الزبانية في القرآن المكرم
زبانية
في المعاجم وكتب اللغة:
زبانية على وزن فعاللة أو فعالية، وهو
جمع تكسير، وقيل أن مفرده هو زبّان وقيل بل زبّاني، وقيل، بل هي جمع على وزن غير
قياسي أي لا مفرد له، من أوزان جموع الكثرة، مثل كلمة أبابيل التي لا مفرد لها.
وهناك جموع قريبة صوتياً من زبانية، مثل: غوالية التي مفردها غالية، وعبادلة التي
مفردها عبدالله، وكذلك صحارية وسحاحبة. وزبانية من جموع التكسير الشاذة التي ليس
لها قياس
والمزابنة هي بيع التمر في رأس النخل. وللرسول
نهي عن المزابنة، لأن فيه مجازفة. والزبن
هو دفع الشيء عن الشيء، كالناقة تزبن ولدها عن ضرعها برجلها تمنعه من الرضاعة.
والحرب تزبن الناس إذا صدمتهم. وحرب زبون وزبنه أي منعه. وزبنت الرجل أي دفعته.
وتزابن القوم إذا تدافعوا. وزبانية مشتق من هذا. وفلان لذو زبونة أي ذو دفع.
والزبن هو البعد. وأخذ زبنه من المال أي حاجته. والزبون هو المشتري
الدائم من تاجر واحد. ويطلق على المشتري كلمة الزبون ([1])
وسمي المشتري بالزبون لأحد
سببين، لأنه يتدافع من أجل الشراء أو لأن المشتري يدفع المال مقابل السلعة فصار
اسم فاعل منه زبون.
وقيل بل هي كلمة ذات أصل سرياني فزبون عندهم تعني مشتري (من كلمة ܙܳܒܽܘܢܳܐ التي تعني المشتري) فالكلمة السريانية ܙܳܒܽܘܢܳܐ تُنطق تقريبًا "زاڤونا" أو "زابونا".
زبانية
في القرآن:
لم يرد هذا الجذر إلا مرة واحدة في سورة
العلق، ولكي نفهم المعنى وجب أن نفهم السورة، ومن أراد شرحاً مفصلاً فليرجع إلى
تفسير السورة في الموقع.
ونختصر
هنا فنقول:
إن الرسول بدأ بالصلاة والتي لا تعني
الطقوس والصلاة الحركية، بل تعني الدعوة للدين الجديد وذلك بالاتصال بالناس
وهدايتهم. قابل ذلك رفض شديد من رجالات قريش. ولأن قريش عقلاء ولا يستخدمون القوة
ضد خصومهم، بل العقل والحكمة، فإن أحدهم هدد الرسول بقطع علاقته التجارية مع
الرسول، هو وأهل النادي الذي يتزعمه، وإن قطع العلاقة التجارية مع كبار التجار
كارثة، فلن يشتروا منه ولا يبيعوا، وإذا ذهبوا بقافلة تجارية فلن يحملوا بضاعته
ولن يحملوا إليه البضائع.
وقد تكرر هذا التطمين في عدة سور
ﵟإِنَّآ
أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ 1 فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ 2 إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ
ٱلۡأَبۡتَرُﵞ [الكوثر: 1-3]
ﵟمَا وَدَّعَكَ
رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ 3 وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ 4 وَلَسَوۡفَ
يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓﵞ [الضحى: 3-5]
فالله يقول في سورة العلق أنه الأكرم،
فلن يخشى الرسول الفقر، وهنا في الكوثر يقول له أنه أعطاه الكوثر أي الشيء الكثير
الذي لا ينتهي، وأن شانئه هو الأبتر أي هو من سوف يخسر في التجارة، وفي سورة العلق
يبين أن عدوه صاحب النادي سيفشل بسبب الزبانية الذين دعاهم الله.
وكثير من السور تتحدث عن قلق الرسول من
الفقر والفاقة، لأنه كان يعيل كثير من النساء والأيتام والذي تؤكده سورة الشرح
وَوَضَعۡنَا عَنكَ وِزۡرَكَ
٢ ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ ٣
تقول خديجة عن ذلك الوزر الذي حمله
الرسول:
"ووالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث،
وتؤدي الأمانة، وتحمل الكل وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"([2])
والتاريخ يحكي قصة المقاطعة التي تعرض
لها عشير من قريش بسبب دعوة الرسول، ونحن إذ لا نصدق تلك القصة بتفاصيلها، ولكن
حتماً قد حدثت للرسول وللمؤمنين الأوائل، ولم تحدث لعشيرة الرسول وهم بني هاشم
وبني عبد المطلب، فقد كان كثير منهم معادياً للرسول والدين الجديد، وإنما حدثت المقاطعة
على الرسول والمؤمنين، وهذا ما تؤكده الآيات
فمن
هم الزبانية؟
بعد هذه المقدمة من الآيات والروايات،
نقول وبكل ثقة أن الزبانية هم ما نسميهم اليوم بالزبائن، وهذا تؤيده المعاجم، فمفرده
الزبون، الذي يتدافع مع الآخرين لشراء السلعة، وهذا ما سوف يحدث لتجارة الرسول،
التي هدد هذا القرشي بكسادها ومقاطعتها، فحتى لو اجتمع نادي التجار واتفقوا على
المقاطعة، فلن يفلحوا، فإن الله سيدعو الزبانية، ومن يستطيع إلا يستجيب طوعاً،
لدعوة الله الخفية العجيبة؟
لقد استجاب العامة والتجار لهذه الدعوة،
فلم تفلح المقاطعة، ولم يذكر المولى أن الرسول تعرض للضنك، بل توقف الحديث عن هذا
الأمر في بقية السور الكريمة، وذلك حسب علمنا المحدود.
الخلاصة:
الزبانية هم الزبائن والذي هو جمع زبون،
وهو المشتري الذي يتدافع مع الآخرين لشراء السلعة، فقد هدد الكفار بمقاطعة الرسول،
فهي أسهل طريقة لإسكات الرسول دون العنف، فرد عليهم المولى أنه سيدعو الزبائن فلن
تكسد بضاعة النبي، وقد تكرر ذكر هذا القلق عند الرسول في سورة الضحى وسورة الكوثر،
وجاءت في سورة العلق وبينت الكيفية التي ستكثر بها أموال الرسول وهو تدافع التجار
حول دكانه، فالزبانية جمع زبون، وهو المندفع والمزاحم لشراء السلع.
هذا والله أعلم
علي موسى الزهراني
هل لديك نظرة أخرى
أطرحها هنا كي نستفيد من علمك