الجذر قصو، ليؤكد أنها ابتعدت إلى أبعد مكان داخل المدينة.

ومريم لم يطل حملها فقد انجبت عيسى في نفس اليوم الذي حملته فيه، كمعجزة من ضمن المعجزات، ولو حملت به تسعة أشهر لظهر حملها للناس، ولو أنها فرت قبل ظهور الحمل لما استطاعت العيش لوحدها تسعة أشهر تنتظر الانجاب.

أقصى المدينة:

{ وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَٰمُوسَىٰ}  [القصص: 20].

{ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَٰقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ }  [يس: 20].

وهنا يتبين لنا بوضوح أن الجذر يستخدم الجذر قصو عندما تكون الحركة داخل المدينة، والمدن في ذلك الزمان لا تتجاوز الكيلومترات، وكما تبين لنا أن المسافة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى هو خمس كيلومترات، كذلك نرجح أن الرجلين هنا قطعا مسافة قريبة منها.

وقبل أن ننهي الكلام نحب أن ننوه أن الجذور قصر، وقصو، وقصد، تتكلم عن المسافات القريبة وليس البعيدة، وأن أدناها هو القصر كما وجدنا ذلك عند دراسة ذلك الجذر، وأعلاها هو القصو كما وجدنا هنا، وأن القصد كما درسنا هو المسافة المتوسطة إذا كان النص يتحدث عن المسافات.

كما أن هناك فرق بين جذر القصر وجذر البعد وعند دراستنا لهذا الجذر سوف يتبين لنا الخلاف بينهما بإذن الله

الخلاصة:

القصو هو أبعد نقطة داخل الدائرة المقصودة، ومعظم ما يتحدث عنه القرآن كان يتحدث عن المدن والبلدات، فإذا تحدث عن نقطتين داخل مدينة استخدم الجذر قصو، إذا كانت المسافة بينهما هي الأقصى، فإذا كان الكلام عن مسافات بعيدة فلا يستخدم الجذر قصو، بل يستخدم الرحيل أو السفر أو الهجرة.

وقد وجدنا مريم تذهب إلى أبعد نقطة في المدينة لكي تلد، ونجد الشخص المسري به يذهب إلى أقصى مسجد في داخل المدينة من المسجد الحرام، كذلك وجدنا الشخص الذي حذر موسى جاء من أقصى المدينة، كذلك ذلك المؤمن جاء من أقصى المدينة يحذر قومه من الكفر.

هذا والله وأعلم

علي موسى الزهراني

 

 



([1])  «مقاييس اللغة» (5/ 94):«الغريبين في القرآن والحديث» (5/ 1554): «تاج العروس من جواهر القاموس» (39/ 306): «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (4/ 1791):

([2]) «موسوعة التفسير المأثور» (10/ 100):

([3]) «سيرة ابن هشام - ت سعد» (2/ 189):

([4]) [النازعات: 16].


ali
ali
تعليقات