أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

الكلالة في القرآن المكرم

 

الكلالة في القرآن المكرم

الكلالة في المعاجم والمرويات: ([1])  

الكلالة من الجذر كلل، وكل يعني أعيا. وكللت من المشي أي أعييت. والكل هو قفا السيف والسكين الذي ليس بحاد. وكل السيف، أي لم يقطع. وطرف كليل، أي لم يحقق المنظور. والكل المصيبة. والكلالة هو الرجل الذي لا ولد له ولا والد. والكل هو ابن عم الكلالة. والكلالة من تكلل نسبه بنسبك كابن العمل. والكلالة بنو العم الأباعد. ويرى الفراء أن الكلالة من القرابة ما خلال الوالد والولد، وسموا بذلك لاستدارتهم بنسب الميت الأقرب.

  وإن كان رجل يورث كلالة. وقالوا الكلالة من سقط عنه طرفاه وهما الأبوين وأولاده، فصار عيالاً على الأصل. وقيل الكلالة هم الورثة وليس المورث، لحديث جابر.

وذهب بعضهم أن كلالة هي خبر كان، وقيل، بل هي حال، أو مصدر على تقدير حذف مضاف، أو مصدر في موضع الحال، أو تكون خبر كان في تقدير حذف مضاف.

 والكل هو اليتيم، وقد قال الشاعر

أكول لمال الكل قبل شبابه، … إذا كان عظم الكل غير شديد

والكل الذي هو عيال وثقل على صاحبه " وهو كل على مولاه". أي عيال. ورجل كل أي ثقيل لا خير فيه. والكل اليتيم. والكل الوكيل. والكل الثقيل الروح. وابن عم كلالة أي ابن عم من العشيرة وليس قريباً مباشراً.  والكليل السيف الذي لا حد له.

وقال الفرزدق:

ورثتم قناة الملك غير كلالة    عن ابني مناف عبد شمس وهاشم.

والكلة هي الستر الرقيق يخاط كالبيت، ويتوقى فيه من البق. والإكليل شبه عصابة تزين بالجواهر. والإكليل منزل من منازل القمر. والإكليل السحاب.

الكلالة في القرآن:

ذكر هذا اللفظ الكريم مرتين في القرآن هما:

{ وَلَكُمۡ نِصۡفُ مَا تَرَكَ أَزۡوَٰجُكُمۡ إِن لَّمۡ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٞۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٞ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡنَۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ يُوصِينَ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٖۚ وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡتُمۡ إِن لَّمۡ يَكُن لَّكُمۡ وَلَدٞۚ فَإِن كَانَ لَكُمۡ وَلَدٞ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكۡتُمۚ مِّنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ تُوصُونَ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٖۗ وَإِن كَانَ رَجُلٞ يُورَثُ كَلَٰلَةً أَوِ ٱمۡرَأَةٞ وَلَهُۥٓ أَخٌ أَوۡ أُخۡتٞ فَلِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا ٱلسُّدُسُۚ فَإِن كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمۡ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ يُوصَىٰ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٍ غَيۡرَ مُضَآرّٖۚ وَصِيَّةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٞ }  [النساء: 12].

{ يَسۡتَفۡتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِي ٱلۡكَلَٰلَةِۚ إِنِ ٱمۡرُؤٌاْ هَلَكَ لَيۡسَ لَهُۥ وَلَدٞ وَلَهُۥٓ أُخۡتٞ فَلَهَا نِصۡفُ مَا تَرَكَۚ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمۡ يَكُن لَّهَا وَلَدٞۚ فَإِن كَانَتَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَۚ وَإِن كَانُوٓاْ إِخۡوَةٗ رِّجَالٗا وَنِسَآءٗ فَلِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۗ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ أَن تَضِلُّواْۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ }  [النساء: 176].

ونلاحظ التالي:

إذا ذُكرت الكلالة لم يُذكر الوالدان معها، وهذا يعني أنه على الأقل، فإن الكلالة تعني عدم وجود الأبوين.

ففي آية الكلالة الأولى لم يرد هل له ولد أم لا، لكن في الآية الثانية أكدت أنه ليس له ولد، وهذا يعني أن الكلالة ليس لها علاقة بوجود الولد من عدمه، فلو كانت الكلالة تعني عدم وجود الولد لكانت الآية الثانية حشواً وهذا محال في القرآن.

ونلاحظ أن آيات الورث التي سبقت الآية الأولى، تحدثت عن نصيب الأبوين، الدائم والأبدي فهو السدس لكل واحد منهما مع وجود الأبناء، فإن لم يوجد إلا الإخوة فللأم السدس والأب السدسين فإن لم يوجد أحد غيرها من الورثة فالورث لهما كله، وبهذا يتبين أنه ذكر، كل حالات الورث مع الأبوين، ولم يتبق إلا حالة واحدة وهي عدم وجودهما، وهي التي نسميها يقيناً أنها الكلالة.

لم تكترث آيتي الكلالة بشأن الزوجة من عدمها أو الزوج، وقد وضعت ألفاظاً أخرى تبين هل توجد زوجة أم لا وكذلك هل يوجد زوج أم لا في حالة كون المورث امرأة.

ومن هذه الملاحظات يتبين لنا أن الكلالة، من الكليل، والكليل في المعاجم كما رأينا بالأعلى هو اليتيم، والمعاجم تقول إن اليتيم من فقد أباه، وعلى هذا فإن الكليل إما أنه من فقد أباه وقد كبر وتحول من يتيم إلى كليل، لما كبر في العمر، أو أن الكليل يعني من فقد كلا أبويه، فهو أشد حالاً من اليتيم، وهذا ما تؤيده الآيتين فلو كانت الأم موجودة لذكرها النص في توريثه.

وبهذا فإن لهذا الكليل الذي فقد كلا أبويه، نظاماً خاصاً في التوريث كما نرى في تفصيلات الآية. على أن الآيتين قد زادتا في التوضيح ببعض المفردات الخاصة، ففي الحالة الأولى ذكرت أن المورث رجل أو امرأة وفي الثانية ذكرت أنه امرؤ، كما في الآية الأولى سكتت عن موضوع الأولاد لكن في الثانية ذكرت أنه ليس له ولد.

فماذا يعني هذا؟

يعني ببساطة أن هناك نوعين من الكلالة، أو هناك كليل لديه أسرة وهو الرجل الذي يتحمل المسؤولية، وكليل ليس له زوجة فهو امرؤ، وبهذا يتبين أن الكليل إذا كان رجلاً فيعني من فقد أبويه وله زوجة وقد يكون له أبناء. أما الكليل إذا كان امرؤ فهو الذي ليس له زوجة وليس له أبوين فهو كليل فله نظام ورث كما ذكرت الآية الثانية، فإذا أضاف له عبارة" وليس له ولد" فهذا يعني ببساطة أن الإخوة يقتسمون كل الورث، لانعدام كل البقية من الورثة.

الخلاصة: 

الكلالة من الكليل وهو الذي فقد أبويه كلاهما، وهو بهذا مثل اليتيم الذي فقط أبوه فقط. بهذا المعنى سوف تتضح لنا آيات الكلالة وطريقة تقسيم الورث الصحيحة، التي زعموا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد حار فيها بل استفتى الرسول والرسول غضب منه، كذباً وزوراً. 

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية» (5/ 1811): «لسان العرب» (11/ 591): «القاموس الفقهي» (ص324): «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (4/ 1912):

ali
ali
تعليقات