أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار
مفردات

بعل في القرآن المكرم

بعل في القرآن المكرم بعل لغة: له ثلاثة أصول: الأول بمعنى الصاحب، ومنها البعال أي ملاعبة الرجل أهل...
تفسير

مفتاح سورة البقرة

مفتاح سورة البقرة   نبذة تاريخية مهمة: حتى نفهم سورة (البقرة) يجب أن ندرس عقائد اليهود التي ...

المحراب في القرآن المكرم

 

 

المحراب في القرآن المكرم

المحراب في المعاجم:

 

المحراب القبلة. المحراب المسجد. المحراب صدر المسجد وأشرف موضع فيه. وفي حديث كان الرسول يكره المحاريب أي يكره الجلوس في صدر المجلس ويترفع على الناس. وفسروا: فخرج على قومه من المحراب. أي من المسجد. والمحراب أكرم مجلس عند الملوك. والمحراب سيد المجالس ومقدمها. وقال الأصمعي: العرب تسمي القصر محراباً لشرفه. وفسروا قوله تعلى: من محاريب وتماثيل. بأنها صور الملائكة والأنبياء، كانت تصور في المساجد ليراها الناس فيزدادوا اعتباراً.

وسمي المحراب محراباً لأن الإمام إذا قام فيه لم يأمن أن يلحن أو يخطئ. والمحراب هو الأجمة وهي مأوى الأسد. والمحراب هو عنق الدابة. ومحاريب بني إسرائيل هي مساجدهم التي يجلسون فيها. والمحراب الغرفة والموضع العالي. وفي قصة عروة بن مسعود بعثه الرسول لأهل الطائف فدخل محراباً له فأشرف عليهم. وقال الأزهري: المحراب عند العامة الذي يفهمه الناس (مقام الإمام من المسجد) وقال ابن الأنباري: سمي محراب المسجد لانفراد الإمام فيه وبعده من القوم. وقيل، بل المحارب من المحاربة لأن المصلي يحارب الشيطان.

والمحراب هو شديد الحرب الشجاع. وقيل محارب هو صاحب حرب. وفي كلام علي بن أبي طالب: فابعث عليهم رجلاً محراباً. أي معروفاً بالحرب ([1])


المحراب في كتب التفسير

تقول كتب التفسير إن المحراب غرفة بنيت لأجل مريم في بيت المقدس لا يصعد إليها إلا بسلم. وقالوا: بل المحارب هو المسجد، فكانت مساجد اليهود تسمى محاريب. وقالوا إن المحراب لغة يطلق على الغرفة العالية، أو صدر البيت وأكرم مواضعه. وسميت بالمحراب لأن الإمام يحارب فيها الشيطان ([2])

المحراب في التاريخ الإسلامي:

أول من بنى محراباً في المسجد هو عثمان بن عفان كما يقول طه الولي، وذلك من أجل تعيين القبلة وتحديد مكان الوقوف، بينما اتفق المؤرخون على أن عمر بن عبد العزيز هو أول من بنى محراباً مجوفاً في الجدار، بينما يرى أحمد فكري أن أول محراب عمله عقبة بن نافع في مسجد بالقيروان([3]) .

المحارب عند المستشرقين:

 يرى كروزيول أن عرب الجاهلية استخدموا كلمة محراب لتدل على أشياء دنيوية، وليست دينية، ويرى نولدكه أنها تعني بناء الملك أو الأمير. ويرى رودكوناكيس أن المحراب هو جزء من قصر الملك ويخصص لوضع العرش فيه ([4])

المحراب في الكتب المقدسة:

نلاحظ من خلال نصوص القرآن المكرم أن المحراب ذُكر مع الأنبياء من بني إسرائيل فقط، كسليمان وداود وزكريا ومريم، فهو بناء أو صناعة تخصهم وتخص ثقافتهم، لهذا وجب البحث عن هذا المحراب في نصوص الكتب المقدسة، والكتب الموسوعية كقصة الحضارة وموسوعة تاريخ الحضارات.

وعند بحثنا وجدنا التالي:

المحراب مذكور في الكتب المقدسة:

كتب أهل الكتاب تتحدث عن هذا المحراب فأحدهم يقول: "وارفع يدي الى محراب قدسك" ([5]) وهذا يعني أنه كان خارج المحراب ويرفع يده إلى ذلك المكان المبجل. وهناك خبر آخر يقول: "وادخل الكهنة تابوت عهد الرب الى مكانه في محراب البيت في قدس الاقداس" ([6]) وهذا يشير إلى أن محراب البيت هو نفسه قدس الأقداس.

 كما يشير نص إلى حجم المحراب فيقول: "ولأجل المحراب عشرون ذراعا طولا وعشرون ذراعا عرضا وعشرون ذراعا سمكا "([7])  وفي خبر توراتي آخر: "وهيا محرابا في وسط البيت من داخل ليضع هناك تابوت عهد الرب" ([8])  والكتب المقدسة تفرق بين الهيكل والمحراب فتقول إن أحدهم بنى حيطان البيت حول الهيكل والمحراب ([9]) ومعلوم أن المحراب غرفة داخل غرفة الهيكل.

وكما هو معلوم فإن التابوت وضع في المحراب، وهي الغرفة التي تسمى قدس الأقداس، ولا يدخلها إلا الكاهن الأعظم فقط، وفي أيام محددة. وبهذا يظهر لنا أن المحراب ليس ما تصوره الثقافة الإسلامية اللاحقة، بل هو غرفة قدس الأقداس التي تسمى المحراب، والتي وضع فيها التابوت المقدس.

أين يقع المحراب:

غرفة قدس الأقداس ([10]) التي هي المحراب، هي غرفة داخل غرفة أكبر منها تسمى الهيكل والهيكل يحيط به سور، وداخل السور ساحة يجتمع فيه الجمهور لتلقي المواعظ، وهذا غالباً في التصاميم الحديثة التي استحدثها سليمان.

محراب داود:

في زمن داود كان القوم قريبو عهد من البداوة، فلم تكن الحضارة قد تمكنت منهم، لهذا نجد محراب داود يختلف عن محراب سليمان، وقد يكون غرفة وحيدة لا تحيط بها غرفة الهيكل ولا يحيط بها سور. ولهذا وجدنا القوم قد تسوروا المحراب بسهولة وسوف نشرح ذلك في حين ذكر الآية المكرمة.

وقد كانت هناك عشرات الهياكل، لكن الملوك الذين جاءوا بعد سليمان، ناهضوا قيام المعابد في البلدات والمدن الأخرى، وجعلوه حكراً على أورشليم، ليسهل عليهم مراقبة الكهنة ([11])

هيكل سليمان:

وهناك عشرات الهياكل، فكل جماعة يهودية تبني هيكلها الخاص، فلما جاء سليمان قرر بناء الهيكل العظيم والذي بداخله المحراب الذي سيضع فيه التابوت، الذي شارك في بنائه 150 ألف عامل، يعملون سخرة، واستغرق بناءه سبع سنوات وجلب له المهرة من العمال ([12]) وكما يشير القرآن فقد شاركت الجن في البناء.

حجم غرفة المحراب:

أما حجم غرفة المحراب فهو حوالي 9 أمتاراً طولاً وعرضاً وارتفاعاً ([13]) أي تقريباً 729 متر مكعب. هذا بالنسبة لتصميم النبي سليمان الذي توسع كثيرا في البناء، ولكن قبل ذلك فقد كان بناء المحراب بسيطاً.

المحراب مرتفع:

والمحراب مرتفع عن الأرض، هو والهيكل، لهذا عندما يخرج الكاهن يطل على الجمهور من شرفة أو ما يشبه الشرفة لكي يعظهم، فتقول كتبهم أن الكاهن يقف فوق الشعب، ويقصدون أنه يعتلي شيئاً أو يخرج من غرفة إلى شرفتها، ويلقي النصائح مثل الكاهن زكريا بن يهوياداع ([14])

هل يسمح للعامة دخول الهيكل والمحراب؟

والعامة لا يسمح لهم بدخول الهيكل، فهو أكثر مكان مبجل عند اليهود ([15])  فيسمح لهم بدخول ساحة الهيكل لسماع المواعظ فقط، لكن المحراب لا يدخله حتى الكهنة الصغار، ولكن يدخل الكاهن الأعظم فقط.

كيف دخلت مريم المحراب وهي أنثى؟

كما يحتاج أي مكان للتنظيف، فلا يعقل أن يقوم الكاهن الأعظم بتنظيف المحراب، لهذا كان يسمح للأطفال بدخول المحراب والهيكل وعمل ما يلزم من خدمات، خاصة مريم الطاهرة التي حسن سلوكها، فهي في نظر الناس أخت هارون أي مثله في الطهر، وليس أخته أي شقيقته، وقيل إن مريم دخلت الهيكل بعد ولادة المسيح ([16]) لكن القرآن يؤكد أنها دخلت قبل ذلك.

وقد اجتمع الكهنة لاخراج مريم من الهيكل لأنها بلغت الرابعة عشر من عمرها، فقد بلغت الحيض([17]) لقد استجاب الله لأم مريم فتقبلها وجعلها تخدم في الهيكل والمحراب، لكن الفرق بينها وبين الذكر الذي كانت تريده أم مريم هو أنه يعمل أكثر من الأنثى وأطول مدة.

المحراب في القرآن:

بعد كل هذا السرد التاريخي والنظر في كتب اليهود، يتبين لنا أن المحراب لم يعرفه العرب الوثنيون، وبعد أن أسلموا، أطلقوا على ما يستقبله الإمام للصلاة اسم المحراب وهو خطأ، فالمحراب ثقافة يهودية كان من بنائهم المبجل، أي هو مثل المساجد حالياً، لكنه بناء خاص، فهو غرفة مبجلة جداً داخل غرفة مبجلة أخرى هي الهيكل وأمامها ساحة يسمح للعامة بالدخول إليها، ويحيط بها سور.

ولعل المحراب سابقاً لم يكن خاصاً للعبادة وحدها، بل كان خاصاً لعقد اجتماع كبار رجال الدولة، وخاصة في شؤون الحرب، وإن كان يمكن الصلاة فيه لطهارته، وعدم دخول العامة فيه أيام سليمان وداود لكيلا تتسرب أمور الدولة وشؤون الحرب، ولكيلا يتعرض القادة للاغتيال وخاصة مع كثرة الأعداء، ثم صار العُرف كذلك، فصار الكهنة هم من يحق لهم الدخول فقط. وأن محراب سليمان الأساسي الذي في أورشليم، أُضيف إليه التابوت المبجل، لهذا أطلقوا على ذلك المحراب اسم غرفة قدس الأقداس.

وبما أن لفظة محراب، لا ترد إلا مع الأنبياء اليهود فقط، لأن هذا بناء يخصهم، فعليه سنقوم بشرح الآيات بناء على هذا الأساس

مريم في المحراب:

{كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا}  [آل عمران: 37].

ذكرنا أنه سُمح لمريم الخدمة في الهيكل والمحراب، فكانت تخدم هناك وكانت تصلي، فلما كبرت وصارت بالغاً، أخرجت من المحراب. وفي صغرها كان يدخل عليها زكريا المحراب، وهذا يؤكد ما تقوله الكتب التاريخية، أن المحراب غرفة يدخل إليها الإنسان ويخرج، وليس ما يقول به المسلمون اليوم أي التجويف في ذلك الجدار الذي أمام المسجد.  

زكريا في المحراب:

{ فَنَادَتْهُ الْمَلَٰئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ}  [آل عمران: 39].

{ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا }  [مريم: 11].

كما كانت مريم في المحراب تخدم وتصلي، كان زكريا كذلك في المحراب، الذي هو أعظم مكان مبجل، وهو لا يدخله إلا الكاهن الأعظم عندهم، فيدعو ربه ويسبح ويطلبه الغفران عن اليهود، وتقول كتبهم أن لزكريا يوم مخصص مثل بقية الكهنة الكبار.

والنص يقول: "فخرج على قومه" وهذا يؤكد أن المحراب مكان مرتفع فلو قال خرج إلى قومه لعرفنا أنه في مستوى الأرضية، لكنه مرتفع وله شرفة، فأطل عليهم منها ودعاهم للتسبيح وطلب الغرفان. وقد صمم المحراب والهيكل على هذا الارتفاع لكي يستطيع الكاهن إيصال صوته لكل الحاضرين الذين بالساحة، كذلك يستطيع الجميع رؤية الكاهن الذي يعلوهم.

محراب داود:

{ وَهَلْ أَتَىٰكَ نَبَؤُا الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ }  [ص: 21].

يختلف محراب داود عن محراب سليمان، فداود جاء من البادية، ولم يستقر في المدينة إلا قريباً، فكان المحراب الذي يبنيه بسيطاً ولم يكن كبناء سليمان المعقد، وكان يجلس فيه للصلاة والاجتماع مع أهل الحل والعقد.

وذات يوم تسور جماعة المحراب، وتسوروا تعني صاروا محيطين به كالسوار في المعصم، لهذا فزع منهم داود ولو كان المحراب معقداً كبناء سليمان، الذي هو محراب داخل هيكل كبير الذي هو داخل سور أكبر منه، لما قال تسوروا المحراب، لعدم استطاعتهم. وتسوروا لا تعني تسلقوا، بل يعني أحاطوا بتلك الغرفة الأرضية، كما يحيط السوار بالمعصم، فاعتقد داود أنهم أعداءه.

ولم يبين لنا النص أي محراب دخل عليه هؤلاء القوم، فمن المرجح أنه محراب غير محراب أورشليم الشديد التحصين، وأنه من ضمن القواعد العسكرية التي أسسها هو وولده بعد ذلك، فلما أحاط به الغرباء فزع وقام إليهم.

محاريب سليمان:

{ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَٰتٍ اعْمَلُوا ءَالَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }  [سبأ: 13].

 المحاريب جمع محراب، فسليمان استخدم الجن والعمال في بناء العشرات من المحاريب، في كل مكان من الأرض، نعم كان بناء الهيكل في أورشليم هو الأكبر، لكنه نشر تلك المحاريب في كل مكان لكي يتعبد الناس فيها أو لكي تكون قواعد عسكرية يستريح فيها جنوده وللتزود بالطعام ولكي تتضح الصورة، فأنظر مقالنا في تفسير آية وجفان كالجواب، الذي بينا فيها سبب صنعه للتماثيل والجفان والقدور الراسيات.

  الخلاصة:

نستخلص من كل هذا أن المحراب هو غرفة الحرب التي كان يعقد فيها اجتماع القاعدة لداود وسليمان، لدراسة شؤون الحرب، ولأنها مكان طاهر فقد كانوا يعملون الطقس فيها، وأن داود أنشأ الكثير من المحاريب، وتبعه سليمان في ذلك، وأن أعظم وأهم محراب كان في أورشليم، الذي كان فيه التابوت المبجل الذي فيه بقايا موسى وهارون.

ولهذا اعتبر ذلك المحراب قدس الأقداس لوجود التابوت، ولما زالت دولة اليهود، صار المحراب محلاً للصلاة، لا يؤديها إلا الكاهن الأعظم فقط، أما بقية الكهنة فيصلون في الهيكل والذي لا يدخله العامة.

وقد استعاض المسلمون عن ذلك الهيكل والمحراب المرتفع، بعمل المنبر الذي يصعد عليه الإمام فيستطيع إيصال صوته إلى كل الحاضرين، كذلك يستطيعون رؤيته بوضوح، وقد أرفقنا صورة للمنبر الذي كان بديلاً عن الهيكل المرتفع والمحارب.

 

المنابر

 

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «مقاييس اللغة» (2/ 48): «تجديد الصحاح» (ص959 بترقيم الشاملة آليا): «تاج العروس من جواهر القاموس» (2/ 249):

([2]) «تفسير ابن كمال باشا» (2/ 282):«موسوعة التفسير المأثور» (5/ 153):«التفسير الوسيط - مجمع البحوث» (1/ 560):

([3]) أنظر: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%A8

([4]) أنظر: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%A8

([5]) (مز 2:28)

([6]) (2اخبار 7:5)

([7]) (1مل 20:6)

([8]) (1مل 19:6)

([9]) (1مل 5:6)

([10]) شرحنا لفظة قدس وبينا أنها تعني الحامي والمقدس يعني المحمي ونقدس يعني نحمي والقدوس يعني الحامي، ولهذا سميت هذه الغرفة بقدس الأقداس أي الغرفة الأكثر حماية، فلا يقصد بها التبجيل والتوقير.

([11]) تاريخ الحضارات العام، الشرق واليونان القديمة ج1،ص 270

([12]) «قصة الحضارة» (2/ 336):

([13]) (1مل 20:6)  بناء على الذراع اليهودي في ذلك الزمن الذي يساوي تقريبا 9 أمتار

([14]) (2اخبار 20:24)

([15]) (2مكابين 15:5)

([16]) (لوكا 2: 22-24).

([17]) أنظر: إنجيل مولد مريم وميلاد المخلص الإصحاح الثامن


ali
ali
تعليقات