أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

رأي في القرآن المكرم



رأي في القرآن المكرم

رأي في المعاجم:

أصل يدل على نظر وإبصار بعين أو بصيرة. والرئى هو ما رأت العين من حال حسنة. وتراءى القوم أي رأى بعضهم بعضاً. والرواء هو حسن المنظر. ورئاء الناس أي يفعل شيئاً ليراه الناس. والرؤية هي النظر بالعين والقلب. والرؤيا هي صورة تظهر للقلب مناماً ([1])

رأي في القرآن:

ورد هذا الجذر ومشتقاته في القرآن 328 مرة، ولهذا سيكون في غاية الأهمية معرفة معناه بالضبط، والتفريق بينه وبين نظر وأبصر. وقد فحصنا كل الآيات وتبين لنا أن الجذر رأي، له معنيان، أحدهما حسي والآخر معنوي فكري.

فأما الحسي فهو يشير إلى النظر إلى سلوك وتصرفات وأفعال الشيء، فهو ليس لقطة واحدة مثل الإبصار، بل هو رؤية مطولة للشيء أثناء فعله وسلوكه.

وأما المعنوي فهو استنباط حكم ورأي من هذا الرأي الحسي، فمثلاً لو رأيت شعباً شوارعه نظيفة ومزينة، لأدركت أنه شعب يحب الجمال والنظافة.  

وإليك عزيزي القارئ الآيات والشروحات:

رؤية الله:

{نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً } [البقرة : 55]

{ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء : 153]

أي أجعلنا نرى الله علانية وبدون سرية، أي يقصدون يرونه في جماعة مباشرة وحالاً، وليس أن يظهر لهم في المنام أو في السر، فردى ومتفرقين. وطلبوا الرؤية دون الإبصار أو النظر، لأنهم يريدون المولى في حالة الحركة والفعل، كأن يكلمهم حين الرؤية أو يتجه نحوهم، أو يقوم بفعل من الأفعال، فهم يعتقدون أن الله ليس صنم ثابت لا يتحرك، أو هذا ما بينه لهم موسى، عندما أرادوا تبجيل الأصنام، فقد كانت حجة كل الأنبياء أن تلك الأصنام لا تتكلم ولا تتحرك، بينما جل جلاله كل يوم هو في شأن.

رؤية الأعمال:

{يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} [البقرة : 167]

أعمالنا متحركة، وليس صوراً أي مقاطع فيديو نتحرك فيها ونفعل، لهذا نحن نراها وليس نبصرها، فهي موجودة في كتابنا يوم القيامة. ونحن بعد ذلك نستنتج أنها حسرة علينا، وشرحنا معنى حسرة وندم، وبينا أن الحسرة هو الشعور بالخسارة، ذلك أنهم لم يعملوا لكسب الآخرة، بل عملوا لخسارتها.  

رؤية الآيات:

{فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة : 73]

يقصد بالآيات هنا التي فيها حركة، فيقوم هؤلاء بفعل هو ضرب الجثة بلحم البقرة، فيعاد المقتول للحياة، فهم يرون كل هذا لأنها حركة فهي رؤية. وهم بعد هذا كان يجب أن يقفزوا إلى الرأي والفكرة التي تقول بإمكانية الحياة من جديد بعد الموت.

رؤية المناسك:

{وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا} [البقرة : 128]

طلب إبراهيم وابنه إسماعيل من الله، أن يريهما مناسكهما

فما المناسك؟

يختلف أهل التراث، فيرون أنها المذابح، ويرى آخرون أنها أعمال الحج والعمرة ([2]) ولم ندرس هذا الجذر بعد، وقد يكون قولهم بأنه أعمال الحج معقول ومنطقي، وعلى أي حال فإن المنسك فعل وعمل، لهذا طلبوا رؤيته، وقد تكون الرؤية في المنام فيشاهدون أنفسهم وهم ينسكون هما وقومهما، وقد تكون المناسك مبادئ وقيم وأخلاق، وحينها سيتكون الرؤية معنوية وليس حسية.

الرؤية العذاب:

{وَرَأَوُا الْعَذَابَ} [البقرة : 166]

{ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} [البقرة : 165]

يرى الكافرون مواقع جهنم والجحيم والسعير، وهي في حالة حركة وانفعال، لهذا استخدم الجذر رأي، وليس نظر أو أبصر.

رؤية العدو:

{يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} [آل عمران : 13]

الجيوش عندما تتقابل قبل المعركة، ترى العدو، وتتابع حركته وتحاول أن تحصي عدده، فالعدو في حالة حركة وانفعال. لهذا هم يرونهم، وقال رأي العين أي رؤية حسية مباشرة.

الأحداث القديمة رؤية:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [البقرة : 243]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ} [البقرة : 258]

نلاحظ أنه في أحداث الماضي يقول "ألم تر" بينما في أحداث المستقبل يقول "ولو ترى" وهنا يسرد القرآن المشهد الذي حدث، وفيه حركة وفعل فلهذا هو رؤية وليس ابصار فقط.

ترى للمستقبل:

{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} [الأنعام : 27]

{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ } [الأنعام : 30]

منظر مستقبلي فيه حركة وفعل يتمثل في وقوف الكفار على النار، أو أثناء حسابهم عند ربهم، واستخدم في المستقبل عبارة" ولو ترى" لأن المشهد فيه حركة وفعل.

ترى للحاضر:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ } [النساء : 49]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا} [النساء : 60]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} [النساء : 77]

تزكية النفس فعل، والزعم بالإيمان فعل، وعدم كف اليد فعلٌ، وغيرها من الأفعال القبيحة المذكورة في نصوص كثيرة، هي في حاجة للرؤية وليس النظر أو الابصار لأنها حركة وفعل. ومقصد القرآن الخروج برؤية معنوية وفكرة عن هؤلاء القوم، وأنهم على عكس ما يزعمون، فلا تنخدع بأقوالهم ومزاعمهم، فهنا خرج الرسول من رؤية حسية بصرية، إلى رؤية عقلية مفادها فساد هؤلاء وعدم صدقهم. وهذا أمر في غاية الأهمية في تقوية الرسول على قتالهم.

أرني كيف:

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة : 260]

لا يريد إبراهيم رؤية الله وهو يعمل بيده، يريد أن يرى الفعل نفسه، كيف يقوم الموتى من قبورهم، أي ما هي الأدوات والآليات، فالرؤية هنا حسية

رؤية الغراب:

{لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ} [المائدة : 31]

الغراب هنا يفعل، فقد كان يبحث في الأرض، والغرض هو تعليم قابيل كيف يواري جثة أخيه، وحينها سيستنتج قابيل أنه فعلاً لا يستحق الخلافة وأن هابيل من يستحقها، فقد قفز من رؤية حسية للغراب إلى رؤية معنوية وفكرة أن الغراب أعقل منه. وتقول الدراسات أن الغراب يبحث في الأرض لكي يدس طعامه لكي يعود إليه مرة أخرى، فلعل قابيل رأى هذا الحفر ثم دس الطعام.

الرياء من الرؤية:

{ كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} [البقرة : 264]

الرياء مأخوذ من الرؤية، أي المنافق والكافر ينفق الصدقات لكي يراه الناس وهو يفعل ذلك، فهو في فعل لهذا هم يرونه وليس يبصرونه، وهي تؤدي إلى رؤية معنوية وهي أن هذا المنافق كريم.

رؤية الموت:

{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران : 143]

لقد شاهد الذين آمنوا في معركة أحدٍ كيف أقبلت الخيول عليهم، وكيف السيوف تكاد تلامس رقابهم، فهذه هي الرؤية الحسية، فاستنتجوا فكرة ورؤية معنوية وهي أن الموت قادم لا محالة وهذا ما رأوه كفكرة واستنتاج.

أراكم ما تحبون:

{وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} [آل عمران : 152]

شاهد الصحابة في أحدٍ انتصارهم على قريش، فهم يقبلون وقريش تدبر، لكن حدث عصيان ومخالفة سببت هزيمتهم. فلهذا كانوا يرون الحركة والفعل وهي هروب قريش بداية، فاستنتجوا الرؤية المعنوية وهي الانتصار على الكفار وهي التي تفرحهم.

رؤية إبراهيم:

{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام : 76]

{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } [الأنعام : 75]

{إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأنعام : 74]

إبراهيم ينظر إلى الكوكب، ولأنه في حالة حركة فهو يراه وليس يبصره. أما ملكوت السموات الأرض فقد شاهد إبراهيم أشياء تتحرك وتفعل، فكان يراها، ثم استنتج من ذلك ملكوت السموات والأرض، ولعله شاهد ما يتحكم بالسماء والأرض، الذي هو بيد الله، فهو يرى حسيات في حالة حركة وفعل، ثم يستنتج رؤية معنوية هي ملكوت الله.

أما ضلال قوم إبراهيم، فإن إبراهيم لاحظ سلوكيات وأفعال وتصرفات قوم أبيه آزر، فخرج برأي وفكرة أنهم قومٌ ضالون، أي انطلق من رؤية حسية إلى رؤية معنوية.

رؤية الولاء:

{تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [المائدة : 80]

لا يمكن للرسول إبصار هذا التولي مباشرة، بل يمكن رؤيته بالعقل من خلال تصرفات هؤلاء المنافقين، فالرسول يرى سلوكيات وتصرفات هؤلاء المنافقين، فيستنبط أنهم يوالون الكفار خفية.

نراها في ضلال:

{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يوسف : 30]

نسوة يوسف يرين امرأة العزيز في ضلال مبين، أي يرين سلوكها وهو مراودة فتاها، والذي يستتبع الاستنتاج أنها في ضلال مبين، أي خرجوا من رؤية حسية وهي المراودة إلى رؤية معنوية وهي ضلالها واضح.

رأوا الآيات:

{ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} [يوسف : 35]

الآيات على براءة يوسف والآيات على فساد النسوة، أي السلوكيات فقد وصلتهم الأخبار على سلوكهن وتحرشهن به، فوجدوا خير وسيلة هي معاقبة المظلوم والزج به في السجن، فكانت رؤيتهم بداية حسية، وهي ما شاهدوه من سلوكيات النساء، فجاءت بعدها رؤيتهم المعنوية وهي أن يوسف هو السبب في هذا الفساد، لهذا يجب سجنه.

نراك من المحسنين:

{إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف : 36]

لقد شاهد صاحبي السجن، أن يوسف يبذل لهم ويعطيهم ويساعدهم فلهذا رأيا هذا السلوك، فهي رؤية حسية، فتبعها رؤية معنوية وهي أن يوسف من المحسنين.  

السماء متحركة:

{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا } [الرعد : 2]

قلنا إن السماء هي الغلاف الجوي للأرض، ولأن الغلاف في حالة حركة دائبة، فلهذا قال ترونها ولم يقل تبصرونها، فهذه رؤية حسية واضحة، ويستتبعها رؤية معنوية وهي الإعجاز فالله يرفع السماء بغير عمد ظاهر ومنظور.

يريكم البرق:

{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الرعد : 12]

البرق في حالة فعل وحركة فلهذا يراه البشر ولم يقل يبصرونه.

ترى المجرمين:

{وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} [إبراهيم : 49]

المجرمون يسيرون وهم في أصفادهم وأغلالهم ناحية الحساب أو ناحية جهنم.

رؤية الشركاء:

{وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ} [النحل : 86]

الشركاء هنا ليسوا الأصنام، بل من كانت الأصنام تمثلهم، كالملائكة أو الشياطين وقد أكدت ذلك آيات أخرى.

رؤية الشيطان:

{قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء : 62]

الشيطان يشير إلى سلوك الإنسان وتصرفاته، وأنه مجرد بهيمة، وأنني سوف أقوده "أحتنكن" حيث أريد، فلهذا استخدم الرؤية، وليس الإبصار، لأنه يرى سلوك الإنسان البهيمي فهي رؤية حسية، فيفرض منها فرض هو رؤية معنوية وهو احتقارنا، لهذا قال في آية أخرى

{إِنَّهُۥ يَرَىٰكُمۡ هُوَ وَقَبِيلُهُۥ مِنۡ حَيۡثُ لَا تَرَوۡنَهُمۡۗ }  [الأعراف: 27].

{ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ }  [الأعراف: 12].

فهو يرانا رؤية معنوية مفادها الاحتقار والتقليل من احترامنا، التي نبعت من رؤية حسية لما يراه من سلوكيات وأفعال شاهدها عبر ألوف السنين.

وفي آية السوأة، لا يكتفي هو وقبيله أن يرانا باحتقار بل يريدنا أن نشاركه هذه الرؤية، لأن منظر السوأة سيء وقبيح، وقد كتبنا في السوأة مقالاً سننشره قريباً بإذن الله وبينا فيه أنه المناطق التي شكلها قبيح وتصدر منها رائحة منتنة وهي السبيلين والإبطين، وقد تشمل الفم إذا كان قبيح المنظر لهذا تجد البشر خاصة النساء يغطين فمهن حين الضحك.  

فالشيطان غرضه أن ننزع ملابسنا لنشاهد عيوبنا، وقد أنزل الله لباساً يواري هذه السوأة، لكن تجد البشر يتبعون الشيطان، فإذا شاهدنا السوأة نزلت قيمتنا في أعيننا وهذا هو أعظم ما يريده الشيطان، فإن من احتقر ذاته، فتحت له أبواب الشر كلها، يفعل ما يريد بلا رادع من ضمير، لأنه يرى نفسه حقيراً لا تليق به البطولات والأعمال الطيبة.

أثاثاً ورئياً:

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} [مريم : 74]

لعل المقصد هو المشاهد من مزارع ومياه ومناظر فيها حركة، أو ما نسميه اليوم بالمناظر.

أسمع وأرى:

{قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه : 46]

جل جلاله يراقب فرعون وسلوكه وأفعاله هو وجنوده، فلهذا هو يراهم، لأنهم في حالة حركة وفعل.

رؤية الماضي:

{وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا} [الفرقان : 40]

الرؤية هنا للقرية وهي في ماضيها وحاضرها، أي التعجب كيف كانت وكيف صارت، هذه الرؤية الحسية تؤدي إلى رؤية عقلية مفادها خطورة الظلم والفساد.  

يرى الهدهد:

{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} [النمل : 20]

الهدهد لن يكون صنماً لا يتحرك، بل هو في حركة وفعل، لهذا هو يريد أن يراه لا أن يبصره.

الجبال يوم القيامة:

{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } [النمل : 88]

{لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه : 107]

من خلال الآيات التي سبقت هاتين الآيتين، يتبين أنه يتحدث عن الجبال يوم القيامة وهي في حالة حركة هائلة بسبب تحرك الصفائح من تحتها.

رؤية العمل:

{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [فاطر : 8]

بعد أن شاهد الضال أعماله قيم عمله بأنه حسن، وهذه هي الرؤية العقلية، فقد رأى عمله بعين الحس، ثم استنتج أن عمله حسن، وهذا هو الرؤية المعنوية.

ونكتفي بهذا القدر من الآيات فهي كثيرة.

الخلاصة:

الجذر "رأي" في القرآن هو مشاهدة الأفعال والسلوكيات والتصرفات، بالعين المباشرة، أما الصور الثابتة فهو الإبصار، فإذا خرج الإنسان بفكرة فهذا الرؤية المعنوية أو العقلية، وهي ما نسميه بالاستنتاج، فالأول هو الملاحظة بالعين ثم يليه وضع الفرضيات، فمشاهدة إبراهيم للكوكب السيار هو رؤية حسية مباشرة، بينما استنتاجه أنه أحقر من أن يكون رباً، هو رؤية معنوية، وكذلك الشيطان عندما لاحظ تصرفات الإنسان وأفعاله احتقره ولم يعده شيئاً، فهذا هو رؤيته لنا المعنوية، بينما نحن ننظر إليه بخيفة ورعب، وبعضنا يعبده.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «معجم مقاييس اللغة» (2/ 472): المعجم الاشتقاقي المؤصل (2/ 734)

([2]) «موسوعة التفسير المأثور» (3/ 69):


ali
ali
تعليقات