العبرة والعبور في القرآن المكرم

 





العبرة والعبور في القرآن المكرم

عبر لغة:

أصل واحد يدل على النفوذ والمضي في الشيء، يقال: عبرت النهر عبوراً. وناقة عبر أسفار، أي لايزال يسافر عليها.  يقول ابن سيرين: إني اعتبر الحديث. أي يعبر الرؤيا على الحديث. وعبرتها تعبيراً أي أولتها وفسرتها. والعابر الناظر إلى الشيء. والمعتبر المستدل بالشيء على الشيء. وفسروا (إن في ذلك لعبرة) أي دليلاً. والعبير نوع من الطيب وعند أهل الجاهلية هو الزعفران. واستعبر أي خرجت دموعه. وعبرة الدمع أي جريه  ([1]) 

 

 العبرة والعبور في القرآن

العبرة هي الدليل العقلي والروحي على قوة وعظمة الله وقدرته، فنحن من خلال الآيات الكونية والآيات التاريخية، يتبين لنا أسماء الله الحسنى، كالقوة والعظمة، والقدرة وغيرها من صفاته عز وجل.

أو أن العبرة هي العبور العقلي من ظاهرة أو حدث، إلى حقيقة أخرى وهي قدرة وعظمة الخالق، وهيمنته على الكون والطبيعة والبشر.

والحقيقة أن الحياة كلها عبرة، فهي مدهشة وغريبة، تؤكد لنا أن وراءها صانع متقن ومدبر ومخطط، لكن هناك أشياء وأحداث تكون عبرة أكثر من غيرها، مثل: تحول الرفث والدم إلى حليب مغذي ومفيد. ومثل تقلب الليل والنهار، في حركة دائمة أبدية. وفي قصص الأنبياء العجيبة والمعجزة. وفي انتصار الجيش الضعيف على الجيش القوي بإذن الله. وفي القضاء على الجبارين الفاجرين، وهكذا.

أما تعبير الأحلام، فهو العبور من الرمزية والطلاسم التي في الرؤيا إلى حقيقتها وما ستؤول إليه.

{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [آل عمران : 13]

{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف : 43]

{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف : 111]

{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل : 66]

{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [المؤمنون : 21]

{يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [النور: 44]

{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2]

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [النازعات : 26]

هذا والله أعلم

علي موسى الزهراني



([1]) مقاييس اللغة (4/ 207): الغريبين في القرآن والحديث (4/ 1219): مجمع بحار الأنوار (3/ 507): المعجم الاشتقاقي المؤصل (3/ 1394)  


تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -