الشرق والغرب في القرآن المكرم
الشرق في المعاجم:
أشرقت أي طلعت. وكل ما طلع من المشرق فهو
شرق. والمِشرُقة هي موضع القعود للشمس. وأشرقت الشمس أي أضاءت. والشِرق هو الضوء
الذي يدخل من شق الباب. والمِشرِق هو المكان الذي تشرق منه الشمس في رأي العين.
وإشراق الشمس هو أول وقت إضاءتها. وأشرق القوم أي دخلوا في وقت شروق الشمس.
وشرقت الشمس شرقاً أي ضعف ضوءها. وشرق
الدم بالجسم، أي ظهر ولم يسل. وفي الحديث: "كان يخرج يديه في السجود وهما
متفلقتان قد شرق بينهما الدم". وعليهما ثياب مشرقة أي محمرة وهي من شرق إذا
اشتدت حمرته. وأشرقته الصبغ إذا بالغت في حمرته. والشري هو شيء يخرج على الجسد
أحمر كهيئة الدرهم ([1])
الشرق
والمشرق عند المفسرين:
يرى الطبري أن المشرق موضع شروق الشمس أي
طلوعها، وعكسه المغرب الذي تغرب فيه الشمس. ويرون أن تفسير "لله المشرق
والمغرب" هو ما بين قطري الشرق وما بين قطري المغرب. كما لاحظ الطبري أن
الشمس لا تظهر من نفس المكان الذي ظهرت منه حتى يمضي الحول وقد سمى هذا بالشروق،
لهذا كان للشمس مشارق كثيرة ومغارب. ويرى آخرون أن المشرق والمغرب هما ناحيتي
المعمورة. والمشرق عندهم هو موضع الشروق، أما المغرب فهو موضع الغروب. والمشرقين
عندهم هو مشرقي الشتاء والصيف، وكذلك مغربيهما. أما المشارق والمغارب باعتبارها
تشرق في كل يوم من مكان فبذلك لها 365 مشرقاً وكذلك المغرب ([2])
الشرق
جغرافيا:
صار في عُرف الناس أن الشرق هو الأرض
التي يظهر النور فيها بعد الفجر، وهي في اتجاه معلوم عند البشر، وهو في الناحية
التي تطلع فيها الشمس. وقد تبين للناس حالياً أن الشمس تطلع على معظم الأرض
طولياً، فقسم العلماء تلك المناطق إلى خطوط طول، يظهر في كل خط طول، ضوء الشمس من
شمال الأرض وحتى جنوبها في نفس الوقت، وتغيب في نفس الوقت، مثلاً، المدن: بغداد،
الرياض، موسكو، تطلع الشمس في نفس الوقت وتغيب في نفس الوقت.
فقد يكون هذا هو أحد مشارق الأرض،
فالرياض مثلاً، تعتبر شرق جدة، لكنها تعتبر غرب الدمام، لأن الشمس تغيب في الرياض
بالنسبة للدمام، ولكن هي تطلع في الرياض بالنسبة لجدة.
ونلاحظ أن الشمس حينما تطلع -وليس تشرق-
تبث اللون الأحمر على الأرض، فلهذا الأرض هي التي تشرق كما يقول القرآن وليس
الشمس، أي تصبح الأرض مائلة للحمرة بفعل لون الأفق، مثل أن تضيء مصباح أحمر، فكل ما
في الغرفة سيظهر بلون أحمر.
وهذا الضوء كما يتبين لنا حديثاً ليس من
الشمس فالشمس تنشر كافة الألوان السبعة المعروفة، ولونها هو الأبيض، فيقوم الغلاف
الجوي بتشتيت الأزرق ويسمح للأحمر والبرتقالي بالمرور، فتظهر الأرض بلون أحمر
برتقالي، وهذا هو الشروق، أي تحول الأرض للون الأحمر عند طول الشمس.
فالمعاجم كما تبين لنا بالأعلى، تذكر أن
الشرق والأشرق هو اللون الأحمر يقال: "شرق وجه الرجل شرقاً" أي أحمر من
الحياء أو الغضب. وهناك من يسمي الدم بالشرق، لأن لونه أحمر. بينما الغرب هو اللون الداكن فغرب الشيء غرباً
أي أسود، وكذلك الغراب سمي بذلك لسواد لونه.
سؤال: أليست الأرض تحمر مع غروب الشمس؟
نعم الأرض كذلك تحمر مع غروب الشمس
ولفترة أطول بسبب الأتربة والغبار الذي يطيل من مدة الضوء الأحمر، على عكس الصبح
حيث السماء صافية والندى منتشرٌ، فمدة احمرار الأرض قصيرة مقارنة بالغروب، ومع هذا
لا يطلقون على مغيب الشمس اسم إشراق الأرض باللون الأحمر، وقد يكون السبب أن الأرض
في ظلام شديد، فاحمرار الأرض صباحاً يفرح الناس لأنه إيذان بطلوع الشمس وظهور
النشاط، بينما شروق الأرض في المغرب هو إيذان بظهور الظلام، أي أن احمرار الأرض
صباحاً مفرح بينما احمراره في المغيب فهو سكون وكآبة. كذلك إشراق الأرض عند اقتراب المغيب، لا يحدد الوقت بالدقة، فالمشرق
يبين بداية ظهور الشمس بمنتهى الدقة، أما زوال الشمس لا يكون مع ظهور الشفق الأحمر
عند المغيب، بل يكون عند غروب الشمس.
الشرق
والغرب في القرآن:
سيتبين لنا مع هذه الدراسة أن الشروق ليس
طلوع الشمس، بل تلون الأرض باللون الأحمر البرتقالي، فالقرآن لا يقول للشمس قد
أشرقت، بل يقول طلعت، أما الأرض فهي التي تشرق أي يتلون سطحها باللون الأحمر
البرتقالي، كما تبين لنا من الدراسة اللغوية والجغرافية بالأعلى. كذلك سيتبين لنا
أن الغروب ليس جهة، بل هو تلون الأرض باللون الأسود الداكن الرمادي. وسوف نفصل
الآيات لكي تتضح الصورة:
الأرض
تشرق والشمس تطلع:
شرحنا في مفردة طلع، أن الشمس تطلع ولا
تشرق، والقرآن يؤكد أن الذي يشرق هو الأرض
{ وَأَشۡرَقَتِ
ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّـۧنَ
وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ } [الزمر: 69].
شرحنا في تفسير هذه الآية أن الظلام سيحل
في كل الأرض، ظلام دامس، لكن ستشرق الأرض بنور ربها، أي ستضاء الأرض بلون أحمر برتقالي،
وهو نور ربها، وقد يكون نور جاء من السماء، لأن السماء تغلي كالمهل، فهي في حالة
اشتعال، والسماء كما شرحنا هي الغلاف الجوي. وقد يكون الضوء من جهة البراكين
واللابات، فهي في كل مكان، لهذا يأتي الضوء منها. وهناك فرق بين الضوء وبين
السراج، فالضوء خافت وترتاح له العين، وليس كالسراج القوي والمؤذي، فالأرض هي التي
تشرق أي تتلون باللون الأحمر البرتقالي وليس الشمس التي تشرق، فالشمس تطلع فقط.
لا
شرقية ولا غربية:
{ ٱللَّهُ نُورُ
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ مَثَلُ نُورِهِۦ كَمِشۡكَوٰةٖ فِيهَا مِصۡبَاحٌۖ
ٱلۡمِصۡبَاحُ فِي زُجَاجَةٍۖ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوۡكَبٞ دُرِّيّٞ يُوقَدُ
مِن شَجَرَةٖ مُّبَٰرَكَةٖ زَيۡتُونَةٖ لَّا شَرۡقِيَّةٖ وَلَا
غَرۡبِيَّةٖ يَكَادُ زَيۡتُهَا يُضِيٓءُ وَلَوۡ لَمۡ تَمۡسَسۡهُ نَارٞۚ نُّورٌ
عَلَىٰ نُورٖۚ يَهۡدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ
ٱلۡأَمۡثَٰلَ لِلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ } [النور: 35].
|
|
عند البحث في ألوان الزيتون، يتبين لنا
أن هناك العديد منها، فيبدأ ظهوره باللون الأخضر الفاتح، ثم أخضر مائل للصفرة عند
اكتمال حجمه، ثم يدخل في مرحلة متوسطة يكون لونه محمر، أو بنفسجي، أو الوردي، أو
الروز، ثم يدخل في مرحلة النضج الكاملة، ويتحول لونه إلى اللون الأسود أو الداكن،
أو بنفسجي مسود، وهناك زيتون أحمر خمري أو نبيذي، ولكنه نادر، وهو لا يتغير لونه
حتى بعد اكتمال النضج.
وبهذا نتأكد من معنى زيتونية شرقية، وهي
الزيتونة التي تغير لونها إلى الأحمر، فشرق هو تغير لون الشيء إلى الأحمر،
كذلك الغرب هو تغير لون الشيء إلى الأسود.
هل
يوجد زيت زيتون يضئ أكثر من غيره؟
نعم إذا كان مشبعاً بجزئيات الكلوروفيل
" المادة الخضراء" فإذا تعرض الزيت المستخرج منه لأشعة الشمس، ثم وُضع
في مكان مظلم استطاع الناظر رؤية الضوء يصدر منه، فالكلوروفيل يمتص الضوء الأزرق
والأحمر، ويعيد إشعاعه على صورة توهج أخضر فسفوري "الفلورة" ويميل إلى
الاحمرار واللون الذهبي.
ولأن الزيتون المحمر "الشرقي" والمسود
"الغربي" أقل بمادة الكلوروفيل، فإن زيتهما لا يضيء بنور فسفوري أخضر،
وإنما الزيتون الأخضر غير الناضج، فهو الذي يحتوي على الكلوروفيل الذي يتشبع به
الزيت المستخرج منه، فلهذا يضئ بدون أن يتعرض للنار. وكلما نضج الزيتون أي تحول
إلى الاحمرار "الشرقي" أو السواد "الغربي" نقص الكلوروفيل
وزاد الأنثوسيانين.
وبهذا يتضح لنا معنى الزيتونة الشرقية
الغربية، فهي ليست اتجاهات، ولا أماكن، بل تغير اللون، وهذا يتفق مع كل النصوص
التي ذُكر فيها هذان الجذران "شرق، وغرب" فهي تغير ألوان الأشياء إلى
الأحمر "شرقي" أو الأسود "غربي". وهذا يتفق مع المعاجم التي
أكدت أن الشرق لون قريب من الأحمر، كما أن الغرب هو لون قريب من الأسود ومنه الطير
الغراب. لكن اتضح لنا من الدراسة هنا، أنه ليس لون أحمر أو أسود فقط، بل تغير لون
الشيء إلى الأحمر أو الأسود.
لاحظ عزيزي القارئ أنه لا يمكن أن يكون الشرق
والغرب اتجاهين لشجرة الزيتون، فلا يوجد شجرة على الأرض إلا وهي شرقية لأناس
وغربية لآخرين إذا كان معنى شرقية وغربية اتجاهين، فكل شجر الأرض هو شرقي لأناس
وغربي لآخرين. لهذا استحال أن يكون "الشرقية والغربية" اتجاهين، بل هما تغير
إلى اللون الأحمر أو الأسود، كما أكدنا
بالأعلى.
ولا نحسب أن في هذه الآية إعجاز علمي، فالله
ضرب مثلاً من شيء يعرفه الناس، ولكن جهلنا عبر السنين، وتسلط الأعاجم على علوم
الدين جعل الآيات مبهمة بالنسبة لنا.
مكان
شرقياً:
{ وَٱذۡكُرۡ فِي
ٱلۡكِتَٰبِ مَرۡيَمَ إِذِ ٱنتَبَذَتۡ مِنۡ أَهۡلِهَا مَكَانٗا شَرۡقِيّٗا
} [مريم: 16].
بداية نجزم أن تحديد المكان يُقصد به
الرد على أهل الكتاب الذين يزعمون أن عيسى ولد في مذود ([3]) والمذود هو المكان الذي تسكن فيه البهائم، فالمنزل في ذلك الزمن
ينقسم إلى قسمين، قسم بالأعلى ينام فيه البشر ويأكلون، وقسم بالأسفل يوضع فيه طعام
البهائم وفيه ينامون.
لهذا رد عليهم القرآن أن عيسى ذهبت به
أمه مكان شرقياً، وولدت به هناك، ولاحظ أن النص قال انتبذت، لأنها تعلم أن حملها
يجعل منها منبوذة، فهي نبذت نفسها مع حملها إلى مكان آخر سماه القرآن مكان شرقياً.
فما
هو المكان الشرقي؟
ولا يقصد بالمكان الشرقي أي المشرق، فلو
كان الأمر كذلك، لقال النص "المشرق" مباشرة، لكن يقصد مكان في أرض
شرقية، أي مفتوحة وظهر فيها النور، وليس في زريبة مغلقة، فيبدو من خلال النصوص أن الروح
جاء مريم بعد ان احتجبت عن أهلها، فلما حملت خرجت من الحجاب، فاتجهت بعيداً عنهم،
ولم يحدد القرآن الجهة، لكنه في مكان شرقي أي تغير لونه للحمرة والاصفرار، وليس في
زريبة بهائم كما تقول كتب النصارى.
وقد ذهبت مريم منفردة، وليس مع خطيبها
كما تقول مروياهم، ويبدو أنها ذهبت إلى مزرعة ولا نستبعد أن تكون ذات تربة خصبة
حمراء لأنها شرقية أي محمرة اللون، ولهذا رأينها تجلس تحت النخلة فهي في مزرعة،
ولا تقام المزارع إلا في أرض خصبة تتشبع بعنصر الحديد.
مشرقين:
{
فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ مُشۡرِقِينَ } [الحجر: 73].
{
فَأَتۡبَعُوهُم مُّشۡرِقِينَ }
[الشعراء: 60].
مشرقون، لا تعني اتجهوا جهة المشرق، بل
تعني وقت شروق الأرض ووقت طلوع الشمس، وأكدت آيات أخرى أن عذاب قوم لوط كان في
الصبح.
ﵟوَلَقَدۡ
صَبَّحَهُم بُكۡرَةً ﵞ [القمر: 38]
والأرض تشرق في أول الصباح وأبكره كما
نعلم أي تكون حمراء برتقالية، وهو ما حدث مع فرعون فقد جمع جنوده وانطلق وقت
الشروق أي عندما كانت الأرض تشرق أي محمر لونها بنور الشمس المتكسر، لتؤكد عجلة
فرعون للحاق بموسى.
المشرق
والمغرب:
لن نطيل في بحث هذه الجزئية حتى لا نطيل
على القارئ، ولكن تحتاج إلى سبر أغوارها، ولكن نكتفي بالقول أن المشرق والمغرب في
القرآن هما الجهتان المعروفتان لنا، فالمشرق الجهة التي تطلع منها الشمس، والمغرب
هي الجهة التي تزول فيها الشمس.
{تُوَلُّواْ
وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ } [البقرة: 177].
{فَإِنَّ
ٱللَّهَ يَأۡتِي بِٱلشَّمۡسِ مِنَ ٱلۡمَشۡرِقِ فَأۡتِ بِهَا مِنَ
ٱلۡمَغۡرِبِ} [البقرة: 258].
ورغم أن المشرق والمغرب جهتان، فهما في
نفس الوقت أمكنة، وإن كانت نسبية فما هو مشرق بالنسبة لي هو مغرب للطرف الآخر،
وهذا ما تؤكده الآيتان التاليتان:
{ قَالَ رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ
وَمَا بَيۡنَهُمَآۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ }
[الشعراء: 28].
{ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا
وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ } [الصافات: 5].
فهناك مشرق ومغرب وما بينهما، أي هم جهات
ومناطق مكانية، ممتدة من المشرق إلى المغرب وما بينهما من مناطق.
هذا بالنسبة للخط الأفقي، أما الخط
الرأسي فكما جاء في الآية الثانية حيث السماء هي الغلاف الجوي وهو جهة وهو خط رأسي
ينتهي عند الأرض وما بينهما هو منطقة مكانية، فكلها أماكن، ولكن الغلاف الجوي جهة
بالنسبة لمن في الأرض، كذلك الأرض هي الجهة المقابلة لمن في الغلاف الجوي.
الخلاصة أن المشرق هو جهة ومكان، جهة لمن
يعيش في الغرب، ومكان أيضاً لمن يعيش في أي جزء من هذا المشرق. كذلك الغرب هو جهة لمن هو في المشرق وهو مكان
أيضاً، لسكانه.
وهناك مشرقان ومغربان، ومشارق ومغارب،
وهناك مشارق الأرض ومغاربها، فهي وإن كانت جهات فهي أيضاً أماكن، وتحتاج إلى دراسة
لمعرفة ماهيتها.
{ رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ
وَرَبُّ ٱلۡمَغۡرِبَيۡنِ } [الرحمن:
17].
{ فَلَآ
أُقۡسِمُ بِرَبِّ ٱلۡمَشَٰرِقِ وَٱلۡمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ } [المعارج: 40].
الغرب في القرآن المكرم
غرب
في المعاجم:
أصل صحيح. والغرب هو حد الشيء. وغرب
السيف هو حده. واستغرب الرجل أي بالغ في الضحك. والغرب هو الدلو العظيمة. والغربان
من العين هو مقدمها ومؤخرها. وغروب الأسنان هو ماؤها. والغروب هو مجاري العين.
وأتاه سهم غرب، أي لم يدر من رماه به. والغرب هو الراوية. والغرب هو ما انصب من
الماء عند البئر فتغيرت رائحته. والغرب نوع من الشجر. والغرب إناء من ذهب أو فضة.
والغرب ورم في المأق. والغرب عرق يسقى ولا ينقطع. والغربة هو البعد عن الوطن.
وغربت الشمس أي بعدت عن وجه الأرض. وشأو مغرب أي بعيد. وإذا بعدت الكلاب في طلب
الصيد، يقولون: غربت. والغارب هو أعلى الظهر والسنام. والغراب طير معروف. وغرب الفم،
أي كثرة ريقه. والغربي صبغ أحمر ([4])
غرب
في القرآن:
مغرب
الشمس:
{ حَتَّىٰٓ
إِذَا بَلَغَ مَغۡرِبَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَغۡرُبُ فِي عَيۡنٍ حَمِئَةٖ
وَوَجَدَ عِندَهَا قَوۡمٗاۖ قُلۡنَا يَٰذَا ٱلۡقَرۡنَيۡنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ
وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمۡ حُسۡنٗا }
[الكهف: 86].
مغرب الشمس ليس جهة الغروب فقط، بل أيضاً
هو وقت غروبها، كذلك لفظة مطلع الشمس فهو ليس جهة الطلوع، بل وقت الطلوع، فمغرب تأتي
بمنعى جهة الغروب أو تعني وقت الغروب، على حسب المعنى الظاهر، وطبعاً فإن وقت
الغروب هو نفسه جهة الغروب.
غروب
الشمس:
{وَسَبِّحۡ
بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ} [طه: 130].
{وَسَبِّحۡ
بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ
} [ق: 39].
بينا سابقاً أن الطلوع يقابله الغروب،
وطلوع الشمس لم ينسبه للون الشمس، لأن الشمس لا تكون موجودة بالأساس، ثم تظهر فجأة،
فلم يقل أبيضت الشمس، بل بين أنها خرجت واستخدم جذر طلعت، لأنه لم يحدث لها تحول
في اللون بالنسبة لمن يراها، فكل ما في الأمر أنها ظهرت فجأة.
أما غياب الشمس وزوالها فقد استخدم فيها
اللون الأسود وذكر أنها غربت، فلماذا؟
ذلك أنها فعلاً قد غربت أي تحول لونها من
الأبيض إلى اللون الأسود ولهذا قال غربت الشمس، كالغراب الذي تحول من الوردي إلى
اللون الأسود أو مثل الجبال التي تحولت إلى اللون الأسود فذكر أنها غرابيب، كما
سوف نرى.
وبهذا يتبين لنا أن الغروب هو وقت ذهاب
الشمس وحلول الظلام.
{وَتَرَى
ٱلشَّمۡسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَٰوَرُ عَن كَهۡفِهِمۡ ذَاتَ ٱلۡيَمِينِ
وَإِذَا غَرَبَت} [الكهف: 17].
غرابيب
سود:
{ أَلَمۡ تَرَ
أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ ثَمَرَٰتٖ مُّخۡتَلِفًا
أَلۡوَٰنُهَاۚ وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٞ وَحُمۡرٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهَا
وَغَرَابِيبُ سُودٞ } [فاطر: 27].
قد يسأل سائل إذا كان معنى غرب هو التحول
إلى السواد، فلماذا يقول غرابيب سود في هذه الآية المبجلة؟
نرجح أن المقصد هو تحول هذه الجبال إلى
السواد لاحقاً، وهذا ما تؤكده علوم الأرض "الجيولوجيا" فمعظم الجبال
السوداء والحرات هي حمم بركانية بازلتية، والبازلت يكون داكناً ثم يزداد سواداً مع
مرور الوقت. كما أن بعض الصخور ليست سوداء في أصلها، ولكن تحولت مع عوامل التجوية
وهي الأمطار والرياح وضربة الشمس، فصخور الغرانيت تكون فاتحة بداية ثم تتحول للون
الأسود، ويسمى الطلاء الصحراوي.
غراباً:
{ فَبَعَثَ
ٱللَّهُ غُرَابٗا يَبۡحَثُ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُرِيَهُۥ كَيۡفَ يُوَٰرِي
سَوۡءَةَ أَخِيهِۚ قَالَ يَٰوَيۡلَتَىٰٓ أَعَجَزۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِثۡلَ هَٰذَا
ٱلۡغُرَابِ فَأُوَٰرِيَ سَوۡءَةَ أَخِيۖ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلنَّٰدِمِينَ } [المائدة: 31].
نرجح أن غراب أخذ اسمه من لونه، ولم
يتوفر في بيئة العرب إلا الغراب الأسود حتى ضرب به المثل فقالوا: "أسود من
الغراب" واعتبر الغراب الذي بجناحه ريش أبيض بأنه نادر فقالوا: "أعز من
الغراب الأعصم".
ونلاحظ أنه لا توجد في بيئة العرب طيور
سوداء إلا الغراب، نعم توجد نسور سوداء، ولكنها بعيدة في الجبال وقليلة مقارنة
بالغربان، كما يوجد طائر السنونو الأسود، ولكنها طيور مهاجرة، لهذا لم يستحق اسم
غراب من بينها إلا هذا الطائر الذي يعيش معهم طوال الوقت.
وهناك ملاحظة أخرى في الغراب، فهو لا
يولد بهذا اللون، بل يكون لونه وردي أو رمادي باهت، ثم ينتقل إلى لون أغمق فأغمق،
حتى يصل إلى السواد الكامل. والعرب كانت تعرف ذلك فقالوا في الأمثال: "الغراب
لا يسودّ ريشه حتى يكبر" ويقصدون احتياج الأمر لوقت حتى ينضج. ولهذا استحق
هذا الطائر هذا اللقب دون غيره من الطيور، لأنه تحول من لون وردي إلى لون أسود
وهذا معنى الغرب بكل دقة.
ولا
غربية:
{زَيۡتُونَةٖ لَّا
شَرۡقِيَّةٖ وَلَا غَرۡبِيَّةٖ}
[النور: 35].
شرحنا هذه بالأعلى، وبينا أن شرقية هي التي
أصبحت محمرة بنفسجية، أما الغربية فهي التي تحولت إلى السواد وقلنا أن الزيتون يمر
بمراحل هو الخضرة، حيث يمكن استخراج زيت يضيء بينما الشرقية "المحمرة"
وهي المرحلة المتوسطة فزيتها لا يضيء، كذلك الغربية "السوداء" فزيتها لا
يضيء. وبهذا يتبين لنا أن غربية يعني الزيتون المسود أي الذي تسود لونه.
جانب
الغربي:
{ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ
ٱلۡغَرۡبِيِّ إِذۡ قَضَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلۡأَمۡرَ وَمَا كُنتَ مِنَ
ٱلشَّٰهِدِينَ } [القصص: 44].
يرى المفسرون أن المقصد جانب الغربي يقصد
بها بجانب الجبل الغربي، أو المكان الغربي الذي وقع فيه الميقات. ويرى آخرون أن
جانب الغربي هو الوادي أو الطور، وأنه كان في الجهة الغربية من مقام موسى أو
الجانب الغربي منه. والتقدير بجانب المكان الغربي. وذهب بعضهم إلى أن المقصد جانب
غربي الجبل لكن آخرون يرون بأنه جانب الجبل الغربي، ويرى آخرون أنه بجانب الوادي
الغربي، ويرى آخرون أن المقصد غربي الجبل، وغربي الجبل حيث تغرب الشمس. ويرى آخرون
أنه بجانب الغربي من جبل سيناء ([5])
المفردات:
هناك مفردات يجب معرفتها حتى نصل إلى
معنى الغربي:
جانب: يرى أهل المعاجم أنه يعني ناحية أو
بعد ([6]) ولكن عندما درسنا هذا الجذر تبين لنا أنه يعني بجانب الشيء أي ما هو
بجواره، ولكن على يمينه أو يساره وأسفل منه وليس بمحاذاته، فجانب الطور هو شجرة
بجوار الطور أسفل منه وليست بمحاذاته وقد تكون على يمينه أو يساره. وهو ليس أسفل
منه تماماً، بل في منطقة متوسطة كما تكون الكلية في جنب الإنسان وليس عند قدمه أو
رأسه.
شاطئ: تقول المعاجم أن شاطئ الشي هو
جانبيه، والشطأ هو الطرف والساحل هو شاطئ البحر، شطت الدار أي بعدت ([7]) فهل شاطئ هي نفسها جانب كما تقول المعاجم؟
الأمر في غاية البساطة، فإنه استخدم لفظة
جانب عندما تحدث عن الطور "الجبل" لكن هنا تحدث عن الوادي، وعندما تحدث
عن الوادي استخدم لفظة شاطئ، أي النص هنا يقول أن موسى كان عند شاطئ الوادي، عندما
سمع صوتاً يصدر من الشجرة من البقعة المباركة.
الطور: يرون أنه يعني الجبل.
الأيمن: عكس الشمال
آنس: ونرجح أنه لم يكن يشاهد النار
مباشرة، بل كان يشاهد تأثيرها وظلالها، فهي جانب الجبل غير المنظور له ولكن ظهر
أثر الناس في الجهة الأخرى.
ودعنا عزيزي القارئ نحلل النصوص:
كان موسى يتواجد في الواد المقدس طوى،
وأمره المولى بخلع نعاله.
ﵟفَٱخۡلَعۡ
نَعۡلَيۡكَ إِنَّكَ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوٗى ﵞ [طه: 12]
والنداء لم يصدر من الوادي نفسه، بل وصل
الصوت إلى موسى، عندما كان يقف في الوادي.
ﵟإِذۡ
نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوًىﵞ [النازعات: 16]
والنداء جاءه من جانب الطور الأيمن.
ﵟوَنَٰدَيۡنَٰهُ
مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنِ وَقَرَّبۡنَٰهُ نَجِيّٗا ﵞ [مريم: 52]
كان يسير موسى في الوادي هو وأهله، فلاحظ
ضوء النار، فقال لأهله امكثوا مكانكم وسوف آتيكم بالنار.
ﵟءَانَسَ
مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارٗاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِﵞ [القصص: 29]
وبهذا نستخلص إلى أن موسى كان في الوادي
ويحيط بالوادي طوران، والذي يرى أهل التراث أن الطور هو الجبل، وكان موسى يريد
الاتجاه نحو الطور الأيمن لوجود نار تخرج من شجرة فيه، لكن قبل أن يصل إلى النار
جاءه النداء الرباني.
والنص لم يبين ماذا يقصد بالأيمن، هل هو
يمين موسى، فإذا كان المقصد يمين موسى، فيجب أن نعلم أين كان وجهه هل هو ناحية
المشرق أم المغرب؟ أم أن المقصد هو يمين الأرض أو ما نسميه حالياً بالجنوب، فهو
طور جنوبي وبمقابله طور شمالي وبينهما وادي طوى؟ وحتى الشمال والجنوب هما اتجاهان
اعتباطيان اتفق البشر عليهما دون مبدأ وأصول.
والذي يهمنا من كل هذا هو كلامه عن
"الغربي" هل هو اتجاه أم اسم للجبل أو لون الجبل؟
لو كان يقصد اتجاه لقال: "جانب
الطور الغربي" كما قال في "جانب الطور الأيمن"
ﵟقَدۡ
أَنجَيۡنَٰكُم مِّنۡ عَدُوِّكُمۡ وَوَٰعَدۡنَٰكُمۡ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنَ
ﵞ [طه: 80]
لاحظ أن المولى واعد السبعين رجلاً في
نفس المكان
ﵟ وَٱخۡتَارَ
مُوسَىٰ قَوۡمَهُۥ سَبۡعِينَ رَجُلٗا لِّمِيقَٰتِنَاۖ فَلَمَّآ أَخَذَتۡهُمُ
ٱلرَّجۡفَةُ ﵞ [الأعراف: 155]
ويحتاج هذا الجزء من قصة موسى إلى مزيد
من التعمق، وسوف نتفرغ له إذا توفر الوقت، لكن نستخلص التالي:
هناك طوران أيمن وأيسر، بينهما وادي
ونرجح أن الماء يمشي فيه، أو أن المطر قد هطل أثناء سير موسى وأهله، وأنه شاهد على
الجهة اليمنى ناراً، فأمر أهله بالانتظار حتى يقطع الماء ويسير إلى الجهة الأخرى
ليجلب النار، فلعل هذا السبب في عدم أخذ موسى لأهله معه، أو قد يكون بعد المسافة
أو الخشية عليهم من أصحاب النار.
والغربي قد يكون لقب للطور الذي ظهرت في
وسطه النار "جانبه" ونرجح أن لونه مائل للسواد، لهذا ينعته الناس
بالغربي، وبعض الباحثين قالوا إنه جبل اللوز بتبوك، وهذا الجبل مائل للسواد بسبب
الحمم.
لهذا نقول أن الغربي هنا ليس اتجاه، بل قد
يكون اسم للجبل "الطور" وأنه سمي بذلك للونه وليس لموقعه، وقد تكون
النصوص المبجلة تريد أن تقربنا من المكان، أو تصحح كلام أهل التوراة الذين يزعمون
أنه جبل حوريب أو جبل سيناء ([8]) فكثير من نصوص القرآن جاءت لتصحح لهم، فقد يكون هذا السبب في كثرة
ذكر هذه القصة بهذا الشرح والتوجيه.
وقد بحثت عن اسم جبل يطلق عليه الجبل
الأسود أو الغربي فلم أجد إلا في ليبيا، ونستبعد ذلك، ولكن قد يكون القرآن هنا لا
يذكر كنية الجبل أو لقبه الذي لقبه الناس به، بل هو ينعته، أي يبين أن له سمات
ظاهرية وهي السواد، وأنه لون طارئ وجديد، وليس من أصل تكوينه، قد يكون بسبب ضربة
برق عظيمة. ويقابله طور آخر بلون مختلف، أي أن القرآن لا يذكر اسمه الذي تعارف الناس
عليه، بل شكله ولونه الذي هو غربي أي جبل تحول إلى السواد.
وعند البحث في جغرافيا المنطقة نجد في
مكة وادي اسمه طوى، وبئر وبجواره عدة جبال منها جبل لعلع وجبل هندي وجبل السودان
الذي يطل على وادي طوى، فقد تكون قصة موسى قد حدثت هناك، ومكة مقدسة كما نعلم، وقد
مر عليه الرسول أثناء حجه وشرب من ماء بئره، فلا نستبعد أن كثرة الحديث عن قصة
لقاء موسى مع الله، لكي يدرك اليهود العرب قدسية مكة ويتركوا تقديسهم للقدس القبلة
المزعومة المزيفة.
ونستفيد من كل هذا أن الغربي يقصد به
الجبل الذي تغير لونه للسواد، فالله يميزه للناس لكي يصلوا إليه ويعرفوا ذلك
المكان المقدس والذي نرجح أنه بجوار الكعبة.
الخلاصة:
الشرقي في القرآن والغربي ليس اتجاهات،
بل ألوان، وإن أردنا الدقة أكثر هو التحول إلى لون معين، فالشرقي هو تحول الشيء
إلى اللون الأحمر البرتقالي، بينما الغربي فهو التحول إلى اللون الأسود الرمادي،
ولهذا نجد أن الأرض تشرق أي يتغير لونها إلى الأحمر البرتقالي، وأن الغرب هو تغير
اللون إلى السواد، وأن الغراب سمي بذلك لأنه يتغير لونه من الوردي إلى الأسود،
كذلك الطور الغربي، فسمي بذلك للونه الذي تغير إلى السواد. كذلك الزيتون فيه شرقي
أي تحول للون الأحمر، وغربي أي تحول للون الأسود كما هي مراحل نموه ونضجه.
أما المشرق والمغرب، فهما اتجاهان
معروفان، ولكن أيضاً مكانين، فهما اتجاهان لمن كان في الجهة المقابلة وهما مكانان
لمن كان يسكن فيهما كما يذكر القرآن. أما مطلع ومغرب، فهي أوقات طلوع الشمس وأوقات
غروبها.
وأن الطور الغربي قد يكون اسم يطلقه
الناس عليه لسواده، أو قد يكون نعتاً له من القرآن لأنه تحول إلى السواد أثر تعرضه
للكوارث السماوية والأرضية
هذا والله أعلم
علي موسى الزهراني
([1]) «مجمع بحار الأنوار» (3/ 210): المعجم
الاشتقاقي المؤصل (2/ 1134): «المعجم الاشتقاقي المؤصل» (2/ 1120):
([2]) «تفسير الطبري» (2/ 449): «تفسير ابن
كمال باشا» (1/ 296): «التفسير الوسيط - مجمع البحوث» (1/ 179): «تفسير القرآن الكريم
وإعرابه وبيانه - الدرة» (1/ 296): «تفسير القرآن الثري الجامع» (1/ 218):
([5]) «تفسير ابن كمال باشا» (8/ 35): «التفسير
الوسيط - مجمع البحوث» (7/ 1777): «تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه - الدرة»
(7/ 70): «موسوعة التفسير المأثور» (17/ 132): «بيان النظم في القرآن الكريم» (3/
263):
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك