أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

البث في القرآن المكرم


 

البث في القرآن المكرم

بثث في المعاجم:

بث الخبر أي نشره. وأبثثتك سري أي أظهرته لك. وتمر بث إذا لم يكن مكنوزاً، أي متفرقاَ. والبحث الحال الحزن.  وبث الخيل في الغارة. وبث الصياد كلابه. وانبث الجراد في الأرض أي انتشر. وبثثت التراب أي كشفت ما تحته ([1])

البث في القرآن:

ورد البث في القرآن تسع مرات، والمعنى كما يبدو واضح وقد اتفقت المعاجم مع القرآن إلا قليلاً سوف نوضحها هنا، فبث ليس الانتشار كما نزعم، بل هو التفرق بلا نظام ولا قانون، على عكس الانتشار المنتظم، وسوف نثبت أن البث هو الانتشار العشوائي بإذن الله

الفراش المبثوث:

{يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} [القارعة : 4]

الناس يوم القيامة بعد خروجهم من القبور سيكونون كالفراش المبثوث أي المبعثر، بلا نظام ولا قانون، فإن بدأت الساعة وهي الزلازل والبراكين، يبدؤون في الانتظام والسير كما يسير الجراد، فهو ليس بث، بل انتشار، ووجهتهم نحو المحشر.

بث الدواب بعد المطر:

{وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ } [البقرة : 164]

{ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [لقمان : 10]

{ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} [الشورى : 29]

بعد هطول المطر وانتعاش الأرض وخضرتها، تنبث الدواب أي تنتشر بلا انتظام، كلٌ له وجهته، وهذا نلاحظه في حركة الدواب خاصة بعد انتعاش الأرض، فهي تتحرك بعشوائية. وفي آية الشورى يؤكد أن البث هو الانتشار لأنه ذكر عكسها وهو الجمع، فالبث هو الانتشار العشوائي ثم يحدث الجمع المنظم يوم القيامة.  

بث البشر:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء : 1]

خلقنا المولى من نفس واحدة بالاشتراك مع زوجها، ثم بث البشر في كل مكان، وهذا ما نراه فهم ينتشرون بعشوائية في الأرض.

البث والحزن:

{قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف : 86]

البث والحزن الذي أصاب يعقوب شيء داخلي في النفس، والحزن معروف، ولكن البث هو شتات النفس وتبعثرها نتيجة الوسوسة.

الجبال منبثة:

{فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} [الواقعة : 6]

الجبال تتحول أولاً إلى هباء أي تراب وغبار، ثم تنبث، أي تتفرق بعشوائية.

الزرابي مبثوثة:

{وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية : 16]

يرون أن الزرابي هي السجاد، ستكون منثورة، ولا نعتقد أن السجاد سيكون منثوراً، لأن ذلك يعني أنه منشور بعشوائية، وهذا لا يليق بالسجاد حيث الانتظام يعطيه منظراً أجمل، وتقول كتب المعاجم أن الزرب هو مسيل الماء، ونرجح هذا المعنى، فقد ذكرت العيون بكثرة في الجنة وربما الزرب أقل من العين في السيلان وقد تكون النوافير، وهي مبثوثة بطريقة عشوائية في شوارعهم وحدائقهم ومنازلهم.  

البث آية:

{وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [الجاثية : 4]

ويبدو أن البث أي الانتشار العشوائي آية من آيات الله، أي ما نسميه معجزة مبهرة للنفس البشرية، فهناك قانون كبير خلف هذه العشوائية.

الخلاصة:

البث هو الانتشار العشوائي عند النظر، له قوانينه التي لا نعلمها، وهو يطلق على كل ما هو قابل للحركة ويكون جمعاً ثم يتفرق بثاً، أي بعشوائية.

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) «الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية» (1/ 273): المعجم الاشتقاقي المؤصل (1/ 71)

ali
ali
تعليقات